< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

41/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الاجتهاد و التقليد/مسائل في الاجتهاد والتقليد / الرواية الثانية ( طريق آخر لتوثيق الكنّاسي)

 

طريقٌ آخر لتوثيق الكنّاسي: حاصله أنّ جميع الروايات المروية عن يزيد الكنّاسي وصلتنا عن طريق ابن محبوب ، والمراد به الحسن بن محبوب ، وهو من الطبقة الثالثة من أصحاب الإجماع ، فلا بدّ من قبول روايته اتكالاً على ذلك ؛ لشهادة الكشّي بتصحيح ما يصحّ عنهم ، ونقل الإجماع على ذلك .ويرد عليه :

أولاً : أنّ عبارة الكشّي لا تدلّ على وثاقة كلّ من يروي عنه واحدٌ من أصحاب الإجماع ، وإنّما تدلّ على وثاقتهم في أنفسهم فقط ، وقد أوضحنا ذلك في كتابنا بحوث تطبيقية في علم الرجال .

ثانياً : أنّ الكشّي نفسه نقل الخلاف في كون الحسن بن محبوب من أصحاب الإجماع ، حيث قال :

" إنّ بعضهم ذكر مكان الحسن بن محبوب الحسن بن علي بن فضّال ، وبعضهم عثمان بن عيسى" .وهذا يعني عدم ثبوت الإجماع في حقّه على فرض دلالة ما ذكره الكشّي على وثاقة من يروون عنهم . وأمام هذا كلّه فيزيد الكنّاسي مجهول الحال ، وهو بحكم الضعيف فلا يمكن الاعتماد على روايته في إثبات بلوغ الذكر بخمس عشرة سنة .

الرواية الثالثة : ما روي في الخصال والمقنع ، عن أبي الحسن ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن جدّه عبد الله بن المغيرة ، عن العباس بن عامر ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله (ع) ، قال : " يؤدب الصبي على الصوم ما بين خمس عشرة سنة إلى ستة عشر سنة "[1] .

والرواية من حيث السند مرسلة ، وليس العباس بن عامر من يُعرف بأنّه لا يروي إلاّ عن ثقة .وتقريب الاستدلال بها : أنّ الإمام (ع) أمر بتأديب الصبي على الصوم ما بين خمس عشرة سنة إلى ستة عشر سنة ، ومن الواضح أنّ التأديب هو العقوبة على ترك الصيام ، ولا يستوجب العقاب إلاّ من عصى ، فتصدق المعصية من الخمسة عشرة سنة إلى الستة عشرة وهو دليل تحقق البلوغ في هذا العمر ، ولا خصوصية للصوم لعدم القول بالفصل إجماعاً .ويرد عليه :

أولاً : أنّ مصطلح التأديب قد يستعمله الإمام (ع) في غير موارد التأديب ، وهناك روايات دلّت على تأديب غير البالغ حملاً له على الطاعة ليرتادها بعد البلوغ ، وكنموذج على ذلك ، ما رواه الزهري عن علي بن الحسين (ع) -في حديث – قال : " وأمّا صوم التأديب فأن يؤخذ الصبي إذا راهق بالصوم تأديباً وليس بفرض" ، فجعل (ع) التأديب مقابل الفرض ، فكيف يدلّ عليه ؟

ثانياً : أنّها لا تدلّ على مدعى المشهور ؛ لأنّ دعواه البلوغ بإكمال الخمسة عشرة سنة ، بينما جعلت الرواية تأديبه على الصيام ما بينها وبين الستة عشرة سنة ، وهو عنوان كما لا ينطبق على من أكمل الخمسة عشرة ودخل في السادسة عشرة ولو ليومٍ واحد ، كذلك ينطبق على من لم يكمل الخمسة عشرة سنة ، إذ أنّ مفهوم ( ما بين ) تصدق على الفترة الزمنية من بعد دخوله في الخامسة عشرة بيومٍ إلى نهايتها .

نعم هي ظاهرة بأنّ البلوغ إلى ستة عشرة سنةٍ ، وهو يتحقق في اليوم الأول منها ، ولكنّها لا تدلّ على انحصار البلوغ في هذه الحصّة فقط .

فإن قلت : يمكن المساعدة على انحصار مفهومها بإكمال الخمسة عشرة والدخول في اليوم الأول من السادسة عشر بفهم المشهور ، حيث يكون هو القرينة على إرادة هذه الحصّة فحسب .

قلت : لا عبرة بفهم المشهور في ذلك لسببين :

الأول : أنّ الفهم المعتبر لحمل الرواية عليه هو العرف ؛ لأنّه الحجة في تشخيص المراد ، باعتبار إلقائهم (ع) الكلام بحسب المتبانيات العرفية .

الثاني : أنّ هذا الذي عليه المشهور لم يحصل من قريحتهم اللغوية ، وإنّما هو حاصلٌ من الاجتهاد الصناعي الذي يقتضيه الجمع بين الأخبار ، فهناك فرقٌ بين الفهم الأولي للأخبار والذي يقتضيه لياقاتهم العرفية وقريحتهم اللغوية ، وبين ما تقتضيه الصناعة عند تباني مداليل الأخبار ، ويحتاجه الجمع بين مؤدياتها .

ثالثاً : لا إجماع على عدم القول بالفصل بين الصوم وسائر الطاعات ، بل هناك من فرّق بينها في مقام التكليف ، فقد حكي عن الفيض الكاشاني (ره) القول بالتفصيل حيث ذهب إلى " أنّ معيار السنّ لكلّ تكليفٍ ما هو مذكورٌ في الروايات ، وذلك بسبب تعدّد سنوات البلوغ واختلافها في الروايات ، فمثلاً سن العاشرة بالنسبة للأنثى هو معيار البلوغ في كلٍّ من الطلاق والوصية ، وأمّا الصيام والحج فيتمّ تعيينها وفقاً للعادة الشهرية "[2] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo