< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

41/05/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الاجتهاد و التقليد/علامات بلوغ الذكر العلامة الثالثة العمر المعين /روايات الثلاثة عشر سنة الرواية الأولى

ذكرنا الرواية الأولى ، وهي ما رواه الشيخ في الاستبصار بإسناده ، عن الصفّار ، عن السندي بن الربيع ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر (ع) قال : "قلت له : في كم تجري الأحكام على الصبيان ؟ قال : في ثلاث عشرة و أربع عشرة ، قلت : فإنّه لم يحتلم فيها ، قال : وإن كان لم يحتلم فإنّ الأحكام تجري عليه.[1]

البحث الدلالي :

وأمّا من حيث دلالة الرواية على المطلوب ، فالمقصود من الجريان في قوله : "في كم تجري الأحكام على الصبيان" الإلزام كما هو ظاهر ولا يراد بها أصل الجريان وإن كان على نحو الاستحباب ؛ لوضوح استحباب تمرينهم عليها قبل ذلك بلا خلاف ، فالجريان بمعنى إلزامهم بها و مؤاخذتهم عليها ، واستحقاق العقاب على مخالفتها .

والإمام (ع) أكّد على أنّها تجري عليهم بعمر الثالثة عشر والرابعة عشر حتى وإن لم يتحقق الاحتلام ، وهذا يعني أنّ الملحوظ الموضوعي لجريان الأحكام في هذا البيان ، هو السنّ إن لم يحتلموا قبل ذلك .

تبقى المشكلة في الأداة العاطفة بين العمرين الثالثة عشر والرابعة عشر ، وهي محتملة لوجوه بدواً :

الاحتمال الأول : أن يراد من العطف (أو) بمعنى أنّه تجري عليهم إمّا في الثالثة عشر أو الرابعة عشر ، ويكون المراد التخيير .

الاحتمال الثاني : أن يراد اليوم الذي ينتهي به من الثالثة عشر و يدخل في الرابعة عشر ، و كأنّه قال : عند انتهائه من سن الثالثة عشر و دخوله في الرابعة عشر وتجري عليهم الأحكام .

الاحتمال الثالث : أن يراد أنّ من يعقل الأحكام في الثالثة عشر فتجري عليه الأحكام ، ومن لا يعقلها فيؤجل إلى الرابعة عشر .

ولا يمكن الأخذ بالاحتمال الأول ؛ لأنّه تخيير بين الأقل والأكثر ، وهو غير معقول ؛ لإمكان الأخذ بالأعلى سنّاً فلا يبقى مجال للعمل بالأقل ، خصوصاً أنّ عادةً أكثر العباد الهروب من التكليف رعايةً لصغر سنّ أولادهم ، فيتكلون على الأعلى غالباً ، وقلّ من تجده يعمل بالأقل في مثل هذه الموارد ، بل قد يكون نادراً ، والأحكام لا معنى لصدورها في الموارد النادرة ، لأنّها تشريع للجميع أو للمعظم .

و يمكن الأخذ بالأقل أيضاً ولو على سبيل الفتوى ، فلا يبقى مجال للعمل بالأعلى ، وبهذا فالتخيير في مسألة سنّ البلوغ وجريان الأحكام غير معقول.

وأمّا الاحتمال الثاني فهو وإن كان قريباً جداً من الرواية ولكن لا شاهد عليه ، فإنّ العطف بين الثالثة عشر و الرابعة عشر لا يفيد هذا المعنى بنفسه ، فيكون نوعاً من التأويل الذي لا يصار إليه إلاّ بقرينة تدلّ عليه ، وهي مفقودة في المقام .

وأمّا الاحتمال الثالث فكذلك ، لأنّ أقصى ما أفادته الرواية أنّ الأحكام تجري على الصبي في الثالثة عشر والرابعة عشر ، وأمّا حملها على إرادة التعقّل الحاصل لبعض الصبيان في الثالثة عشر أو الحاصل للبعض الآخر في الرابعة عشر فلم يدلّ عليه دال في الرواية ، بل هو تحكّم واضح ؛ لأنّ ظاهر الرواية تحديد البلوغ بشيءٍ واحد وهو العمر ، إمّا ثلاثة عشر وإمّا أربعة عشر ، فيدور أمر البلوغ على هذا العنصر فقط ، وأمّا إذا حملناها على دخالة التعقّل فيصبح أمر البلوغ يدور مداره لا مدار العمر ؛ لأنّه إذا تحقق التعقّل في الثالثة عشر فتجري عليه الأحكام ، كما أنّه إذا تحقق في الأربعة عشر فتجري عليه الأحكام أيضاً ، فالملاك في جريانها هو التعقّل لا السنّ ، وهذا خلاف الظاهر من الرواية جداً .

أضف إلى ذلك إذا كان أمر البلوغ وجريان الأحكام على التعقّل فلا معنى لحصره بين الثالثة عشر و الرابعة عشر ، بل يمكن تحققه في بعض الصبية في الثانية عشر ، فلا يبقى معنى لحصره في خصوص السنين المذكورين في الرواية .

وبالتالي فالرواية مجملة ولا يمكن فهم إرادة تحقق البلوغ بخصوص الثلاثة عشر ، نعم القدر المتيقن منها أنّه بالرابعة عشر يبلغ فتكون معارضة لما دلّ تحديد البلوغ بالخامسة عشر .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo