< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

33/01/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ ماء المطر \ الأدلة
 قال المصنف: (وماء الغيث نازلا كالنابع )

 أي ماء المطر حكمه حكم الماء النابع لا ينجس بالملاقاة
 قال في الحدائق: ( الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في أن ماء المطر في الجملة حال تقاطره كالجاري ) [1]
 وقال في المدارك: ( ما اختاره المصنف رحمه الله من عدم نجاسة ماء الغيث حال تقاطره إلا بتغيره بالنجاسة مذهب أكثر الأصحاب ).
 وقال في الجواهر: ( المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا شهرة عظيمة كما في اللوامع بل عن الروض نسبته إلى عامتهم عدا الشيخ بل في المصابيح بعد نسبته إلى فتوى الأصحاب أنه لم يثبت مخالف ناص ).
  ونسب إلى الشيخ الطوسي اعتبار الجريان الفعلي من الميزاب في عدم انفعال ماء المطر.
  قال في التهذيب والاستبصار: ( ماء المطر إذا جرى من الميزاب فحكمه حكم الماء الجاري لا ينجسه إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته ) [2]
 ونسب إلى ابن حمزة اعتبار الجريان الفعلي في اعتصام ماء المطر. والظاهر أن ذكر الميزاب في كلام الشيخ إنما هو على جهة التمثيل. فيتحد حينئذ مع ما نسب إلى ابن حمزة ويحتمل أن مسمى الجريان كما في غسل البدن أي مجرد الانتقال من مكان إلى مكان كما هو مختار الفاضل الأصبهاني، ويحتمل إرادتهما من الجريان هو الأعم من الفعل والقوة كما إذا كان كثيرا أي وصل إلى حد الجريان.
 وعن الأردبيلي اعتبار الجريان حقيقة أو حكما. وحكى الشهيد الثاني عن بعض السادة المعاصرين الاكتفاء في التطهر بالقطرة والقطرتين من المطر.
  قال في الروض بعد نقله: ( وليس ببعيد ولكن العمل على خلافه ).
  واستظهر الفاضل الأصفهاني في كشف اللثام من عبارة العلامة في القواعد أن ماء المطر حال تقاطره كالجاري. أنه كما يشترط في اعتصام الجاري الكرية يشترط ذلك أيضا في ماء المطر، ولكنه صرح في التذكرة والتحرير والمنتهى ونهاية الأحكام بعدم اشتراط الكرية في اعتصام ماء المطر. وبالجملة فإن الأقوال في المسألة متعددة. والمشهور بينهم كما عرفت هو أن ماء المطر لا ينجس في حالة وقوعه سواء جرى من الميزاب أو على وجه الأرض أم لا بل لا يطهر كل ما يصيبه على تقدير قابلية المحل.
 إذا عرفت ذلك فنذكر أولا: أدلة المشهور ثم أدلة من ذهب إلى اعتبار الجريان، ومن خلالهما يتضح لك حال بقية الأقوال ثم نذكر بعض التنبيهات المهمة.
 أدلة المشهور
 استدل للمشهور بعدة أدلة
 الدليل الأول: الشهرة الفتوائية بل في المصابيح لم يثبت مخالف ناص.
  وفيه:
  أولا: أنه لم تثبت الشهرة عند المتقدمين وأما شهرة المتاخرين فلا اعتداد بها.
 وثانيا: قد ذكرنا في علم الأصول أن ما استدل به لاعتبار الشهرة عند المتقدمين لم يكتب له التوفيق وعليه فلم يثبت كل من الصغرى والكبرى.
 الدليل الثاني: مرسلة الكاهلي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قلت: ( يسيل علي من ماء المطر أرى فيه التغير وأرى فيه آثار القذر فتقطر القطرات علي وينتضح علي منه والبيت يتوضأ على سطحه فيكف على ثيابنا؟ قال: ما بذا بأس لا تغسله. كل شيء رآه ماء المطر فقد طهر ) [3] .
  فقد دلت على عدم انفعاله وعلى مطهريته لك ما يصيبه.
 وقد استشكل فيها من حيث السند والدلالة.
 أما من جهة السند: فبالإرسال وأما القول: إن عمل المشهور جابر لضعف السند فقد عرفت في أكثر من مناسبة عدم ثبوت ذلك، مضافا إلى عدم ثبوت الصغرى إذ لم يحرز استناد المشهور إليها ومجرد ذكرهم لها في كتبهم لا يكفي في الاستناد، لا سيما مع وجود الأدلة الأخرى.
 وأما من حيث الدلالة: فقد يقال: إن قوله عليه السلام: " كل شيء يراه... الخ" غير ظاهر في الاعتصام لأن المطهر به أعم منه، ومن هنا حكم المشهور بنجاسة ماء الغسالة مع حكمهم بطهارة المحل بها.
 وفيه: أن هذا الكلام إنما يتم على القول بنجاسة ماء الغسالة التي يتعقبها طهارة المحل وأما على القول بطهارة ماء الغسالة كما ذهب إليه بعض الأعلام فلا يتم هذا الإشكال، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق القول في المسألة. ثم إن المراد بالتغير الوارد في المرسلة هو التغير الحاصل من جريان الماء على الأرض المشتملة على القذر لا تغيره بأوصاف النجاسة من اللون والطعم والرائحة، وإلا لكان نجسا ولا يقبل التطهير بإصابة المطر له إلا بعد زوال وصف النجاسة.
 وقد استشكل أيضا في دلالة المرسلة على تطهير الماء النجس بإصابة المطر له حتى لو قلنا بعدم اعتبار الامتزاج.
 ووجه الإشكال: عدم صدق رؤية ماء المطر له إلا باستيعابه تماما وهذا متعذر بالنسبة للتقاطر إذ لا يمكن أن يصل إلى جميع أجزاء الماء
 والإنصاف أن هذا الإشكال ليس بوارد لا لما قيل من أن ماء المطر كالجاري فهو بعد اتصاله بالماء النجس إما أن يطهر النجس أو ينجس الطاهر أو يبقى كل على حكمه، لا سبيل إلى الثالث إذ ليس لنا ماء واحد بعضه طاهر وبعضه نجس، كما لا سبيل لسابقه بعد فرض كونه كالجاري فلم يبق غلا الأول فيطهر حينئذ أول جزء منه ثم يطهر الباقي في زمان واحد إذ يرد عليه ما تقدم من أنه لا دليل لقاعدة ليس لنا ماء واحد بعضه طاهر وبعضه نجس ولا تسالم الأعلام وهو دليل لبي يقتصر فيه على القدر المتيقن وهو ما لو حصل الامتزاج بين الأجزاء دون غيره. والوجه في عدم ورود هذا الإشكال هو ما تقدم من دلالة صحيحة ابن بزيع الواردة في ماء البئر الدالة بوضوح على كفاية مجرد الاتصال بالمادة في التطهير ولو مع عدم حصول الامتزاج وموردها وإن كان ماء البئر إلا أنه عممناها لغيره للتعليل الوارد فيها كما تقدم وستأتي أيضا إن شاء الله تعالى.
 ومن جملة الإشكالات الوارد على المرسلة أنها لا تشمل صورة عدم الجريان لأن قوله يسيل علي من ماء المطر ظاهر في صورة جريان ماء المطر. وهذا الإشكال أيضا غير وارد لأن المورد لا يخصص الوارد في الذيل والذي هو جواب الإمام عليه السلام : " كل شيء يراه ماء المطر فقد طهر يشمل صورة عدم الجريان وقد كرنا في أكثر من مناسبة أنه لا يشترط أن يتطابق الجواب مع السؤال. والخلاصة إلى هنا أنه لولا ضعف السند لكان التمسك بالرواية سليما


[1] - الحدائق ج 1 ص 215
[2] - التهذيب ج 1 ص 411
[3] الوسائل، باب 6 من أبواب الماء المطلق، ح5

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo