< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الأصول

41/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم


ال

موضوع:
التعارض/ التخصص و الورود / أحكام الحكومة (الحكم الثاني: سريان الإجمال من الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم)

 

أحكام الحكومة :

الحكم الثاني : ذكر جماعة من المتأخرين أنّه إذا كان الدليل الحاكم مجملاً فهل يسري إجماله إلى الدليل المحكوم ، فلا يعمل به في موارد الإجمال أم لا ؟ بل يقتصر في الخروج عنه على المتيقن الذي يكون الحاكم حجة فيه ، كما هو الحال في إجمال الخاص بالإضافة إلى العام ؟

ذكر المحقق الصدر (ره) أنّ الإجمال يسري فيما لو كان الدليل الحاكم متصلاً بالدليل المحكوم كابتلاء المخصص المتصل بذلك من حيث تأثيره على ما اتصل به وسريان الإجمال منه إليه ، والسبب في ذلك كلّه أنّ تقديم الدليل الحاكم يكون بملاك القرينية . بينما ذكر المحقق الحكيم الثاني (دام ظلّه) أنّ سريان الإجمال من الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم تختلف من موردٍ إلى آخر ، وبيان ذلك كالتالي :
أنّ الدليل الحكام له حالتان :

الحالة الأولى : أن يكون الدليل الحاكم متصلاً بالدليل المحكوم فلا ريب في سريان الإجمال من الدليل الحاكم إلى المحكوم ؛ لأنّه بذلك يمنع من انعقاد ظهور الدليل المحكوم في موارد الإجمال فلا يكون حجة فيه بلا إشكال ، كما هو الحال في إجمال الخاص المتصل ، وبهذا يتوافق السيد الحكيم مع السيد الصدر في هذا المورد .

الحالة الثانية : أن يكون الدليل الحاكم منفصلاً ، بمعنى أنّ الدليل المحكوم ينعقد ظهوره في مقتضاه ، ثمّ يأتي الدليل الحاكم المجمل ، ففي هذه الحالة توجد صور :

الصورة الأولى : أن يكون مقتضى الدليل الحاكم إنقلاب ظهور المحكوم إلى ما يقتضيه تعيّن الدليل الحاكم ويدلّ عليه ، فهنا يتعيّن سريان الإجمال إلى الدليل المحكوم ؛ لعدم حجية الدليل المحكوم في ما هو ظاهر فيه بدواً .

وتفصيل الكلام :أنّ نظر الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم له طريقان :

الأول : أن يكون الدليل الحاكم محدداً لظهور الدليل المحكوم ، كما في قول (ع) : " وليس بين الوالد وولده ربا "[1] ، فإنّه يهدف إلى تحديد ظهور الدليل المحكوم ، وهو ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾[2] في غير ما يدلّ عليه الدليل الحاكم ويقتضيه .

والثاني : أن يكون الدليل الحاكم موجباً لانقلاب ظهور الدليل المحكوم إلى ما يدلّ عليه هو ، وهذا الانقلاب مرّةً بلحاظ الحكم وأخرى بلحاظ الموضوع .

ومثال الأول: قوله تعالى : ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ﴾[3] بناءً على ظهور صيغة افعل في الوجوب ، فإذا جاء ما يدلّ على إرادة الإباحة لوقوعه عقيب الحظر ، فهذا يوجب انقلاب ظهور (فاصطادوا) من الوجوب إلى الإباحة ، ويطلق عليه الانقلاب الخكمي .

ومثال الثاني: أن يكون موضوع الحكم التطهير بالنار ، وجاء ما يدلّ على أنّ مطهرية النار إذا أدّت إلى استحالة المحترق إلى حقيقةٍ أخرى ، فيعلم أنّ المراد بالنار المطهّرة ليست النار بما هي كذلك ، بل الاستحالة ، وهذا الانقلاب الموضوعي .

وفي كلتا صورتي الانقلاب الظهوري ، سواء كان انقلاباً حكمياً أو انقلاباً موضوعياً فإجمال الدليل الحاكم يسري إلى الدليل المحكوم ؛ لعدم حجيته للدليل المحكوم فيما هو ظاهرٌ فيه باعتبار أنّ الدليل الحاكم قرينة على بيان المراد من الدليل المحكوم .

الصورة الثانية : أن يكون مقتضى الدليل الحاكم مقتضى الدليل الحاكم هو التفكيك بين مراتب الظهور في مرحلة المراد الجدّي، كما هو الحال بين العام والخاص ، فإنّ العام ينعقد مراده الجدّي في الشمول والاستيعاب لجميع أفراد مدخول أداة العموم ، كما أنّ الخاص ينعقد مراده الجدّي في خروج بعض أفراد العموم من العام ودخولها في حكم الخاص ، فيأتي الخاص ويفكك بين مراتب الظهور للعام فيزيل المراد الجدّي عن العام ويجعله متوافقاً مع ظهوره في إخراج بعض الأفراد عن حكمه ، مع بقاء العام على ظهوره الاستعمالي في العموم .

وعليه يتعيّن عدم سريان الإجمال من الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم ، ويقتصر في الخروج عن الدليل المحكوم على موارد اليقين الذي يكون الحاكم حجة فيه .

الصورة الثالثة : أن يكون مرجع إجمال الدليل الحاكم إلى الشكّ في مقدار الأدلّة التي يحكم عليها وينظر إليها ، فإنّه لا إشكال حينئذٍ في حجية أدلّة تلك الأحكام للشكّ في حكومته عليها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo