< قائمة الدروس

درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

36/05/02

بسم الله الرحمن الرحیم



موضوع: الجهة الرابعة: في استعمال المشترکِ اللفظي في الکتاب والسنّة، وعدمِه.
قال في الکفاية: « استعمال المشترك في القرآن ليس بمحال، كما تُوُهِّم لأجل لزوم التطويل بلا طائل مع الاتكال على القرائن، والاجمال في المقال لو لا الاتكال عليها؛ وكلاهما غيرلائق بكلامه تعالى جل شانه. وذلك لعدم لزوم التطويل، فيما كان الاتكال على حال، أو مقال اُتي به لغرض آخر[فتکون مؤونة زائدة في قبال معني زائد]؛ ومنعِ كون الاجمال غير لائق بكلامه تعالى مع كونه مما يتعلق به الغرض، والاّ لما وقع المشتبه في كلامه، وقد اخبر في كتابه الكريم بوقوعه فيه؛ قال الله تعالى: «هُوَ الَّذي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذينَ في‌ قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْويلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْويلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ»[1] بعض الاعاظم من المعاصرين توهّم انّ مراد المحقق الخراساني من الاستشهاد بوقوع المشتبه في القرآن بيان نموذج للاشتراک فيه، لا رفع الاستبعاد عن التطويل الحائز لغرض يتعلّق به!، علي ما قرّره المقرّر. ولکن الحقّ انّ معني المتشابه معرکة للآراء ولم يقل احد بکونه للاشتراک اللفظي.(الميزان: ج، ص)؛ وتشخيص المراد من معان لغوية مختلفة للفظ لايحتاج الي الرّاسخية في العلم.
والحقّ انّه ورد في القرآن مشترکات کثيرة بلاريب فيه. کما انّه قد اراد سبحانه اکثر من معني في استعمال واحد، فقال: «ألم تر أنّ الله يسجُد له مَن في السموات ومَن في الأرض والشمسُ والقمرُ والنجومُ والجبالُ والشّجرُ والدوابُّ وكثيرٌ من الناس»[2]. وان کان يمکن ان يراد من السجود معنى جامعاً هناک کالخضوع مثلاً وما الي ذلک.
روي مقاتل بن سليمان في مفتتح کتابه في وجوه القرآن، اَنّه قال رسول الله(ص): «لايکُونُ الرّجلُ فَقيهاً کُلَّ الفقهِ حتّي يري للقرآنِ وُجوهاً کثيرةً» وروي ابن سعد عن عِکرِمة عن ابن عباس انّه لمّا ارسله علي(ع) الي الخوارج وصّاه بان يحاجّهم بالسنّة لا بالقرآن، فقال(ع): «إذهبْ إليهم وخاصِمهُم ولاتُحاجّهم بالقرآنِ، فانّه ذووجوه».
يوجد في علوم القرآن علم يسمّي بمعرفة الوجوه والنظائر او الاشباه والنظائر، وهو يحاول بيان استعمالات الکلمات القرآنية، اعمّ من ان يکون الاستعمال حقيقياً مشترکاً لفظياً او مشترکاً معنوياً، اوا ستعمالاً مجازياً، او استعارياً، او کنائياً؛ و صُنّف في ذلک العلم کثير من الكتب والرسائل، فمنها کتاب «وجوه القرآن» لمقاتل بن سليمان، وهو الذي قام بترجمته بالفارِسية وتتميمه ابوالفضل جُبَيش بن ابراهيم التِفليسي (انتشارات حکمت)، وهو يقرب من 400 صفحة، يشتمل علي مايناهز 270 لفظةٌ ذات وجوه؛ ومنها کتاب «الوجوه والنظائر» للشيخ ابي عبدالله حسين بن محمد الدامغاني (انتشارات دانشگاه تبريز)؛ وهو يقرب من 900 صفحة، يشتمل علي560 ونَيف کلمة ذات وجوه، التي تبلغ وجوه بعضها الي قريب من عشرين معني او استعمال؛ کما خصّص بعضهم فصلاً من کتابه بمعرفة الوجوه والنظائر، کابن قتيبة(متوفي276 هق) في کتابه «تاويل مشکل القرٱن»(ص347 ـ 351، تحت عنوان باب اللفظ الواحد للمعاني المختلفة)، وکابي الفرج ابن جوزي (متوفي 597 هق)،في کتابه المسمي بالمدهش (ص10)، وکالسيوطي في کتابه الاتقان في علوم القرآن (الفصل التاسع والثلاثون)؛ وللسيوطي رسالة مستقلّة مخصّصة بمعرفة المشترکات القرآنية، سمّاه بـ«معترک الأقران في مشترک القرآن»؛ الي غير ذلک مما اُلِّف في الباب، فلينظر. کما انّ المفسّرين ايضاً عرضوا لشرح وجوه معاني کلمات القرآن في تضاعيف تفاسيرهم، مثل ما جاء في «کشف الاسرار وعدّة الابرار» لابي الفضل رشيد الدين ميبدي بالفارسية، ذيل آية «ثمَّ إنّ ربّکَ للذين عمِلوا السّوءَ بجهالة» من بيان احد عشر وجهاً لکلمة «السّوء».
قال في الاتقان: الوجوه تطلق علي اللفظ المشترک الذي استعمل في معان مختلفة کلفظة اُمّة، والنظائر عبارة عن الالفاظ المتواطئة.
فلمّا ثبت الاشتراک في القرآن الحکيم، فالامر في السنّة الشَّريفة اسهل واخفّ، لانّها اخته وزميلته.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo