< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الأصول

40/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: التعارض/ أسباب نشوء التعارض / السبب الرابع التقية

 

السبب الرابع : التقية :

ولها دورٌ مهمٌّ في نشوء التعارض بين الروايات ، حيث عاش أكثر الأئمة (ع) ظروفاً عصيبة فرضت عليهم العمل بالتقية سواء في أقوالهم أو في سلوكياتهم .

وليعلم أنّ التقية التي كان يمارسها الأئمة (ع) لم تكن من حكام بني أمية أو بني العباس وولاتهم وأعوانهم فحسب ، بل كانوا يواجهون ظروفاً اضطرتهم إلى أن يتقوا أيضاً من الرأي العام للمسلمين ، فلا يصدر عنهم ما فيه تحدي أو همز أو لمز بمعتقدات العامّة ، أو يصدر عنهم ما يخالف مرتكزاتهم وموروثاتهم الدينية التي تدخلت في نشأتها عوامل غير موضوعية كثيرة في ظلّ الأوضاع التي حكمت المسلمين في تلك الفترة من التاريخ .

والمتتبع لحياة الأئمة (ع) يلاحظ حرصهم على ذلك .

ولعلّ السبب من وراء التقية يعود إلى أمور :

الأمر الأول : إرادة كسب الثقة والاعتراف لهم بالمكانة العلمية والدينية من مختلف المذاهب والفئات الناشئ داخل الأمّة الإسلامية .

الأمر الثاني : الحفاظ على حياتهم وحياة أصحابهم من البطش الذي كان يحيقه بهم الحكام والولاة الظالمين .

الأمر الثالث : إلفات عامّة المسلمين إلى أنّ ما يروونه يرجع إلى النبي (ص) ، حتى أنّهم (ع) كانوا يذكرون الحديث مسنداً إلى رسول الله (ص) مع أنّه يكفي مجرد ذكر الحكم الشرعي لشيعتهم .

وهكذا نستطيع أن نفسر ظاهرة التقية في أحاديث أئمتنا (ع) بما يتّضح معه السبب لشيوعها بين الروايات الصادرة عنهم .

وقد بلغ الأمر بهم (ع) في التقية أن جعلوا مخالفة العامّة مقياساً لترجيح إحدى الروايتين المتعارضتين على الأخرى على ما سيأتي إن شاء الله تعالى .

وقد حاول الأئمة (ع) أن يبيّنوا لشيعتهم توضيح ظروف التقية أمام الأمّة لكي لا يرتابوا في أمرهم حينما تصلهم عن أحدهم (ع) أحاديث مختلفة مغايرة مع ما هو معروفٌ لديهم من مذهب أهل البيت (ع) وفقههم ، وإليك بعض هذه الروايات :

الرواية الأولى : عن أبي عمرو الكناني قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا عمرو أرأيت لو حدثتك بحديثٍ أو أفتيتك بفتيا ثمّ جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك أو أفتيتك بخلاف ذلك بأيّهما كنت تأخذ؟ قلت: بأحدثهما و أدع الآخر فقال: قد أصبت يا با عمرو أبى الله إلاّ أن يعبد سرّاً أما والله لئن فعلتم ذلك إنّه لخيرٌ لي ولكم، أبى الله عزّ وجلّ لنا في دينه إلاّ التقية[1] .

الرواية الثانية : عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: يا زياد ما تقول لو أفتينا رجلاّ مّمن يتولانا بشئٍ من التقية؟ قال: قلت له: أنت أعلم جعلت فداك، قال: إن أخذ به فهو خيرٌ له وأعظم أجراً قال: وفي روايةٍ أخرى: إن أخذ به أُجِرَ ، وإن تركه والله أثم[2] .

الرواية الثالثة : عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) في القنوت إن شئت فاقنت وإن شئت فلا تقنت قال أبو الحسن (عليه السلام) وإذا كانت التقية فلا تقنت وأنا أتقلد هذا [3] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo