< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الأصول

40/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: التعارض/تعريف التعارض /خروج موارد الجمع العرفي عن موارد التنافي

 

يتابع المحقق الخوئي (قده) كلامه في إثبات أنّ التخصص و الورود و الحكومة و التخصيص خارجة عن موارد التنافي ، فلا تنافي بين الوارد و المورود عليه ، كما لا تنافي بين الدليل الحاكم والدليل المحكوم عليه ، ولا بين العام و الخاص ، وقد تقدم في الدرس السابق شيئاً منها وبقي بيان وجه عدم التنافي بين الدليل العام و الدليل الخاص ، وقد أطال الكلام في ذلك ، ونحن نُبيّن مقصوده في ضمن نقاط:

النقطة الأولى : أنّ حجية العام في العموم يتوقف على إثبات أمور ثلاثة :

    1. صدورالعام من المعصوم (ع).

    2. إثبات أنّ ظاهره في العموم مراد للمتكلم ؛ لاحتمال أن يكون مراده خلاف الظهور ، باعتبار أنّ الكلام الظاهر يحتمل إرادة خلافه مع نصب قرينة على خلاف ذلك.

    3. إثبات الإرادة الجدية ، وأنّه في مقام بيان الحكم جداً ؛ لاحتمال أن يكون ظاهره مراداً بالإرادة الاستعمالية فقط دون الإرادة الجدية، لكونه في مقام الامتحان أو التقية مثلاً.

النقطة الثانية : الطريق المتكفل لإثبات صدور العام من المعصوم (ع) هو البحث عن حجية الخبر ، وقد ثبتت حجية خبر اليقة أو خبر العادل – على اختلاف المبنى – بالتعبد الشرعي.

وأمّا الأمران الآخران – أعني إثبات أنّ ظاهره مراد للمتكلم بالإرادتين الاستعمالية والجدّية – فهما ثابتان ببناء العقلاء ، فمن تكلّم بكلام ثمّ اعتذر بأنّه لا يريد منه ظاهره ومع ذلك لم ينصب قرينة على الخلاف ، أو اعتذر بأنّه لا يريد ظاهره بالإرادة الجدّية ، وإنّما قال ما قال لأجل الامتحان أو التقية ، ولم ينصب قرينة على ذلك فلا يقبل منه هذا النوع من الاعتذار ؛ لأنّ مقتضى الكلام في الفهم العرفي الحمل على الظاهر استعمالاً وجدياً إلاّ مع نصب القرينة على الخلاف.

النقطة الثالثة : أنّه من الواضح أنّ بناء العقلاء على العمل بالظهور إنّما هو عند الشكّ في المراد الاستعمالي أو المراد الجدّي ؛ لأنّه لم يتحقق بناء العقلاء على العمل بالظهور حتى مع العلم بأنّ مراد المتكلم خلافه أو مع العلم بكونه في مقام الامتحان أو التقية ، وعليه فلو قامت قرينة قطعية على إرادة خلاف الظهور من كلامه فلا يمكن الأخذ بالظهور دون فرق بين أن تكون القرينة القطعية متصلة أو منفصلة ، غاية الأمر أنّه لو قامت القرينة القطعية المتصلة فهي تمنع من انعقاد الظهور للكلام من أول الأمر ، بينما لو قامت القرينة المنفصلة فهي تمنع عن انعقاده في مرحلة المراد الجدّي دون المراد الاستعمالي .

النقطة الرابعة : لو لم تكن القرينة على خلاف الظهور قطعية ، بل كانت ظنّية كالخبر مثلاً ، فهي أيضاً قرينة قطعية إلاّ أنّ قطعيتها ليست بالوجدان ، بل بالتعبد الشرعي ، فلا فرق بينها وبين القرينة الظنّية من حيث القطعية فكلاهما قطعيتان ، غاية الأمر أنّ الأولى قطعية وجداناً، والثانية قطعية تعبداً ، ويترتب على ذلك :

أنّ القرينة الوجدانية تقدم على العام بالورود ؛ لارتفاع موضوع حجية العام ، وهو الشكّ بالوجدان ؛ إذ لا يبقى شكٌّ في عدم عمومه مع قيام القرينة القطعية الوجدانية على التخصيص ، بينما القرينة القطعية التعبدية ، أعني القرينة الظنّية فهي ترفع موضوع حجية العام أيضاً ، ولكن لا بالورود بل بالحكومة ؛ لأنّ موضوع العام وهو الشكّ يرتفع بواستطتها التعبد الشرعي ، فالدليل الخاص ، وإن كان مخصِصاً بالنسبة إلى الدليل العام، ولكنه حاكماً بالنسبة إلى دليل حجية العام ؛ لأنّ الموضوع المأخوذ في دليل الحجية هو الشكّ ، والدليل الخاص يرفع الشكّ تعبداً ، فمرجع التخصيص إلى الحكومة بالنسبة إلى دليل الحجية ، فلا منافاة بينهما من الأصل حتى يتحرز في تعريف التعارض بحمل التنافي على الدليلين على المدلولين ، فإنّ الخاص يقدم على العام من باب الحكومة بالنسبة إلى دليل حجية العام ، وإن كان تخصيصاً بالنسبة إلى نفس العام.

وهذا هو الفارق بين التخصيص والحكومة المصطلحة ، فإنّ دليل الحاكم حاكمٌ على نفس الدليل المحكوم في الحكومة الاصطلاحية ، بخلاف التخصيص ، فإنّ الخاص ليس حاكماً على نفس العام ، بل حاكمٌ على دليل حجية العام . وسيأتي الكلام في الدرس القادم.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo