< قائمة الدروس

درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/11/24

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: ت) الاتجاه الرّمزي [Symbolic Approach]
کما مرّ: تؤدّي في عصرنا الحاضر، العواملُ التالية إلى تكوين نظريات الاعتقاد بعدم واقعيةِ لغة الدين وبمجازيّتها:
أ.خلوُّ بعض المفاهيم الدينيّة الموجودة لدى الدّين الرائج في الغرب، كالتثليث والتجسُّد وغيرها، من أيّ معنى أو دليل. ب. التهافت الداخلي لبعض النصوص المرتبطة بالأديان القديمة والتي هي من صنع الإنسان، أو تلك المحرّفة.
ج.تعارضُ ادّعاءات بعض النصوص المحرّفة مع العلم.
د. الاعتقاد بدينيّة الأساطير والأديان الوضعية، والمشتملة أحياناً على اللغة الرمزية.
ه. سيطرةُ النزعة الحسّيّة والوضعية المقنّعة من جانب، وعدم إمكان الاستدلال التجريبي على بعض المفاهيم الدينية من جانب آخر، وفي النتيجة اختزالُ الدّين في الغرب المعاصر بنوعٍ من التجربة الباطنية الشخصية.
وقد أثّرت في العالم الاسلاميّ أيضاً بعضُ العوامل في طرح الرؤى المعتقدة بالمجازية، ومنها:
1. وجود بعض التمثيلات والتشبيهات في الآيات والروايات.
2. عدمُ القدرة على إدراك معاني بعض المقولات, أو صعوبة ذلك, كمقولة حضور الحق في كلِّ مكان:
«ولله المشرق والمغرب فأينما تُولّوا فثمَّ وجه الله إن الله واسع عليم».[1]
ومقولةِ حوار الله مع الملائكة, وخلقةِ آدم وخلافته:
«وإذ قال ربُّك للملائكة إنّي جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يُفسد فيها ويسفكُ الدماء ونحن نسبِّحُ بحمدك ونقدِّس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون».[2]
«وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين».[3]
ومقولةِ عرض الأمانة على الإنسان:
«إنّا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسانُ إنه كان ظلوماً جهولاً».[4]
ومقولةِ عالم الذرّ والميثاق:
«وإذا أخذ ربُّكَ من بني آدم من ظهورهم ذُرّيتهم وأشهدهم على أنفسهم ألستُ بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنّا عن هذا غافلين».[5]
3. تعطيلُ الاجتهاد ومنعُ العقل من التدخّل في عملية فهم الدِّين من قِبل بعض الفرق الإسلامية، كأهل الحديث عند السنّة والأخباريين عند الشيعة.
4. ظهورُ وانتشار التصوّف والنزعة الباطنية بين المسلمين.
النقد الاجمالي لاتّجاه رمزيّـة لغة الدّين ومجازيتها
1. الاعتقاد بمجازية النصوص الدينية وعدم واقعيتها سيُسقطها عن الحجية ويفقدها قيمتها الاستدلالية. وهذا مساوٍ للغوية إنزال الكتب وإرسال الرُّسل.
2. لا تَصْدُقُ أساساً أسباب كالأول والثاني والثالث بوصفها مناشئ لتكوين الاعتقاد بنظريات عدم الواقعية فيما يرتبطُ بالنصوص المقدّسة للإسلام، وطرحها ضمن العالم الإسلامي في غير محلّه.
3. بعضُ الاستدلالات لقبول الاعتقاد بالرمزية ناشئ من الإدراك الخاطئ للمفاهيم الفلسفية (كالخلط بين المصداق والمفهوم في توهّم عدم جواز إطلاق لفظ «الوجود» على الله بنفس المعنى الذي يُطلق فيه على المخلوقات، للزوم الاتحاد بين الخالق والمخلوق في المرتبة!).
4. لا دليل معقولٌ لتعميم هوية لغة الأساطير والأديان الوضعية على دين مُنزَلٍ وغير محرّفٍ كالإسلام.
5. لا يحتمل دينٌ كالإسلام يملكُ نصَّاً منزلاً و عقلانياً، ويهدف إلى تحقيق الهداية, تحويل الدّين إلى تجربة دينية أو إلى نزعةٍ إيمانية محضة.
6. إنّ وجود بعض الأمثال أو المتشابهات، بل وعددٍ قليلٍ من المقولات التي لا تقبل الفهم في النصوص الدينية, ليس دليلاً مقبولا يكفي لتعميم وضعها و الحكم بعدم واقعية لغة كامل الدّين والنصوص الدينية.
7. تؤيد الأدلة العقلية والعلمية واقعية الكثير من المقولات المستنبطة من الظواهر الدينية، كما وتنفي تجربةُ المتديّنينَ في الالتزام بالتعاليم الدينية المستقاة من الظواهر, رمزيةَ عباراتِ النصوص المقدّسة. مثلاً، لقد جرّب المسلمون مراراً الأثر الذي تتركه جملة: «ادعوني استجب لكم».[6] الإنشائية.
ث)الاتجاه النخبوي [Elitist Approach].
يرى البعض أنّ لغة القرآن مثلاً ليست من سنخ الأنواع المعروفة، بل هي «لغة خاصّة». والبعض الآخر تصوّروا أنّ لغة القرآن هي «لغة تلفيقية», قد استخدَمت للوصول إلى مقاصدها أساليب لغويةً متنوعة.
منشأ تصورات كهذه يعود إلى اشتمال لغة القرآن على بِنية خاصة «فو ـ بشرية»، وأحياناً إلى استفادته عند الضرورة من سائر البنى والسياقات اللغوية.
ينبغي الالتفات إلى أنّ مِلاك تصنيف اللغات هو الوجهُ الغالبُ لبنية اللغة، والوجه الغالب للغة القرآن هو ذو طابع عقلائي، وفي لغة العقلاء المتعارفة يُستفادُ أحياناً من الرمز أو لغة العرف الخاص والصناعات الأدبية وغیرها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo