< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

41/01/16

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الاجتهاد و التقليد/مسائل في الاجتهاد والتقليد /وجوب أحد البدائل الثلاثة ( الاجتهاد - التقليد- الاحتياط )

 

مسألة 1 : يجب على كلّ مكلف في عباداته ومعاملاته أن يكون مجتهداً أو مقلداً أو محتاطاً[1] .

هذه المسألة تحتوي على مطالب متعددة :

المطلب الأول : وجوب أحد البدائل الثلاثة :

لا ريب في وجوب تحمل مسؤولية امتثال التكاليف إمّا بالاجتهاد أو بالتقليد أو بالاحتياط ، وذلك لأنّ المؤمن بالله تعالى وبالنبوة وبالمعاد يعلم بأنّ الله تعالى لم يخلق البشر عبثاً ، كما لم يتركهم هملاً في حياتهم العملية ، بل شرّع لهم أحكاماً تسودهم وتنظم حياتهم وتحفظ إنسانيتهم ، وهذه الأحكام كثيرٌ منها أحكام إلزامية من وجوبات ومحرمات ، وعلى ضوء ذلك يدرك عقل الإنسان وجوب الإطاعة عليه بامتثال هذه الأحكام؛ لعلمنا بأنّ عدم امتثالها يوجب استحقاق العقاب ، ولا ريب في استقلال العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، فكيف بالمتيقن([2] ).

المطلب الثاني : مصدر الوجوب المتعلق بهذه البدائل :

بعد أن ثبت يقيناً وجوب أحد هذه البدائل للخروج عن عهدة التكليف ، لنا أن نتسائل عن مصدر هذا الوجوب ، و في هذه القضية احتمل الفقهاء أربعة احتمالات على مستوى الثبوت ، وقبل بيان هذه الاحتمالات لا بأس بتقديم مقدمة :

وحاصلها : أنّ مصطلح الوجوب يطلق مرّة ويراد به المعنى الفلسفي ، وهو ما يقابل الإمكان والامتناع ، ويعرّف عادةً بأنّه الحاصل الذي إذا قدّر كونه مرتفعاً حصل منه محال ، ومرّة أخرى يطلق ويراد منه المعنى الديني ، وهو الذي إذا لم يفعله الإنسان كان مستحقاً لللوم والعقاب .

وللوجوب بالمعنى الديني تفسيرات متعددة منها : انقسامه باعتبار مصدره إلى الشرعي والعقلي والفطري ، قيل والعقلائي :

الوجوب الشرعي: ما كان بالأمر الملزم من قبل الشارع المقدس .

الوجوب العقلي: ما كان باستقلال العقل بلزوم فعله على المكلّف ولو لم يكن هناك شرع وشارع ، بحيث يُقبّح كلّ من خالفه ولم يقم به .

الوجوب الفطري: فهو الفعل الملزم الذي يبتني على الفطرة والغريزة والجبلّة والإحساس ، ويتميز عن الوجوب العقلي ؛ باختصاص العقلي بخصوص العاقل فلا يشمل غيره ، بينما الفطري يشمل الحيوان وكلّ ذي شعور ، فمثلاً لزوم دفع الضرر المحتمل لا يدركه العقل فقط ، بل غريزة كلّ حيوان تفرض عليه الفرار من الضرر المحتمل .

وأمّا الوجوب العقلائي: فهو وإن لم يذكره إلاّ بعض ، ولم أجده في كلمات الأعيان ، إلاّ أنّه يمكن تصويره بالفعل الذي يُلزم العرف بفعله ؛ بحيث لو لم يقم به المكلف كان محطاً للقدح والذمّ من قبلهم ، كإكرام الضيف ونحوه .

وبعد هذه المقدمة يظهر جلياً أنّ الوجوب المحتمل تعلقه ثبوتاً بأحد هذه البدائل الثلاثة ( الاجتهاد والتقليد والاحتياط ) لا يخرج عن واحدٍ من هذه الاحتمالات الأربعة ، ولكن للتحقيق في أي واحدٍ منها لا بدّ من وجود ملاكه فيه .

ولنبدأ ببيان للأراء تباعاً :

القول الأول : ويمكن أن يكون المشهور بينهم ؛ حيث اختاره المحقق الخوئي (قدّه) [3] وظاهر اللنكرودي واللنكراني والاشتهاردي في مدارك العروة ، وعن المرعشي في الغاية القصوى والسيد رضا الصدر في الاجتهاد والتقليد إلى غير هؤلاء ، فقد ذهبوا إلى أنّ الوجوب المتعلّق بأحد هذه البدائل عقلي ، ولكنّ الكلام ما هو الملاك في ذلك ، إذا كان الوجوب المتعلق بهذه الوجوه عقلي فبأي ملاك ؟

فيه نظريات :

النظرية الأولى : أنّ ملاك الوجوب العقلي المتعلق بإحدى هذه البدائل وجوب شكر المنعم ، وتقريبه :

أنّه لا ريب في إدراك العقل وجوب شكر من أنعمّ علينا بنعمته ، وإلاّ إذا لم يشكره استوجب الذمّ والعقاب ، بل يستحق عليه العقاب أيضاً، وهذا ليس إلاّ لوضوح ثبوت الوجوب بالإدراك العقلي .

ذكره الحكيم الأول في مستمسكه[4] وغيره .


[2] - محمد مهدي شمس الدين، الاجتهاد والتقليد : 7 .
[3] التنقيح في شرح العروة الوثقى، الخوئي، السيد أبوالقاسم - الشيخ ميرزا علي الغروي، ج1، ص1. الدرّ النضيد : 1/16، تفصيل الشريعة ( الاجتهاد والتقليد )، 8، مدارك العروة :1/42، الغاية القصوى نقلاً عن القول الرشيد : 1/12، الاجتهاد والتقليد لرضا الصدر : 218.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo