< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الأصول

40/08/18

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: التعارض/ التعارض غير المستقر /الأدلّة على بطلان قاعدة الجمع أولى من الطرح

الأدلّة على بطلان قاعدة الجمع أولى من الطرح :

قلنا في الدرس السابق : أنّ الأدلّة التي اُستدلّ بها على إثبات أنّ الجمع أولى من الطرح جميعها باطلة ، ويكفي ذلك لرفع اليد عنها ، ولكن مع ذلك فهناك من أقام الدليل على فسادها ، وأهمّ ما وجدته المجموعات التالية :

الأولى : مجموعة أدلّة المحقق الخراساني (قدّه) في الكفاية حيث استدلّ على بطلانها بأدلّة ثلاثة :

الأول : عدم الدليل عليها في غير ما يساعد عليه العرف ممّا كان الدليلان أو أحدهما يحمل قرينة عرفية على التصرف في أحدهما بعينه أو فيهما .

وتوضيحه :

أنّ الجمع بين الدليلين مرّةً يساعد عليه العرف ، بأن يفهم من أحد الدليلين القرينية على فهم المراد من الآخر ، وهذا ما يطلق عليه الجمع العرفي ، وهو ما قام الدليل على جواز الجمع بين الدليلين اتكالاً عليه ، وسيأتي .

ومرّةً أخرى لا يكون للعرف جمع بين الدليلين ؛ لعدم فهم قرينية أحدهما لفهم المراد من الآخر مثلاً ، فلا دليل على إمكان الجمع بينهما ، ويكفي عدم الدليل لسقوطه ؛ لأنّ الجمع بينهما هو تصرف في خطاب الشارع وكلامه ، وهو يرجع إلى التصرف في مراده و أحكامه ، وهذا لا يجوز إلاّ بإذنه ، وإلاّ كان من باب الافتراء على الله ، وهو منهي عنه بقوله تعالى ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾. [1]

ولهذا فيكتفى في مقام ردّ هذه القاعدة عدم الإذن الشرعي في تطبيقها على كلام الشارع .

وهو دليل صحيح لا غبار عليه .

الدليل الثاني : أنّ الجمع هذا طرح للأمارة أو الأمارتين ضرورة سقوط أصالة الظهور في أحدهما أو في كلاهما .

وقد تقدم توضيحه والنقاش فيه عند التعرض لأدلّة القاعدة ، وقلنا هذا المقدار ، وهو طرح الظهور في كلا الدليلين أو في أحدهما لا يعني طرح الأمارة أو الأمارتين ، وإنّما هو رفع اليد عن الظهور الأولي فيهما أو في أحدهما لمكان القرينة في الأمارة الثانية ، وهذا ليس تعطيلاً ، بل هو إعمال للظهور مع القرينة .

الدليل الثالث : لا يبعد أن يكون المراد من إمكان الجمع هو إمكانه العرفي لا العقلي ، وقولهم ( أولى ) لا بمعنى الأرجح ، بل بمعنى المتعين ، فهو كقوله تعالى : ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [2] فإنّ المراد من الأولوية هنا اللزوم والتعيين لا الترجيح كذلك في القاعدة الأولية بمعنى أنّ الجمع العرفي أولى من الطرح .

 

ويرد عليه :

أولاً : لو كان مراد القائلين بها الإمكان العرفي الذي يصطلح عليه الجمع العرفي فلماذا كلّ هذا الأخذ والردّ والنقض والإبرام ، فإنّ قاعدة الجمع العرفي من المسلّمات التي لم يقع فيها كثير كلام .

ثانياً : أنّ إطلاق قولهم ( الجمع مهما أمكن ) لا يتناسب مع الإمكان العرفي ، لسببين :

الأول : أنّ الإمكان من أحكام العقل عادةً ، وإطلاقه على العرفي خلاف الإنصراف .

الثاني : المهمائية الداخلة على الإمكان عامّة شاملة للعرفية والعقلانية وتخصيصها بالعرفية بحاجة إلى قرينة ، ومجرد عدم إمكان إقامة الدليل عليها لا يوجب حمل الإمكان على العرفي دون العقلي .

ثالثاً : لا ريب في أنّ معنى الأولوية لغةً هو الترجيح والأفضلية ، ولا يراد بها التعيين والإلزام عادة ً، وإرادة التعيين في بعض الموارد كالآية الشريفة السابقة لمكان القرينة ؛ للا لمقتضيات اللفظ ، وبالتالي فإرادته في مورد بقرينة ، ومع عدمها فيحمل على إرادة الترجيح ، وبه أيضاً نرفع اليد عن احتمال إرادة الإمكان العرفي ؛ لأنّه مع الإمكان العرفي للجمع فاللازم الجمع وليس من باب الأفضلية والأرجحية .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo