الأستاذ الشیخ سامر عبید
بحث الفقه
41/03/13
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الاجتهاد و التقليد/المسألة الأولى في الاجتهاد والتقليد /توثيق حمزة بن حمران .
حمزة بن حمران :
قال النجاشي : "حمزة بن حمران بن أعين الشيباني ، روى عن أبي عبد الله (ع) وأخوه أيضاً عقبة بن حمران روى عنه (ع) ، له كتابٌ يرويه عنه عدّة من أصحابنا".
وقال الشيخ (ره) :"حمزة بن حمران ، له كتاب أخبرنا به عدّة من أصحابنا" ، روى عنه محمد بن عمير ، كما ذكر ذلك الصدوق في مشيخته في طريقه إليه ، وروى عنه صفوان ابن يحيى ، كما ذكره النجاشي في طريقه إليه .
كما روى عنه ابن رئاب وابن مسكان وجميل بن دراج ، وحريز ، وعبد الله بن بكير ، وعبد الله بن سنان ، وعبيد بن زرارة ، وهشام بن سالم .وبالتالي يقع الكلام في وثاقته ؛ لعدم توثيق مشايخ الرجال له ، فلم لم يذكره النجاشي والشيخ والبرقي بتوثيقٍ ولا تجريحٍ ، ولكن عندنا جملة من العلامات التي اُختلف في إفادتها التوثيق ، وهي :1. رواية صفوان بن يحيى ، ومحمد بن أبي عمير عنه ، فهو من مشايخ الثقات .
2. روايات الأجلاء عنه ممّن عرفت .
3. سداد أخباره وموافقتها للمذهب .
وقد ناقش جماعة في إفادة الأول للتوثيق ، منهم المحقق الخوئي (قده) في المعجم ، والشيخ السبحاني في الكلّيات ، ولكننا أثبتنا في كتابنا بحوث في علم الرجال التطبيقي صحة هذه القاعدة ووثاقة كلّ من يروي عنهم المشايخ الثلاثة بإضافة أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، فليراجع . كما أنّ العلامة الثانية ناقش فيها البعض ، بحجة أنّ رواية الأجلاء عن راوٍ لا يكشف وثاقته ؛ لإمكان روايتهم عن الضعيف خصوصاً إذا توفرت قرائن تفيد اطمئنانهم بصدقه وصدوره .قلت : لا ريب في أنّ رواية مجموعة من الأجلاء عن راوٍ محدد يكشف عن اهتمامهم به وبأخباره ، خصوصاً مع التفاتهم إلى أنّ روايتهم عنه قد تعطيه مكانةً محمودة في الأوساط الاجتماعية ، فلماذا لا تفيد الظنّ بوثاقته خصوصاً إذا أكثروا الرواية عنه بشكلٍ ملفت ، فالذي أراه أنّ ذلك أمارة وثاقته والسكون إلى روايته والعمل بها ، ولا أقل توجب حسن الرجل ، وبالتالي فهذا الرجل بنظرنا ثقةٌ .
حمران :والمراد به حمران بن أعين ، وهو أخو زرارة من أصحاب الإمام الباقر (ع) وقد نقل الكشّي في رجاله رواياتٍ كثيرة في فضله وجلالة قدره ، حتى قال السيد بحر العلوم في الفوائد الرجالية ، في ترجمة آل أعين : "قال أبو غالب الزراري في رسالته ، وكان حمران من أكابر مشايخ الشيعة المفضلين ، الذين لا يُشكُ فيهم وكان أحد حملة القرآن ، ومن يُعدُّ ويذكر اسمه في كتب القرّاء.[1]
وعليه فالرواية ضعيفة من جهة السند بعبد العزيز العبدي ، فلا يمكن الاعتماد عليها إلاّ بناءً على قاعدة انجبار سند الضعيف بعمل المشهور، ومحله في علم الأصول ؛ إلاّ أنّه يمكن القول بدواً بأنّه لم تثبت حجية الشهرة الفتوائية ؛ لعدم الدليل عليها ، فتكون مشمولة لأصالة عدم الحجية ، فكيف تكون جابرة لضعف سند الرواية ، وهل هذا إلاّ من باب ضمّ الضعيف إلى الضعيف .
وعليه فلا يبقى لدعوى المشهور بتحقق البلوغ في الذكر بخمس عشرة سنة دليل ، وقد اعترف بذلك جملة من المحقيقين :
قال المقدس الأردبيلي (قده) : " ما رأيت خبراً صحيحاً في الدلالة على خمسة عشر سنة فكيف في إكماله ... وليس على إكمال خمس عشرة إجماع ، فإنّ البعض على الشروع يكفي ، وذهب البعض إلى ثلاثة عشر.[2]
نعم يمكن أن يستدل عليه بوجوه أخرى :أولاً : دعوى الإجماع على تحديده بخمسة عشر .
ثانياً : التمسك باستصحاب عدم توجه الأحكام إليه قبل إكماله خمسة عشر .
ويرد عليهما :أمّا الإجماع فلذهاب جماعة إلى خلافه ، كالمحقق السبزواري (قده) في الكفاية حيث اختاره الاعتبار بثلاثة عشر ، والشيخ الطوسي (ره) في التهذيب والاستبصار ، على ما حكي عنه فيهما ؛ لأنّ ظاهره العمل بروايات الثلاثة عشر ، وكذا المحقق الأردبيلي (قده) حيث أنّك قد عرفت إنكاره انعقاد الإجماع على العمل بالخمسة عشر .
أضف إلى ذلك أنّه محتمل المدركية ؛ لاحتمال اتكال المجمعين على رواية حمزة بن حمران .
وأمّا الاستصحاب فلا يمكن المصير إليه مع وجود الأدلّة المحرزة على تحديده بغير الخمسة عشر ، كما سيأتي .
ثمّ أنّه ها هنا روايات أخرى اُستدلّ بها على تحقق البلوغ عند الذكر بخمسة عشر ، وإليك الكلام فيها في الدرس الآتي .