< قائمة الدروس

درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/05/08

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: معنى الفعل، وما يكون المايز بينه وبين الإسم والحرف، عند النائيني(قدّ)، ومختارنا فيه.

قال(قدّ) عقيب مانقلناه عنه : «ثمّ إنّ الهيئات اللاحقة لمبدء الإشتقاق، منها ما يكون مفادّها معنى إفراديّاً استقلاليّاً لا يحتاج في تحصّله الى ضمّ نسبة تركيبيّة، وذلك كالأسماء المشتقّة كضارب ومضروب، وما شابه ذلك، فانّ لكلّ منها معنى إفرادياً استقلاليّاً متحصّلاً بهويّةِ ذاته بلا ضمّ نسبة، على ما هو الحقّ من بساطة معاني الأسماء المشتقة. فللضّارب معنى متحصّل إفرادي اسمي، والتلفّظ به موجب لإخطار ذلك المعنى في الذهن، ومن هنا صار مُعرَباً يقبل الحركاتِ الإعرابيّة، إذ لو كان مفادّ هيأته معنى حرفيّاً لكان مبنيّاً ولم يقبل الحركات الإعرابيّة، كما هو الشأن في هيئات الأفعال، حيث كان مفادّها معنىً حرفيّا، ولأجل ذلك صارت مبنيّة. وليس مفاد هيأة ضارب نسبة تركيبيّه، حتى يكون معنى ضارب هو ذات ثبت لها الضرب، كما زعم مَن يقول: بانّ المشتقات مركّبة. ومنها: ما يكون مفادّها معنى حرفيّاً نسبيّاً، وذلك كهيئات الأفعال من الماضي و المضارع والأمر، فانّ هيئاتِها تفيد معنى نسبياً، أعني انتساب المبدء الى الذات؛ فهيئات الأفعال تُغاير هيئات الأسماء، حيث كان مفادّ هيئاتِ الأفعال النسبة، و هيئات الأسماء معرّاة عن النّسبه.
وحاصل الكلام: انّ تثليث الأقسام، انّما هو لأجل أنّ للفعل حقيقة ثالثة غير حقيقة الإسم والحرف، فانّ مفادّ الفعل وإن كان اخطارياً، الّا انّه اخطار نسبة تركيبيّة بين المبدء والفاعل. وهذا بخلاف مفاد الأسماء، فانّ مفادّها معان إفرادية استقلالية، ومفاد الحروف ايجادية، على ما عرفت.
اقول:
اوّلاً: لقائل أن يقول: بشهادة موارد النقض وهي کثيرة، لاربط بين تلبّس اللفظِ المعني الحرفيّ أوالإسمي وبين بنائه وإعرابه؛ لأنّ الأفعالَ مثلاً رغم أنّها تشتمل علی معنی حرفي ـ علی ما أذعن ـ بعضها مبنیّ کالماضي وأخراها معرب کالمضارع، وهل الأوّل حرفيٌ والثّاني إسميٌ؟، و أنّ المعرَب منها ليس معرباً مطلقاً!؛ کما أنّه توجَد هناک أسماءٌ مبنيّة مطلقاً.
وثانياً: وکما مرّ: الحروف أيضاً توجب اخطار المعنی ببال السّامع عند اطلاقها کالإسم والفعل، ولافرق من هذه الجهة بين الثلاثة في الجملة، بل يخطر من لفظة «من» مثلاً معنی الإبتداء، و من هيأة «يضرب» حدوث فعل الضّرب في الحال أو المستقبل، بل تدلّ ايضاً علی صدوره من مفرد مذکّر؛ وتلک وجدانيّة .
ثم بدء(قدّ) بشرح الفِقرة الثالثة من الخبر وهي «وَالفعلُ ما اَنبأ عَن حركةِ المسمّى»، فقال: والّذى يقتضيه النّظر الدّقيق، هو أن يقال: إنّ المراد من الحركة هو الحركة من القوّة الى الفعل، لا بمعنى الحركة من العدم الى الوجود ؛ بل المراد الحركة في عالم المفهوميّة، حيث اَنّ المبدء خرج عن اللاتحصّليّه وتحرَّكَ من القوّة الى التحصّلية والفعليّة، فالمراد من المسمّى هو مبدء الإشتقاق، والفعل بجملته يُظهِر ويُنبِأ عن حركة ذلك المسمّى من القوّة الى الفعليّة، حيث كان غير متحصّل فصار بواسطة هيئة الفعل متحصّلاً.
اقول:
اوّلاً: إنّ الحرکة هنا بمعنی «التغيّر»، وهو حيثما کان امر خارجي لامفهومي.
و ثانياً: إنّ المراد من المسمّی هو الذّات التي يحدُث التغيّر بها، أو فيها ؛ وما يُخرج الفعل عن القوّة ويحصّله هو فاعله لا هيأة المضارع مثلاً.
وثالثاً: سلّمنا، لکن کيف يُتصوَّر ايجاب التحصّل بواسطة الهيأة الأمريّة، فأنّها إنشائيّة فلايُنبِئ عن الحدث والحرکة اصلاً؟ بل يُبرز ما في نفس المتکلّم من طلب الحدوث والتغيّر.
فذلکة في المختار :
کما قلنا کراراً: الغاية القصوی فی النشاطات اللفظية کلِّها هی التفاهم، أی «إفادة المعنی المراد» من جانب المتکلم، و«إستفادتُه» من ناحية المستمع، باستثمار من العلاقة الدّلاليّة الموجودة بين الّلفظ والمعنی .
فالألفاظ الموضوعة کلُّها أدواتٌ لإبراِز ما في ذُکْر المتکلّم وأراد إبرازه والإنباء عنه؛ فيُعلن باستعمالها التغيّرَ والحرکةَ الّذی حدث في مامضی، أو يحدُث الآن أو في المستقبل، أو يُطلب حدوثه، في عالم الوجود علی موجود. فيعبَّر عمّا هو يُبرِز موضوع التغيّر والحرکة ويُنبئ عنه بالإسم فهو مسمّیً، و عمّا هو يُبرِز التّغير والحرکة بالفعل، و عمّا هو غيرهما بالحروف.
قال المحقق الخراسانی(قدّ): لو قلنا بدلالة الفعل على الزّمان، لزم أن يكون إسناد الفعل إلى المجردات مجازاً؛ و لکنّا نظنّ أنّ مثل: «كانَ اَللّهُ عَلِيماً حَكِيماً» مجاز، و مثل «ضرَبَ غداً» و «يَضربُ أمس» مشتمل على التناقض.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo