< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

41/01/23

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الاجتهاد و التقليد/ مسائل في الاجتهاد و التقليد / القول الثالث الوجوب الشرعي

 

وكيف كان فمقصوده (قدّه) أنّ جواز التقليد بديهي لا يحتاج إلى دليل ، بل هو نابعٌ من الفطرة التي أودعها الله في روعنا من نزوح الجاهل في رفع جهله إلى العالم ، وإلاّ فلا يمكن للعامّي أن يتعرّف على الأحكام من خلال الكتاب والسنّة في الأعمّ الأغلب من الأحكام ، وبالتالي لا مجال لتحقق الامتثال ؛ لأنّ الامتثال فرع معرفة الحكم وهو متوقف على النظر في الأدلّة ، وهو بدوره ممتنع عن العامّي ؛ لأنّه لا نظر له في الأدلّة .

ويرد عليه :

أولاً : مع فرض التسليم بما ذكره لا يستلزم ذلك أن يكون الوجوب فطري ؛ لأنّ الملاك المذكور يناسب كون الحكم عقلياً ؛ لأنّ الفطري كما عرفت ما يدركه حتى من لا عقل له أو كان عقله ناقصاً أو قاصراً ، ولزوم انسداد باب العلم بالأحكام على العامّي مدرك عقلي لا فطري .

نعم لربّما قصد من الفطري ما احتمله المحقق الأصفهاني (قدّه) على ما نُسب إليه ، وهو إرادة البديهي منه في مقابل النظري ، ومعناه الواضح الذي لا يختلف فيه اثنان ، لا أنّ مقصوده الوجوب الفطري ، ولكنّه خروج عن محل الكلام ، وأنّ المبحوث عنه الوجوب لا الإدراك .

ثانياً : أنّ الاتصاف بالوجوب ليس لتعلّم الأحكام وإنّما للامتثال ، فأصل المسألة في كيفية امتثال الأحكام الشرعية لا كيفية العلم بها ، وكلامه (قدّه) ناظر إلى مسألة وجوب تعلم الأحكام فهو خروج عن محل الكلام .

وعليه فاتصاف أحد البدائل بالوجوب الفطري جيد ولكن بملاك لزوم دفع الضرر المحتمل .

القول الثالث : أنّ الوجوب شرعي :

ذهب العلماء في هذا القول إلى ثلاثة مذاهب :

المذهب الأول : القول بالاستحالة .

المذهب الثاني : القول بإمكانه إلاّ أنّه لا دليل شرعي عليه .

المذهب الثالث : القول بوجود الدليل الشرعي عليه .

وإليك التفصيل :القائلون بالاستحالة :

ذهب المحقق الخوئي (قدّه) على ما حكاه الفاضل اللنكراني عنه في كتابه تفصيل الشريعة إلى استحالة ذلك واستدلّ عليه على ما في هذا الكتاب: " أنّ الوجوب الشرعي إن كان المراد به الوجوب النفسي فتارةً يكون هذا الوجوب بلحاظ وجوب تعلّم الأحكام نفسياً ، وأخرى بلحاظ المصالح الواقعية الباعثة على جعل الأحكام" [1] .

فعلى الأول : لا يتصور ذلك في الاحتياط ؛ لأنّه عنوان لنفس العمل ، بل في التقليد بناءً على أنّ العمل عن استناد .

وعلى الثاني : لا يتصوّر في الاجتهاد ؛ لأنّه طريق لمعرفة الأحكام ، ولا يتمّ في الاحتياط لعدم الدليل على وجوبه شرعاً .

وإن كان المراد به الوجوب الطريقي – أعني الإيجاب بداعي التنجيز أو التعذير - فإن أريد به وجوب تعلّم الأحكام فهو لا يتصوّر في الاحتياط ، بل في التقليد بناءً على العمل

وإن أُريد به الوجوب بلحاظ التحفظ على الملاكات الواقعية فلا يصحُّ في شيءٍ من الأمور الثلاثة ؛ لعدم كونها طريقاً إلى الواقع ، وإنّما الطرق هي الأمارات والأصول العملية بالإضافة إلى المجتهد ، وفتوى المجتهد بالنسبة إلى المقلّد .

وإن كان المراد به الوجوب الغيري فلا يُتصوّر له معنى في المقام ؛ لأنّ شيئاً من الأمور الثلاثة لا يكون مقدمة وجودية لواجب نفسي حتى يتّصف بالوجوب الغيري من قبله .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo