< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الأصول

40/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: التعارض/تعارض الأدلّة /تتمة في توضيح تعريف المحقق الخراساني (قده) للتعارض

 

كان الكلام في توضيح تعريف المحقق الخرساني للتعارض ، وقد تقدم بيان المراد من التنافي بين الدليلين أو الأدلّة بحسب الدلالة وعالم الإثبات على وجه التناقض أو التضاد، وبقي علينا بيان سائر القيود الأخرى، وهي:

4- (حقيقةً أو عرضاً) : وهذا القيد لم يذكره المشهور في تعريف التعارض بل أطلق التعريف من هذه الجهة ، وإطلاقه يقتضي الاقتصار على كون التنافي بين الدليلين أو الأدلّة على وجه الحقيقة ، ولأجل ذلك أوضح المحقق الخرساني بأنّ تنافي الدليلين على وجه التضاد مرةً يكون على وجه الحقيقة وأخرى على وجه العرض ، وتوضيح كلامه أن يقال:

إنّ التضاد بين الدليلين أو الأدلّة مرةً يكون تضاداً حقيقياً ويراد به امتناع اجتماع الحكمين المتضادان واقعاً وفي نفس الأمر ، وهو بمعنى التنافي بين مفهوميهما ذاتاً لا بسبب أمر خارجي ، ومثاله: ما دلّ من الأخبار على استحباب الجماعة في صلاة العيدين في زمن الغيبة ، وما دلّ على حرمتها فيهما فيه ، فهنا التنافي التضادي بين استحباب الجماعة وحرمتها حقيقةً وواقعاً ومفهوماً فإنّه لا ريب في استحالة اجتماع الاستحباب والحرمة على الجماعة واقعاً وحقيقةً .

ومرةً يكون التنافي التضادي بين الدليلين عرضي، وهو بمعنى تمانع الدليلين بسبب أمر خارجي يمنع من شمول أدلّة الحجية لهما ، بحيث لولا ذلك الأمر الخارجي لما امتنع من شمولها لهما معاً ، كالعلم الإجمالي بكذب أحد الخبرين من دون أن يكون بين نفس المتعلقين ولا بين حكميهما تضادٌ أصلاً وقد ذكر (قده) في حاشيته على الرسائل نموذجين لذلك:

النموذج الأول: تعارض دليلي وجوب صلاة الظهر ووجوب صلاة الجمعة في يومها ، فإنّه لا تنافي بين الوجوبين ذاتاً ، كما لا تنافي بين الدليلين حجةً، لإمكان التصديق بحجيتهما دون لزوم التنافي ، لعدم المانع من العمل بمتعلقيهما ، وإنّما المانع العلم بأنّه لا تجب في ظهر يوم الجمعة إلاّ صلاةٌ واحدةٌ إمّا الظهر وإمّا الجمعة ، وإلاّ لأصبحت الصلوات اليومية في يوم الجمعة ستة ، وهذا باطل جزماً ، فالتنافي بين دليلي الوجوبين ناشئ من أمر خارج عنهما ، وهذا هو التنافي بالعرض.

النموذج الثاني: العلم الإجمالي بكذب أحد الخبرين ، بحيث لولا هذا العلم الإجمالي لما امتنع العمل بمؤدى الدليلين ، ومثاله: ما لو دلّ الخبر على انفعال ماء البئر بملاقاة النجاسة ، ودلّ آخر على الاستحباب النفسي للوضوء، فإنّه لا تنافي بين مدلولي هذين الدليلين ؛ لتعدد موضوع الحكمين، ولم تثبت ملازمة بينهما كما ثبتت بين القصر والإفطار ، ولكن العلم الإجمالي بكذب أحدهما يمنع عن حجيتهما معاً.

والمتحصل من تعريف المحقق الخراساني (قده):

أولاً: حمل التنافي _ الذي هو حقيقة التعارض _ على الأدلّة لا على المداليل ، لإخراج موارد الجمع العرفي والتوفيق الدلالي ؛ فإنّها متنافية بين المداليل ولكنّها ليست من التعارض في شيء.

ثانياً: إنّه لا تنحصر حقيقة التعارض بالتنافي بين الدليلين فحسب ، بل تصدق على التنافي بين الأكثر أيضاً كما هو واقع.

ثالثاً: أنّ التنافي التضادي لا ينحصر في خصوص التنافي الحقيقي الراجع إلى عدم إمكان صدقهما واقعاً ، بل يجري أيضاً في التنافي الحاصل من أمر خارجي ، وإن لم يكن بين الدليلين من حيث مدلوليهما وحجيتيهما أدنى تنافي.

وللأعلام المتأخرين عن صاحب الكفاية نقاشٌ واسع حول تصحيحات المحقق الخراساني، ولنأخذ نماذج منها...

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo