< قائمة الدروس

درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/06/16

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: الرأي المختار وهو العلاميّة:

منهجة البحث في مسئلة حقيقة الإستعمال:
بما أنّ البحث في ما نحن فيه ليس هو حول المعنی اللغوي أو الإصطلاحي للإستعمال، بل البحث هناک يجري حول تبيين حقيقة «ظاهرة الإستعمال» في الواقع والخارج کماهي؛ فالصحيح بل الأصحّ تعيين منهجة البحث المناسبة له، قبل الخوض فيها، وإستخدام هذه المنهجة في تبيين حقيقة هذه الظاهرة؛ فلهذا نقول:
أوّلاً: ينبغي تحليل مسيرة و مکانکية التفاهم اللفظي، و تبيين حلقات سلسلة المسائل المرتبطة به کلها؛ ثم تسمية کل حلقة أو مرحلة اساس باسمٍ يناسبها، حتی يتبين مقام الإستعمال و ماهيته ويتميز هو عن غيره، من خلاله؛ لأنّه قدوقع هناک الخلط بين حقيقة الإستعمال و غيرها عند البعض، کما ألمحنا إليه في نقدنا للقول بالمرآتيّة.
ثانياً: الإستدلال علی إبطال ما هو الباطل من النظريّات .
وثالثاً: إحقاق ما هو الحقّ هيهنا.
فنقول:
أ) تتشکّل مسيرة و مکانکيّة التّفاهم اللفظي من مراحل مختلفة، أهمها کما يأتي: 1. «وقوعُ التصورِ اللبدويّ للمعنی» وتبادره عند المتکلّم بإلتفاتٍ منه، 2. «قصدُ إبرازه» وإنتقالهِ إلی الغير، 3. «تصوّر اللفظ المناسب له» من بين سائر الألفاظ وانتخابهُ من جانب المتکلم، 4. «استخدامُ اللفظ المنتخب» وإلقائُه إلی المخاطب کآلة لإنتقال المعنی المتصوَّر، 5. «إلتفاتِ السامع» الی اللفظ، 6. تلقّيه ووقوع «التصور الذهني» عنده، 7. و بأخرة: «انتقال السّامع الی مراد المتکلم» ووقوع التفهّم؛ وهذه هي مسيرة التّفاهم اللفظي ومراحله، والحقّ أنّ الإستعمال هو المرحلة الرابعة منها وهذه هي حقيقته.
ب) لقد مرّ الإستدلال علي إبطال مسلکَي المرآتيّة والإيجاديّة بما لامزيد عليه فلانعيده.
ت) و أمّا أدلّة القول المختار و هو العلاميّة، فنقول:
الأوّل: کما مرّ: مسيرة التّفاهم اللفظي تتشکّل من مراحل مختلفة؛ والمرحلة الرّابعة من هذه المراحل ـ وهي استخدام اللفظ کعلامة للمعنی ـ تعدّ هي حقيقة الإستعمال في الحقيقة؛ وهي تستلزم الإلتفات والتوجه إلی اللفظ کما يستلزم في نفس الوقت الإلتفات إلی المعني إيضاً؛ لأنّهما تُعدّان طرفي عمليّة الإستعمال الرکنيّين فلاتتأتّي الإستعمال من دون لحاظهما؛ فليس الإستعمال إفنائاً للّفظ في المعنی؛ ولا أثر هناک من الوجود اللفظي أصلاً أيضاً، وإن کان استماع اللفظ يوجب وقوع تصور المعنی في ذهن السامع، ولکن ليس هذا هو الوجود اللفظي للشيئ، بل هذا هو الوجود الذهني له.
الثّاني: يجوز تبديل اللفظ مکان سائر العلائم و بالعکس؛ کما أنّ السنّة عندنا ينقسم إلی القولي والفعلي ويعدّ القسمان عِدلان في الدلاليّة والحجيّة، ولاشک في علاميّة الفعل وکذلک التقرير في الدلالة علی تشريع الله المقدس.
الثّالث: الأنظار الثلاثة المذکورة ليست بمانعة الجمع، فليس کلّ منها قسيما وخصيماً لغيره، حتّی تعدّ کل منها مسلکاً مستقلاً في عرض الآخر.
الرّابع: الإستعمال في الحقيقة تحقيق للوضع وتحقق لغايته کما مرّ، والوضع کيفما کان و ما کان، يعدّ نوعاً من تعيين العلامة حسْب، و يتّضح هذا من المرور علی الآراء في مسئلة حقيقة الوضع و مکانکيته و أنواعه، ولم يقل أحد بکون الوضع تمهيداً للإفناء أو الإيجاد، فراجع وتأمّل.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo