< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الأصول

40/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: التعارض/ شروط تحقق التعارض بين الأدلّة / شروط تحقق التعارض بين الأدلّة (3)

شروط تحقق التعارض بين الأدلّة (3)

قلنا في الدرس السابق أنّ الدليلين حتى يدخلان في بحث التعارض لا بدّ من اتصافهما بالحجية ، وأنّ الحجية على نوعين :

ذاتية : وهي مختصة بالانكشاف التام الذي يطلق عليه العلم والقطع .

جعلية : بيد الشارع وضعها ورفعها ، وهي لغير القطع من أنواع الانكشاف ، كالظّنّ و الاحتمال.

ويبقى أن نتعرّف على موارد التعارض بحسب الحجية ، ويمكن تصورها في الموارد التالية :

المورد الأول: التعارض بين موردين متصفين بالحجية الذاتية ،كما لو ورد دليلان قطعيان متنافيان ، كالخبر المتواتر على الوجوب في مورد ، وأيضاً الخبر المتواتر على الحرمة في نفس المورد ، وهنا لا ريب في عدم إمكان هذه الحالة ؛ إذ لا يمكن أن يتولّد القطع بالحكمين المتنافيين ، فإنّ تحقق القطع بالوجوب يمنع من حصول القطع بالحرمة في مورده ، والعكس بالعكس ، ولذا لا يمكن تصوّر هذا الافتراض فضلاً عن تحققه .

المورد الثاني : التعارض بين موردين أحدهما متّصف بالحجية الذاتية ؛ أي القطع والأخر متّصف بالحجية الجعلية الاعتبارية كالظّنّ .

مثاله : دلالة الخبر المتواتر على وجوب صلاة الجمعة في زمن الغيبة، مع قيام خبر الواحد الثقة المتّصف بالحجية على حرمتها في زمن الغيبة أيضاً ، بحيث لولا وجود الخبر المتواتر على الوجوب لكان اللازم العمل بهذا الخبر لاتصافه بالحجية .

وهذا ممكن تصوره ولكن وقوع التعارض بينهما موقوف على أنّ أدلّة حجية خبر الواحد هل تدلّ على كون خبر الواحد علّة للحجية أو مقتضي لها ، فعلى الأول يمكن افتراض وقوع التعارض بين الدليل القطعي والخبر الظّنّي ، ذلك لأنّ خبر الواحد متّصف بالحجية لتحقق موضوعها التام وهو عنوان خبر الواحد الثقة فيقع التعارض بينه وبين الدليل المتّصف بالحجية الذاتية ، ولا ريب في تقديمه على خبر الواحد بالأقوى حجة ، ولكنّ هذا التقديم من أحكام التعارض كما لا يخفى .

أمّا إذا بنينا على الثاني ، أي أنّ المستفاد من أدلّة الحجية اقتضائية خبر الواحد للحجية لا العلّية التامّة ، فهذا يعني أنّه لا يتّصف بها إلاّ مع عدم المانع ، وحيث أنّ الدليل القطعي المنافي للحكم المؤدى بخبر الواحد يدلّ بالالتزام على نفي غير الوجوب مثلاً فهذا يشكل مانعاً عن اتصاف الخبر بالحجية وبالتالي لا يتحقق الشرط الثاني وهو اتصاف الدليلين المتعارضين بالحجية لولا التعارض .

المورد الثالث : التنافي بين دليلين متصفين بالحجية الجعلية لولا التعارض ، كما لو دلّ خبر الواحد الثقة على الوجوب ودلّ خبر واحد آخر ثقة على الحرمة في نفس مورد الوجوب ، فهنا هل تبتني مسألة التعارض بينهما على دلالة دليل الحجية على الحجية الاقتضائية والعلّية أم لا :

الظاهر هنا عدم الابتناء لصدق التعارض بين الحجتين ، وصدق الشرط الثاني في هذا المورد سواء قلنا بالحجية الاقتضائية أو العلّية ، أمّا على الثاني فواضح ، إذ أنّ الحجية الجعلية تمام موضوعها خبر الواحد الثقة ، وهذا متحقق في كلا الخبرين فيتصفان بالحجية ، وبالتالي يتحقق شرط صدق التعارض ، وكذلك الحال لو بنينا على الحجية الاقتضائية ؛ لأنّ دلالة كلّ من الخبرين الإلتزامية على نفي الحكم الآخر ساقط بالدلالة المطابقية لكلّ منهما في نفي ذلك المدلول الإلزامي ، فيبقى المدلول المطابقي لكلّ من الخبرين على حاله ، وهي الوجوب في أحدهما مثلاً والحرمة في الآخر ، وكلاهما متصفان بالحجية ، وبالتالي تواجد الشرط ، وهو اتصاف كلّ من الدليلين بالحجية .

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo