< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

32/11/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطهارة \ طهارة الماء القليل المتمم كرا \الأدلة \
 لا زال الكلام في مفهوم الكر من الماء، قلنا أن الرأي المشهور أن الكر المساحتي ما كان كل من طوله وعرضه وعمقه ثلاثة أشبار ونصف وقلنا أن هذا القول لم يكتب له التوفيق.
 أما القول الثاني وهو المختار عندنا ما كان مكسره سبعة وعشرون شبرا وهو قول القميين وقلنا أن الدليل عليه لا بأس به.
 أما القول الثالث وهو ما ذهب إليه ابن الجنيد وهو أن الكر مئة شبر.
 إنصافا لم أجد لهذا القول دليل أو مستند، وإنما حكي ذلك عن ابن الجنيد والغريب في الأمر أنه يقول بأن الكر الوزني ألف ومائتا رطل، فهناك تفاوت شديد بين ما ذهب إليه من الكر المساحتي وزنا وبين الألف ومائتا رطل.
 القول الرابع:
  ما ذهب إليه الراوندي رحمه الله أنه عشرة أشبار ونصف أي ما كان مجموعه عشرة أشبار ونصف.
 واستدلوا عليه بموثقة أبي بصير المتقدمة، لكنهم اعتبروا أن " في " جاءت في الرواية بمعنى " مع ".
 قال أبو بصير: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الكر من الماء كم يكون قدره؟ قال: إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصف في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه في الأرض فذلك هو الكر.
 فاعتبروا أن المراد من " في مثله " الجمع لا الضرب فيكون المجموع هو عشرة أشبار ونصف.
 وهذا الكلام يرد عليه إشكالات عديدة، لأنه لو كان الكر ما كان مجموعه عشرة أشبار ونصف فكيف لنا أن نستخرج المساحة لأن التقديرات ستكون مختلفة.
 فمثلا لو كان الطول ثلاثة أشبار والعرض كذلك والعمق أربعة ونصف، فالمساحة تكون حينئذ ثلاثة في ثلاثة يساوي تسعة في أربعة ونصف يساوي أربعون ونصف.
 أما إذا فرضنا صورة أخرى فكان طوله ستة وعرضه أربعة وعمقه نصف شبر فتكون المساحة إثنا عشر مترا.
 ولو كان الطول تسعة والعرض شبر وعمقه نصف شبر تكون المساحة أربعة أشبار ونصف.
 ولو فرضنا الطول عشرة أشبار وكل من العرض والعمق ربع شبر، فستكون المساحة حينئذ نصف شبر وثمن.
 إذا فمساحة الكر ستتغير حينئذ من فرض لآخر بشكل كبير جدا، وبالتالي يكون الكلام مجملا ولم نقف على المراد من هذا التحديد لمقدار الكر.
 وبناء على هذا لا يمكن القبول بهذا القول.
 القول الخامس:
  وهو الذي جاء به صاحب المدارك رحمه الله ومال إليه المحقق في المعتبر فهو أن الكر ثلاثة وثلاثون شبرا ومستندهم في ذلك صحيحة إسماعيل بان جابر المتقدمة: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الماء الذي لا ينجسه شيء ما هو؟ قال: ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته .
 قلنا أن الذراع شبران متعارفان فيكون العمق أربعة أشبار في ذراع وشبر سعته ( نحنا قلنا أنه يراد بالسعة هنا القطر) أما صاحب المدارك فقال أن المقصود بالسعة العرض وليس القطر، وإذا كان العرض ثلاثة أشبار ونصف فلا بد حينئذ أن لا يقل الطول عن ثلاثة أشبار ونصف فتكون المساحة ستة وثلاثون شبرا.
 نحن أشكلنا على هذه الرواية بإشكال آخر غير الذي ذكره جماعة وهو إعراض المشهور عنها (لأن المشهور لم يأخذ بستة وثلاثين شبرا بل ذهب إلى أن الكر اثنين وأربعين شبرا وثمن الشبر)، و إعراض المشهور عندهم يوجب ردها، الذي أشكلنا عليه بأنه أولا لم نحرز المشهور أعرض عنها، وثانيا بأن إعراض المشهور لا يوجب ضعفها.
 ولذلك قلنا بأن هذه الرواية صحيحة ولا غبار عليها، ولكننا فهمنا من السعة في الرواية القطر وليس العرض لأن الآبار يومئذ مدورة وبالتالي ليس فيه عرض وطول وإنما جميع جهاته متساوية. وإذا كان الأمر كذلك تكون المساحة سبعة وعشرين شبرا.
 ولذا اعتبرنا أن هذه الرواية دليل على القول بأن الكر سبعة وعشرون شبرا، وقد بينا أنه حينما يذكر السعة أو العرض إنما يراد به القطر وليس العرض.
 القول السادس:
  و الأخير هو قول الشلمغاني الذي يقول أن تحديد الكر يكون من وضع حجر في وسط الماء فإذا تحرك الجنبان فليس بكر وإن تحركا فهو الكر.
 ولكن هذه القاعدة لا يمكن الاعتماد عليها، لأنك قد تضع حجرا كبيرا في وسط الماء فيتحرك الجنبان ولو كان الماء أكثر من كر، وقد تضع حجرا صغيرا بهدوء في ماء هو أقل من الكر ولا يتحرك جنباه ، فهذه القاعدة غير منضبطة وتختلف باختلاف الظروف، ولذلك فهذا القول قول ضعيف.
 بعد ما تقدم يبقى لدينا القول الثاني وهو قول ابن طاووس رحمه الله وهو العمل بكل ما روي وحقيقة الأمر أن هذا القول يؤدي إلى طرح كل ما روي وليس العمل بكل ما روي.
 في نهاية البحث حول الكر يبقى عندنا كيفية التوفيق بين الكر الوزني والكر المساحتي!
 قلنا أن الكر الوزني يساوي ألف ومائتا رطل عراقي، والرطل يساوي ثلث كيلو، فيكون الكر الوزني أربعمائة كيلو.
 وعليه فبناء على ما ذهب إليه ابن الجنيد من أن الكر المساحتي مئة شبر فلا يمكن التوفيق.
 أما على مبنى المشهور وهو أن الكر اثنان وأربعون شبرا وثمن وعنده الوزني ألف ومائتا رطل في العراقي فأيضا لا يمكن التوفيق بينهما.
 كذلك بين قول القميين أن المساحتي سبعة وعشرون شبرا والوزني ألف ومائتا رطل مدني لا يمكن التوفيق.
 وعليه كيف يمكن التوفيق؟ هنا زلة الأقدام نعوذ بالله منها، مثلا صاحب الجواهر رحمه الله، وما أدراك ما صاحب الجواهر؟ فكتابه إلى اليوم لا مثيل له وهو عالم جليل فقد حصل عنده شيء هنا لا أريد ذكره لأن الشبهة تستحكم أحيانا.
 لكن نقول أنه لا بد من التصرف بأدلة أحد الدليلين إما أدلة الكر الوزني أو الكر المساحتي!
 فإذا قلنا أن الكر المساحتي دائما أكثر من الكر الوزني فحينئذ نعتبر أن الأساس في الميزان هو الوزن وتصبح حينئذ الأشبار علامة على الكر، فأي التقادير سبعة وعشرون أو ستة وثلاثون أو غيرها اوجد الوزن يكون كرا، لأننا حينئذ لم نجعل الأشبار حد في الكر وإنما علامة عليه.
 أما إذا قلنا " وهو الذي اخترناه" أن الكر سبعة وعشرون شبرا وأن الكر الوزني قد يكون أكثر من المساحتي فعندها يقع الإشكال، فلا بد حينها من تعيين الكر بما حصل أولا كما جاء في رواية أبان، فإن الوزن إن حصل أولا ثبت الكر وإن حصل المساحتي أولا ثبت الكر وهذا لا مانع شرعي منه، وبناء عليه تلتئم الأقوال والروايات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo