< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الأصول

40/08/08

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: التعارض/ التعارض غير المستقر / الكلام في أدلّة أولوية الجمع من الطرح

 

الكلام في أدلّة أولوية الجمع من الطرح :

قلنا في الدرس السابق أنّ ابن أبي جمهور الإحسائي في " عوالي اللآلي" نقل الإجماع على قاعدة ( الجمع مهما أمكن أولى من الطرح ) وقد وقع الكلام في دليل هذه القاعدة ، وقد ذكرنا الدليل الأول ، وحاصل ما ذكرناه :

أنّ مقتضى دليل حجية الخبرين مثلاً لزوم العمل بهما ، وحيث أنّهما متنافيان لا يمكن العمل بكلا ظاهرهما ، ولا يمكن العمل بأحدهما دون الآخر ؛ للزوم الترجيح بلا مرجح ، فاللازم الجمع بينهما مهما أمكن تطبيقاً لما يقتضيه دليل الحجية ، ولو بالتصرّف في دلالتهما أو في دلالة أحدهما .

وأورد عليه شيخنا الأعظم (قدّه) في الرسائل :

أنّ مقتضى القاعدة وإن كان لزوم العمل بكلا الدليلين ، باعتبار أنّ دليل الحجية فيهما يقتضي ذلك ، ولكنّ المفروض عدم إمكان العمل بهما في حالة التنافي بينهما ، فإنّ العمل بقوله (ع) : ( ثمن العذرة سحت ) و قوله (ع) : ( لا بأس ببيع العذرة ) على ظاهرهما غير ممكن ، وإلاّ لو كان ممكناً لم يكونا متعارضين ، وإخراجهما عن ظاهرهما بحمل الأول على عذرة غير مأكول اللحم والثاني على عذرة مأكوله ليس عملاً بهما ؛ وذلك لأنّه كما يجب مراعاة السند في الرواية كذلك يجب مراعاة مراد المتكلم وهو ما يظهر من كلامه ما لم تكن قرينة صارفة ، فيدور الأمر بين عدم التعبّد بصدور ما عدا الواحد المتفق على التعبّد به ، وبين عدم التعبّد بظاهر الواحد المتفق على التعبّد به ، ولا أولوية للثاني على الأول .

وبالتالي فلا يصدق على هذا الجمع العمل بهما معاً بل ترك العمل بهما .

ويرد عليه :

أنّ وجوب العمل بظاهر كلٍّ منهما موقوف على عدم القرينة الصارفة لأحدهما أو لكليهما في الظهور ، وأمّا مع وجودها فلا معنى لبقاء التعبّد بظاهرهما ولزوم مراعاته ؛ لأنّ ظهور القرينة أقوى من ظهوريهما في المراد ، وهنا يمكن أن ندعي كون كلّ واحدٍ من الخبرين قرينة على عدم المراد من ظهور الإطلاق مثلاً من الآخر ، فقوله : ( ثمن العذرة سحت ) ، وإن كان ظاهره المنع من ثمن كلّ عذرةٍ سواء كان من مأكول اللحم أم من غيره ، ولكن مجيء الخبر الآخر : ( لا بأس ببيع العذرة ) ، والذي هو حجة من حيث السند والصدور ، بمعنى يجب التعبد به أيضاً يشكل – وبسبب التهافت بينه وبين الخبر السابق من حيث الإطلاق – قرينة على عدم إرادة إطلاق المنع في كلّ عذرة ، فنعلم بعد ذلك بأنّه لا إطلاق في المنع من ثمن العذرة لمكان رواية الجواز ، كما لا إطلاق في الجواز لمكان رواية المنع ، وبالتالي يسقط كلا الظهورين في الإطلاق بقرينية الآخر ، مع الحفاظ عليهما وعلى الدلالة على المنع والجواز في ثمن العذرة في الجملة ، وهذا المقدار هو ما تثبته قرينية أحدهما لصرف المراد الإطلاقي للآخر، نعم يبقى تعيين المراد من المجمل في دليل المنع والجواز ، ولكنّه غير داخل في رفع التعارض بين الدليلين بقرينية أحدهما للآخر ، و يرجع فيه إلى تحديد القدر المتيقن منهما ، كما تقتضيه القاعدة في كلّ مجمل ، وقد اعترف هو ( قدّه) بأنّ وجوب التعبّد بصدور أي واحدٍ منهما إذا لم يكن هنا قرينة صارفة ، والظاهر وجودها .

وهذا الكلام يجري في كلّ متعارضين ، إذ يمكننا تقديم مراعاة حجية الاعتبار والصدور لكلا الدليلين على حجية الظهور فيهما ، لا للأولوية حتى يأتي ما قاله بأنّه لا أولوية لمراعاة التعبّد بالصدور على التعبّد بإرادة المتكلم ظاهر الكلام ؛ بل لأنّ حجية الظهور تسقط في كليهما بدعوى القرينية القطعية في كلّ واحدٍ منهما لتحديد الظهور وتضيقه من الآخر .

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo