< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

41/03/07

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الاجتهاد و التقليد/ المسألة الأولى في الاجتهاد والتقليد / المطلب الرابع : من هو المكلف ؟

 

المطلب الرابع : من هو المكلف ؟ لا ريب في أنّ تكاليف الشريعة ومنها الاجتهاد والتقليد والاحتياط ثابتة في أوصاف محددّة للإنسان ، ولا تجري عليه إلاّ عند تحققها ، كما لا ريب في عدم وجود اختلاف ما بين الذكر والأنثى في صدق مفهوم المكلف عليهما ، فهناك أوصافٌ مشتركة بين التكليف الثابت للذكر والتكليف الثابت للأنثى ، وفيما يلي شروط تكليفهما : ذكر الأعلام شروطاً متعددة لثبوت التكليف ، أطلق عليها الشروط العامّة ، وهي : البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، ولا ريب في ثبوتها واشتراط كلّ تكليفٍ بها ، إذ لا تكليف بغير البلوغ إجماعاً بين المسلمين ، بل للضرورة الدينية ، ويدلّ عليه حديث الرفع وغيره ، كما لا تكليف على المجنون أبداً عقلاً ونقلاً ، كما يستحيل التكليف بغير المقدور عقلاً ؛ لقبح تكليف العاجز ، وكذلك الحال بالنسبة إلى المكره ، إذ لا تكليف عليه حال إكراهه .وإنّما الإشكال والخلاف في ثبوت البلوغ سواء للذكر أو الأنثى ، فقد ذكر المشهور علامات لثبوته بالنسبة لهما ، ولا بدّ من دراستها للوصول إلى القول الفصل .علامات بلوغ الذكر :

العلامة الأولى : خروج السائل المنوي ، وقد اتفق المسلمون على علاميتها وكثرت به رواياتهم ، منها :

ما رواه الكليني (ره) عن محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله (ع) ، قال : " إنّ أولاد المسلمين موسومون عند الله شافعٌ ومشفّع ، فإذا بلغوا اثنتي عشرة سنة كتبت لهم الحسنات ، فإذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات.[1]

وما رواه الحميري في قرب الإسناد ، بإسناده ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر (ع) ، قال : "سألته عن اليتيم متى ينقطع يتمه ؟ قال : إذا احتلم وعرف الأخذ والعطاء.[2]

ومنها ما رواه الصدوق في الخصال بإسناده عن أبي ظبيان ، قال : " أُتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها ، فقال علي (ع) : أما علمت أنّ القلم رفع عن ثلاثة ، عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ.[3]

وفي رواية حمران قال : " سألت أبا جعفر (ع) قلت له : متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامّة ، وتقام عليه ويؤخذ بها ؟

قال : إذا خرج عنه اليتم وأدرك ، قلت : فلذلك حدٌّ يُعرف به ؟

فقال : إذا احتلم ...."[4]

ولعمري هذه العلامة موضع وفاق عند الجميع .

العلامة الثانية : الإنبات ، ويراد به نبات الشعر الخشن على العانة ، والعانة عند أكثر أهل اللغة هي منبت الشعر فوق الذكر ، ويقال للشعر النابت فوقه الشعرة أو الإسب .

نعم هناك من قال منهم بأنّ العانة هي نفس الشعر النابت لا المحل ، وكيف كان فالمراد واضحٌ ، وفي علاميتها روايات منها :

    1. في رواية حمران المتقدمة ، "قال : أو أشعر أو أنبت "[5] .

    2. ما رواه الحميري في قرب الإسناد ، عن السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه (ع) ، أنّه قال : " عرضهم رسول الله (ص) يومئذٍ - يعني بني قريظة – على العانات ، فمن وجده أنبت قتله ، ومن لم يجده أنبت ألحقه بالذراري.[6]

وقد اتفقت كلمتهم على ذلك ، ولا خلاف بينهم فيه .

العلامة الثالثة : العمر المعين :

ذهب مشهور الفقهاء إلى تحقق البلوغ في العمر بإكمال خمسة عشرة سنة ، بل ادعي عليه الإجماع .

ففي روايات حمران المتقدمة قال : (إذا احتلم ، أو بلغ خمس عشرة سنة ، أو أشعر أو أنبت قبل ذلك) .

وفي المقابل رواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) ، قال : سألته عن الغلام متى تجب عليه الصلاة ؟ فقال إذا أتى عليه ثلاث عشرة سنة ، فإن احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة ، وجرى عليه القلم ...[7] .

وقد عمل بها بعض الفقهاء .ولهذا فلا بدّ من دراسة سند كلا الروايتين ، سواء رواية حمران أم رواية عمار لنقيم الحجة منهما .

أمّا سند رواية حمران الدالّة على تحقق البلوغ بخمس عشرة سنة ، فهو كالتالي :

محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن حمزة بن حمران ، عن حمران ، عن أبي عبد الله (ع) .أمّا محمد بن يعقوب : فهو الكليني ، وهو من أوثق الناس في الحديث .وأمّا محمد بن يحيى : فهو العطّار شيخ الكليني :

قال النجاشي : "شيخ أصحابنا في زمانه ، ثقةٌ ، عينٌ ، كثير الحديث ، له كتب ".

قال الشيخ : " محمد بن يحيى العطّار روى عنه الكليني ، قمّي ، كثير الرواية.[8]

ولا خلاف بين الرجاليين في وثاقته وجلالة قدره .أحمد بن محمد :

مشتركٌ بين جماعة ، وقع بهذا العنوان في إسناد روايات تبلغ سبعة آلاف ومائة وأربعة وستين مورداً [9] ، والأسماء المشترك معهم هم :

1- أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري ، وهو ثقةٌ بلا إشكال .

2- أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، وهو ثقةٌ بلا إشكال .

3- أحمد بن محمد بن يحيى العطّار ، مختلفٌ فيه .

4- أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، مختلفٌ فيه .

5- أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ، ثقةٌ بلا إشكال .

وحيث كان مشتركاً بين الثقة وغيره ، فاللازم التمييز بالراوي والمروي عنه .

والظاهر أنّ المراد به هنا أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمّي أو أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، لروايه محمد بن يحيى العطّار ، فإنّ عصرهما موافقٌ لعصر محمد بن يحيى ، وهو القرن الثالث الهجري ، وأمّا غيرهما فعصورهم متأخرة ، لا يمكن لمثل محمد بن يحيى العطّار أن يروي عنهم .

ولا ضير في التردد بين كون المراد الأشعري أو البرقي ؛ لوثاقتهما معاً .ابن محبوب : والمراد به الحسن بن محبوب السرّاد ، ويقال له الزرّاد .

قال الشيخ (ره) : " كوفيٌ ثقةٌ " ، وكان جليل القدر ، يُعدُّ في الأركان الأربعة في عصر أبي الحسن الرضا (ع) ، وله كتبٌ كثيرة".

وعدّه في رجاله في أصحاب الكاظم (ع) قائلاً : " مولى ثقة" ، وفي أصحاب الرضا (ع) قائلاً : " مولى بجلية كزفي ثقة ".

وعدّه الكشّي من الفقهاء الذين أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عنهم عند تسمية الفقهاء من أصحاب أبي ابراهيم و أبي الحسن الرضا (ع).عبد العزيز العبدي : و المراد به عبد العزيز بن عبد الله العبدي ، وإن كرّر ذكره الشيخ (قده) في رجاله .

عدّه الشيخ في أصحاب الصادق (ع) قائلاً : " عبد العزيز العبدي كوفي ".

وقال النجاشي (ره) : " عبد العزيز العبدي كوفي ، روى عن أبي عبد الله (ع) ضعيف ، ذكره ابن نوح ".

فالرجل ضعيف لشهادة النجاشي ، وعدم المعارض .حمزة بن حمران :

قال النجاشي : "حمزة بن حمران بن أعين الشيباني ، روى عن أبي عبد الله (ع) وأخوه أيضاً عقبة بن حمران روى عنه (ع) ، له كتابٌ يرويه عنه عدّة من أصحابنا".

 

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo