< قائمة الدروس

درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/06/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: 1ـ علاميّة التّبادر.

قال المحقق الخراساني(قده) في الکفاية، ملمِحاً إلی معنی علامة التّبادر، وشرطه، ودوره في تشخيص المعنی الموضوع له، ودليل أماريّته : «لا يخفى أن تبادر المعنى من اللفظ، وانسباقه إلى الذهن من نفسه ـ وبلا قرينة ـ علامة كونه حقيقة فيه؛ بداهة إنّه لولا وضعه له، لما تبادر».[1]
وزاد توضيحاً: بأنّ هذا فيما لو عُلم استناد الإنسباق إلى نفس اللفظ، وأمّا فيما احتمل استناده إلى قرينة، فلا يجدي أصالة عدم القرينة في إحراز كون الاستناد إليه، لا إليها ـ كما قيل (1) ـ لعدم الدليل على اعتبارها إلّا في إحراز المراد، لا الإستناد.(کفاية الأصول:ص18، تحقيق مؤسسة آل البيت(ع) لإحياءالتراث)
وقال صدر الشهداء السيّد محمدباقر الصدر(قده) في البحوث‌ (بحوث‌ في‌ علم‌الأصول: ج 1، ص163): و تقريب علاميته للمعنى الموضوع له: أنّ إنسباق المعنى إلى الذهن من اللفظ له علّتان: الوضع و القرينة، فمع عدم القرينة يَكشِف الإنسباق كشفاً إنّياً عن الوضع.
و قد أورد علی التبادر إيرادات، منها الدور: وتقريره أنّ التبادر يتوقّف على العلم بالوضع فلو نشأ العلم من التبادر للزم الدّور.
وقد أجيب عن هذا الإشکال بوجوه:
منها ما قاله المحقّق الخراساني(قده)، من أنّه «الموقوف عليه غير الموقوف عليه»، ثمً وضّحه بأنّ العلم التفصيلي ـ بكونه موضوعاً له ـ موقوف على التبادر، وهو موقوف على العلم الإِجمالي الإرتكازي به، لا التفصيلي، فلا دور. وزاد عليه بأنّ هذا إذا كان المراد به التبادر عند المستعلم، وأمّا إذا كان المراد به التبادر عند أهل المحاورة، فالتغاير أوضح من أن يخفى.
ويلاحظ عليه:
أولاً: بأنّ العلم الإجمالي، کما قيل(حواشي‌المشكيني:ج1،ص 127ـ 126) يطلق علی ثلاثة معان: الأوّل: العلم الحاصل بالشي‌ء في ضمن عنوان عامّ، نظير العلم الحاصل بالنتيجة في ضمن كبرى القياس. والثاني: ما أصطلح عليه في الأصول، و هو ما كان متعلّقه مردّدا بين أمرين فصاعداً، قبال العلم التفصيليّ المتعلّق بأمر معيّن. والثالث: العلم الإرتكازي، وهو الذي لايکون موردَ الإلتفات، قبال ما يکون کذلک فيطلق عليه التفصيلي ويراد منه العلم بالعلم. و المراد في المقام، هو القسم الأخير.
وإن کان لامشاحّة في الإصطلاح ولکن وقعت في البحث مسامحة بل سهوٌ، لأنّ وجودَ الإلتفات وفقدَه غيرُ العلم بالوضع، بل الإلتفات هو عبارة عن العلم بالعلم، فمتعلّق الوجدان والفقدان ـ وهو العلم بالوضع ـ واحد.
وثانياً: إن لم يکن المستمع مطّلعاً علی الوضع لم يتبادر المعنی الموضوعُ له إلی ذهنه قطّ، وإن کان مطلعاً، ولو اجمالًا وارتکازاً، لايکون محتاجاً إلی امارة لإحرازه أو اثباته أصلاً!
ثالثاً: والحقّ أنّ کشف المعنی الحقيقي لايتوقّف علی العلم بالوضع التعييني أو التعيّني وتبادرِه حسْب؛ بل الکشف يحصل من الإرتکاز الحاصل من إستعمال اهل اللغة غالباً. لأنّه اوّلاً: الناس ليسوا بمطّلعين علی الوضع بصورة عامة، ثانياً: کثيرا ما لايتبادر المعني الحقيقي رغم تحقق الوضع، کما هو الحال في اوائل وقوعه، وکما هو کذلک في شأن المعاني المختلفة للمشترک اللفظي؛ فتشخيص المعني الحقيقي لايتوقف علی التبادر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo