< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

41/02/08

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الاجتهاد و التقليد/ مسائل في الاجتهاد و التقليد / المورد الأول أدلّة وجوب تعلّم الأحكام الشرعية.

 

المورد الأول : أدلّة وجوب تعلّم الأحكام الشرعية:

ذهب جمعٌ من القائلين بإمكان تعلّق الوجوب الشرعي بالبدائل إلى أنّ أدلّة وجوب تعلّم الأحكام الشرعية هي الدليل على ذلك الوجوب ، ولا بأس باستعراض جملة من هذه الأدلّة :

كقوله تعالى : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾[1] .

وكقوله تعالى : ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾[2] .

حيث روى المفيد (قدّه) في أماليه : " إنّ الله يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالماً ؟ فإن قال: نعم ، قال له : أفلا عملت بما علمت ؟ وإن قال: كنت جاهلاً ، قال له : أفلا تعلّمت حتى تعمل؟ فيخصمه ، وذلك الحجة البالغة"[3] .

وكقول الصادق (ع) : "سارعوا في طلب العلم فوالذي نفسي بيده لحديثٌ واحدٌ في حلالٍ وحرام تأخذه عن صادقٍ خيرٌ من الدنيا وما حملت من ذهبٍ وفضةٍ"[4] .

وعن أمير المؤمنين (ع) أنّه قال : " أيّها الناس اعلموا أنّ كمال الدين طلب العلم والعمل به ، وأنّ طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال"[5] .

وعن الصادق (ع) : "لا يقبل الله عملاً إلاّ بمعرفة ، ولا يقبل المعرفة إلاّ بعمل ، فمن عرف دلّته المعرفة على العمل ، ومن لم يعمل فلا معرفة له ، إنّ الإيمان بعضه من بعض"[6] .

وعن النبي (ص) أنّه قال : "ما عبد الله تعالى بشيءٍ أفضل من الفقه في الدين"[7] .

وعن الصادق (ع) أنّه قال : "تفقهوا في دين الله ، ولا تكونوا أعراباً ؛ فإنّ من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزكّ له عملاً"[8] .

إلى غير هذه الروايات الدالّة بمجموعها على مطلوبية تعلّم الأحكام الشرعية .

ويمكن تقريب الاستدلال بها بأن يقال :

لا ريب في دلالة هذه الروايات على لزوم التفقه في الدين ، ومعرفة أحكامه الشرعية ؛ لأنّ المتبادر إلى أذهان المتشرّعة من المصطلحات التالية: ( التفقه ، المعرفة ، العلم ) إمّا خصوص تعلّم الأحكام الشرعية المرتبطة بعمل المكلف وسلوكه ، أو ما يشملها بالإطلاق ، فيكون تعلّم الأحكام واجباً ، ولا ريب في أنّ لهذه الأخبار إطلاق أحوالي يقتضي لزوم التفقه حتى في عصر الغيبة ، وحيث لا طريق إليه إلاّ هذه البدائل الثلاثة فيلزم وجوبها ليمتثل وجوب تعلّم الأحكام ، وبهذه تتّصف تلك البدائل بالوجوب الشرعي .

و أورد عليه عدّة إشكالات :الإشكال الأول :

ما ذكره السيد رضا الصدر (ره): أنّ هذه الأدلّة غير ممكنة الشمول ؛ للدلالة على وجوب الاحتياط ، إذ العمل بالاحتياط غير واقع في طريق تعلّم الحكم ؛ إنّ الاحتياط طريقٌ إلى إطاعة التكاليف، وليس طريقاً إلى معرفتها[9] .

الإشكال الثاني :

ما يظهر من كلمات السيد جعفر مرتضى العاملي (دام عزّه) من أنّ هذه الروايات إنّما تدلّ على الأمر الإرشادي إلى ما يحكم به العقل من لزوم تحصيل الحكم الشرعي ، و لا تثبت الوجوب الشرعي لهذه الطرق والبدائل .

الإشكال الثالث :

ما ذكره البعض من أنّ هذه الأدلّة إرشادٌ إلى تنجز الأحكام الشرعية بالعلم الإجمالي المنعقد على وحودها في ضمن ما يحتمل ثبوته على المكلف ، فلا تدلّ على اتصافها بالوجوب المولوي الذي هو محل البحث .

الإشكال الرابع :

أنّه لو كان الملحوظ في هذه الأدلّة الوجوب المولوي على تعلّم الأحكام الشامل بإطلاقه لهذه البدائل فاللازم الحكم باستحقاق العقاب على تاركها ، مع أنّه من الواضح عدمه ؛ لأنّ أقصى ما يمكن أن يقال في حقّه بطلان عمله ، لا استحقاق العقاب على تركه .

نعم هو يستحق العقاب ولكن على تفويت الواجبات والمحرمات ، ولكن هذا شيءٌ واستحقاق العقاب على ترك البدائل شيءٌ آخر.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo