< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الأصول

40/08/09

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: التعارض/ التعارض غير المستقر / أدلّة قاعدة الجمع أولى من الطرح ومناقشتها

أدلّة قاعدة الجمع أولى من الطرح ومناقشتها :الإشكال على الدليل الأول : ويظهر من كلام المحقق النائيني (قدّه) الردّ على ما ذكرناه من كون العمل بالخبرين المتنافيين بالتصرّف في ظاهر كلّ واحدٍ منهما بقرينية الآخر، أو التصرف في أحدهما لأجل قرينية الآخر لا يوجب إسقاط حجية الدلالة ، حيث قال (رض) : لا إشكال في أنّه ليس كلّ مزيّة تقتضي الجمع بين الدليلين ، والمراد من الإمكان في قولهم : ( الجمع بين الدليلين مهما أمكن أولى من الطرح) ليس هو الإمكان العقلي ؛ فإنّه ما من دليلين متعارضين إلاّ ويمكن الجمع بينهما عقلاً ، فينسدّ باب التعارض ، بل المراد من ( الإمكان ) هو الإمكان العرفي على وجهٍ لا يوجب الجمع بين الدليلين خروج الكلام عن قانون المحاورات العرفية ، فلا بدّ في الجمع بين الدليلين من أن يكون أحدهما واجداً لمزيّة تكون قرينة عرفية على التصرف في الآخر .

وبالجملة :

مجرد إمكان التأويل ، وجمل أحد المتعارضين على خلاف ظاهره لا يكفي في جواز الجمع بين الدليلين ، وإلاّ لزم طرح الأخبار الواردة في باب المتعارضين - من الترجيح بالسند أو التخيير - أو حملها على الفرد النادر ، وهو ما إذا كان التعارض بين النصّين الذين لا يحتمل فيهما الخلاف ، وإلاّ ففي غالب موارد التعارض يمكن فيه التأويل وحمل أحد المتعارضين على خلاف ظاهره ، فلا بدّ و أن يكون مرادهم من الإمكان هو الإمكان العرفي بحيث يساعد عليه طريقة المحاورة بين أهل اللسان على وجه لا يبقى العرف متحيراً في استكشاف المراد من الدليلين فلا عبرة بالجمع التبرعي الذي لا يساعد عليه العرف والعقلاء([1] ).

وهذا الكلام يتضمن عدّة نقاط هامّة يجب الوقوف عندها ودراستها :

النقطة الأولى : أنّ المراد من الإمكان في قولهم : ( الجمع مهما أمكن ) الإمكان العرفي لا العقلي ، وإلاّ للزم انسداد باب التعارض ، ومعه لزم طرح الأخبار العلاجية أو حملها على الفرد النادر ؛ لإمكان التأويل في غالب موارد التعارض .

 

ويرد عليه :

أولاً : أنّه من يقول بأنّ التصرف في أحد الدليلين أو في كليهما لصالح الحفاظ على مراد المعصوم ( ع) داخل في الإمكان العقلي وخارج عن الإمكان العرفي ؟! بل هو ضمن المحاورات العرفية ، فإذا ما جاء دليلان متنافيان يقطع العرف بحجية كليهما أفلا يرون بأنّ المقصود متمحض فيهما، وأنّ المراد غير متعلّق بإطلاقهما ؟

ثانياً : أنّ إيكال الإمكان إلى العرف إيكال على أمرٍ غير واضح ؛ لعدم معلومية قرار العرف في كلّ الموارد ، بل بالتتبع لا نجد في الكثير من الموارد التي أوكلوها إلى العرف رؤية واضحة للعرف فيها ، حتى يصبح هو الفيصل بين ما يراد من الخطاب وما لا يراد .

ثالثاً : إيكال الأمر إلى الإمكان العقلي وإن كان يوجب سدّ باب التعارض ، ولكن لا نرى في ذلك إشكال ، فليغلق باب التعارض في الأخبار ؛ وذلك لأنّ التعارض خلاف الأصل في كلمات الأئمة (ع) ، وإنّما نلجأ إليه في الحالات المستعصية ، فإذا انحل الاستعصاء فلا مشكلة، ومن يقول بأنّه لا ينبغي اللجوء إلى الإمكان العقلي ؛ لأنّ لازمه انسداد باب التعارض .

رابعاً : ما ذكره أخيراً من طرح الأخبار العلاجية مع انسداد باب التعارض أو حملها على الفرد النادر ؛ لإمكان التأويل في غالب موارد التعارض محل تأمل لوجهين :

الأول : أنّ مساق أدلّة العلاج بين المتعارضين لا يقتضي بذاته وجود التعارض بالفعل ، وإنّما مساقها افتراض وجود المتعارضين ، فالعلاج عبارةٌ عن أمرٍ افتراضي ، ولا يتحتم في الفرضيات تواجد موضوعها وإلاّ لزم بطلان افتراضها ! .

الثاني : نلتزم بلزوم حمل الأخبار العلاجية على الفرد النادر ، باعتبار أنّ المناسب للفرضيات الوقائية أن تكون في الحالات النادرة لا في الحالات العامّة البلوى .

وهكذا نرى عدم صلاحية ما أفاده المحقق النائيني (قدّس) لردّ الدليل .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo