< قائمة الدروس

درس فلسفة الأصول - الأستاذ رشاد

35/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: فرع: في الموصولات:

عن الامام الصادق عليه‌السلام: «مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا أَثْبَتَ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فِي قَلْبِهِ وَ أَنْطَقَ بِهَا لِسَانَهُ وَ بَصَّرَهُ عُيُوبَ الدُّنْيَا دَاءَهَا وَ دَوَاءَهَا وَ أَخْرَجَهُ مِنَ الدُّنْيَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَامِ»[1]؛
قال في التحريرات:
و أما الموصولات
[1] فقال صاحب «المقالات»: «إنها موضوعة لمعان مبهمة مقترنة بما يفرض صلة لها.
[2] و اختار بعض سادة أساتيذنا في «نهاية الأصول»: «أنّ جميع المبهمات قد وضعت بإزاء الإشارة ليوجد بسببها الإشارة إلى أمور متعيَّنة في حد ذاتها، إمّا تعيناً خارجيّا، كما في الأغلب، أو ذِكريّـا كما في ضمير الغائب، أو وصفيّا كما في الموصولات، حيث إنه يُشار بها إلى ما يصدق عليه مضمون الصلة» انتهى.
[3] و اختار الوالد المحقق - مدّ ظلّه - بعد ذكر ذلك: «أنّ هنا إحتمالا آخر ربما يصعب تصوُّره، و لا يبعد أن يكون هو المتبادر منها عند إطلاقها، و هو أن يقال: إنّها موضوعة لإيجاد الإشارة إلى مبهم يتوقع رفع إبهامه بحيث يكون عملها أمرين، أحدهما: أصل الإشارة، و ثانيهما: إفهام المشار إليه المتوقع للتوصيف، فيكون معنى «الّذي» و «التي» معنى مبهماً مشاراً إليه بإيجاد الإشارة إليه. هذا في غير «مَن» و «ما» و «أي» و أما فيها فالظاهر أنها أسماء وضعت لعناوين مبهمة، و الأمر سهل» انتهى
و الّذي هو التحقيق بعد المراجعة إلى النّظر الدّقيق: هو أنّ الموصولات مختلفة:
فمنها: ما اشرب فيها الإشارة، و لكنها ليست لمجرد الإشارة، بل هي موضوعة للإشارة إلى المفروض، قبال الإشارة إلى الموجود الحاضر، أو الإشارة إلى الموجود الغائب، من غير كون القيدين داخلين كما تقُرّر؛ فقوله: الَّذِي هو يُطعِمُني«»فيه إشارة إلى موجود فرضي، إلا أن هذا قد يكون مطابقا للواقع، كما في المثال المذكور، و قد يكون فرضيا صرفا، كقوله: «الّذي يحاربني لم تلده أمّه»، و قد يكون فرضيا متوقع الوجود، كقوله: الذِي يقرِض اللَّهَ قَرضَا حَسَنا«»و مرادفه بالفارسية (آن كسى كه)
و منها: ما يكون مفادها المعنى الإسمي المبهم، و لا إشارة فيها بوجه، مثل قوله: «من ردّ عبدي...» و قوله: «رفع... ما لا يعلمون»«»فإن المفهوم منه معنى كلي قابل للصدق على الكثيرين، و لا يصدق إلا على ما يصدق عليه الصلة. و مرادفه بالفارسية (چيز كه) أو (كسى كه).
فعليه إطلاق القولين الأولين ممنوع، و ما أفاده بعنوان الاحتمال هو الأوفق بالصواب.
فبالجملة: الموصولات تفارق الضمائر و الإشارات، فإن منها ما يكون مفاده المركب من معنى حرفي، و معنى اسمي، كـ«الّذي» و «التي».
و منها: ما يكون مفاده معنى اسميا مبهما مرتفعا إبهامه بما بعده، و الضمائر و الإشارات مشتركة معها في الإبهام، و ارتفاع الإبهام بما بعدها في اللفظ، أو بالقرائن الأخر.
و لكن الّذي يورث إشكالا: هو أن كلمة «الّذي» و «التي» من البسائط، فكيف يعقل كونها موضوعة للمعنيين اللذين أحدهما الموضوع له فيه خاص، و الآخر عام؟
اللهم إلا أن يقال: بتركّبها كما في الفارسية فإن كلمة (آن) و كلمة (كسى كه) مركبة، فيتعدد الوضع.
أو يقال: بأن الموضوع له خاص، كما اختاره الوالد المحقق مستدلا بالتبادر.
أو يقال: بأن الموضوع له عام، كما هو المختار. بل قد عرفت أن المعاني الحرفية في وعاء الوضع معان اسمية، و في وعاء الإستعمال مصاديق حرفية، فتلك المعاني في وعاء غير مختلفة، و فيما هي المختلفة فهو الخارج عن باب الوضع و علقة الدلالة.
هذا كله بناء على كون كلمة «الّذي» مرادفا لكلمة (آن كسى كه) في الفارسية، و إلا فهو كغيره من الموصولات، فلاحِظ و تدبَّر جيداً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo