< قائمة الدروس

الأستاذ السيد محمدتقي المدرسي

بحث الفقه

41/06/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بحوث تمهيدية 7/ نصوص فضل العلم، ودور العلماء 3/ روايات صفات العالم الصالح المستحق للتقليد

 

في سياق الحديث عن الآيات القرآنية، قمنا بالتدبر في ثلاثة طوائف منها ترتبط بهذا الباب، وهي:

أولا: فضل العلم ومقام العلماء.

ثانياً: في الرجوع إلى العلماء فيما يجلهه الإنسان، وهو المعبّر عنه اليوم بالتقليد.

ثالثاً: مرجعيتهم العامة للأمة، والتي قد تصبح ولايةً سياسيةً للفقيه في بعض الظروف.

أما الروايات فقد ذكرنا جملةً منها تتعلق بالقسم الأول، أي فيما يرتبط بفضل العلم والعلماء، وكذلك تأملنا في رسالة الإمام الحسين عليه السلام التي يستدل بها على مرجعية العلماء للأمة، وهناك طوائف أخرى من النصوص سنتعرض لها خلال البحوث القادمة، ولكن قبلئذٍ لابد من بيان نقطةٍ محورية:

ما دامت حكمة الخلق هي الإبتلاء؛ فإن وجود الحجة ضرورة ليتم ذلك على الإنسان، فلولا قيامها لمّا صحّ الإبتلاء؛ بيد أن جزءاً من الإبتلاء مرتبطٌ بذات الحجة؛ حيث أن الناس قد يُبتلَون بعلماء فسّاق أو منافقين، وهذه بليّةٌ عظمى بأن يفسد العالم، وفي هذه الصورة لابد من تثقيف الأمة بمعنى العالم وصفاته وأنواعه، خصوصاً وأن بعض الصفات قد تكون خفيّة حتى على صاحبها كالنفاق.

ومن هنا، وردت طائفةٌ من الروايات ترسم معالم العالم الرباني المتبّع، وتبين الطريق لتشخيص العالم الصالح، ومن الضروري التأمل فيها وتعريف الناس بهذه الصفات؛ ذلك لأن دور العالم هو التصدي لشئون الأمة؛ ودور الناس إتباعه، وبينهما دور الطليعة وأهل الخبرة لتمييز العالم الذي يصلح لقيادة الأمة، ولا يميّزوه على أساس مصالحهم؛ وإنما وفقاً للمعايير الشرعية، وإن تم ذلك لكانت القيادة بعيدةً عن أي شائبة في الأمة، وهذا هو الفاصل الكبير بين أتباع أهل البيت عليهم السلام وغيرهم، حيث يقول الآخرون بأن أهل العقد هم من يختارون الإمام ويفرضوه على الناس؛ بينما نحن نرى وجوب التقليد على كل الناس، وتشخيص العالم من مسؤولية الفرد، أما اهل الخبرة فدورهم إرشاد الناس.

ومن جملة النصوص التي يستدل بها على ضرورة التحرّي من العالم وتوّفر صفاة القيادة فيه، هو ما رواه الإمام الرضا عن جده الإمام علي بن الحسين عليهم السلام، حيث قال: إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ قَدْ حَسُنَ سَمْتُهُ وَ هَدْيُهُ وَ تَمَاوَتَ فِي مَنْطِقِهِ وَ تَخَاضَعَ فِي حَرَكَاتِهِ فَرُوَيْداً لَا يَغُرَّنَّكُمْ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يُعْجِزُهُ تَنَاوُلُ الدُّنْيَا وَ رُكُوبُ الْمَحَارِمِ مِنْهَا لِضَعْفِ نِيَّتِهِ وَ مَهَانَتِهِ وَ جُبْنِ قَلْبِهِ فَنَصَبَ الدِّينَ فَخّاً لَهَا فَهُوَ لَا يَزَالُ يَخْتِلُ النَّاسَ بِظَاهِرِهِ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ حَرَامٍ اقْتَحَمَهُ.

وَ إِذَا وَجَدْتُمُوهُ يَعِفُّ عَنِ الْمَالِ الْحَرَامِ، فَرُوَيْداً لَا يَغُرَّنَّكُمْ، فَإِنَّ شَهَوَاتِ الْخَلْقِ مُخْتَلِفَةٌ فَمَا أَكْثَرَ مَنْ يَنْبُو عَنِ الْمَالِ الْحَرَامِ وَإِنْ كَثُرَ، وَيَحْمِلُ نَفْسَهُ عَلَى شَوْهَاءَ قَبِيحَةٍ فَيَأْتِي مِنْهَا مُحَرَّماً، فَإِذَا وَجَدْتُمُوهُ يَعِفُّ عَنْ ذَلِكَ فَرُوَيْداً لَا يَغُرَّنَّكُمْ حَتَّى تَنْظُرُوا مَا عَقَدَهُ عَقْلُهُ، فَمَا أَكْثَرَ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ أَجْمَعَ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ إِلَى عَقْلٍ مَتِينٍ فَيَكُونُ مَا يُفْسِدُهُ بِجَهْلِهِ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُهُ بِعَقْلِهِ.

وَإِذَا وَجَدْتُمْ عَقْلَهُ مَتِيناً فَرُوَيْداً لَا يَغُرَّنَّكُمْ حَتَّى تَنْظُرُوا أَ مَعَ هَوَاهُ يَكُونُ عَلَى عَقْلِهِ أَوْ يَكُونُ مَعَ عَقْلِهِ عَلَى هَوَاهُ وَكَيْفَ مَحَبَّتُهُ لِلرِّئَاسَاتِ الْبَاطِلَةِ وَزُهْدُهُ فِيهَا فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ بِتَرْكِ الدُّنْيَا لِلدُّنْيَا وَيَرَى أَنَّ لَذَّةَ الرِّئَاسَةِ الْبَاطِلَةِ أَفْضَلُ مِنْ لَذَّةِ الْأَمْوَالِ وَالنِّعَمِ الْمُبَاحَةِ الْمُحَلَّلَةِ، فَيَتْرُكُ ذَلِكَ أَجْمَعَ طَلَباً لِلرِّئَاسَةِ، ِ [حَتَّى إِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَ لَبِئْسَ الْمِهادُ فَهُوَ يَخْبِطُ خَبْطَ عَشْوَاءَ يَقُودُهُ أَوَّلُ بَاطِلٍ إِلَى أَبْعَدِ غَايَاتِ الْخَسَارَةِ وَ يُمِدُّهُ رَبُّهُ بَعْدَ طَلَبِهِ لِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي طُغْيَانِهِ فَهُوَ يُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَ يُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَا يُبَالِي بِمَا فَاتَ مِنْ دِينِهِ إِذَا سَلِمَتْ لَهُ رِئَاسَتُهُ الَّتِي قَدْ يَتَّقِي مِنْ أَجْلِهَا فَأُولَئِكَ الَّذِينَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِينا] [1] ؛ وَ لَكِنَّ الرَّجُلَ كُلَّ الرَّجُلِ نِعْمَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ هَوَاهُ تَبَعاً لِأَمْرِ اللَّهِ وَ قُوَاهُ مَبْذُولَةً فِي رِضَاءِ اللَّهِ يَرَى الذُّلَّ مَعَ الْحَقِّ أَقْرَبَ إِلَى عِزِّ الْأَبَدِ مِنَ الْعِزِّ فِي الْبَاطِلِ [ِ وَ يَعْلَمُ أَنَّ قَلِيلَ مَا يَحْتَمِلُهُ مِنْ ضَرَّائِهَا يُؤَدِّيهِ إِلَى دَوَامِ النَّعِيمِ فِي دَارٍ لَا تَبِيدُ وَ لَا تَنْفَدُ وَ أَنَّ كَثِيرَ مَا يَلْحَقُهُ مِنْ سَرَّائِهَا إِنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ يُؤَدِّيهِ إِلَى عَذَابٍ لَا انْقِطَاعَ لَهُ ] فَذَلِكُمُ الرَّجُلُ نِعْمَ الرَّجُلُ فَبِهِ فَتَمَسَّكُوا وَ بِسُنَّتِهِ فَاقْتَدُوا وَ إِلَى رَبِّكُمْ بِهِ فَتَوَسَّلُوا فَإِنَّهُ لَا تُرَدُّ لَهُ دَعْوَةٌ وَ لَا تُخَيَّبُ لَهُ طَلِبَة [2]

والإمام يبين في هذا الحديث معايير دقيقة جداً للعالم الصالح، يمكن تلخيصها بما يلي:

أولاً: إبتعاده عن الشهوات كلها، سواءاً فيما يرتبط بالمال أو الجنس أو السلطة، وزهده فيها.

ثانياً: رجاحة العقل والعلم.

ثالثاً: ترجيح العقل على الهوى، أي تحكيم العقل على تصرفاته ومواقفه.

رابعاً: تقبل النقد وعدم الإسترسال مع الباطل، لأن الذل في الحق عنده أفضل من العز مع الباطل.

خامساً: اتباع أوامر الرب، والسعي في تحقيق رضا الله سبحانه.

ومن كان كذلك فإنه لابد أن يكون وسيلةً بين الإنسان وربه، وقد روي عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام روايةً مفصّلة عن جده الصادق عليه السلام، يحكي صفات علماء اليهود والنصارى وذم الباري في إتباعهم، وأن ذلك إنما كان لسوء أفعال العلماء، الأمر الذي قد يتكرر في علماء المسلمين، ولذلك فإن التقليد منحصرٌ بطائفةٍ معينةٍ منهم، قال عليه السلام: فَقَالَ رَجُلٌ لِلصَّادِقِ عليه السلام: فَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْعَوَامُّ مِنَ الْيَهُودِ لَا يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ إِلَّا بِمَا يَسْمَعُونَهُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ- لَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى غَيْرِهِ، فَكَيْفَ ذَمَّهُمْ بِتَقْلِيدِهِمْ وَ الْقَبُولِ مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَ هَلْ عَوَامُّ الْيَهُودِ إِلَّا كَعَوَامِّنَا يُقَلِّدُونَ عُلَمَاءَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَجُزْ لِأُولَئِكَ الْقَبُولُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ، لَمْ يَجُزْ لِهَؤُلَاءِ الْقَبُولُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ.

فَقَالَ عليه السلام: بَيْنَ عَوَامِّنَا وَ عُلَمَائِنَا وَ بَيْنَ عَوَامِّ الْيَهُودِ وَ عُلَمَائِهِمْ فَرْقٌ مِنْ جِهَةٍ وَ تَسْوِيَةٌ مِنْ جِهَةٍ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ اسْتَوَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ذَمَّ عَوَامَّنَا بِتَقْلِيدِهِمْ عُلَمَاءَهُمْ كَمَا ذَمَّ عَوَامَّهُمْ. وَ أَمَّا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ افْتَرَقُوا فَلَا. قَالَ: بَيِّنْ لِي ذَلِكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله. قَالَ عليه السلام: إِنَّ عَوَامَّ الْيَهُودِ كَانُوا قَدْ عَرَفُوا عُلَمَاءَهُمْ بِالْكَذِبِ الصِّرَاحِ، وَ بِأَكْلِ الْحَرَامِ وَ بِالرِّشَا، وَ بِتَغْيِيرِ الْأَحْكَامِ عَنْ وَاجِبِهَا- بِالشَّفَاعَاتِ وَ الْعِنَايَاتِ وَ الْمُصَانَعَاتِ، وَ عَرَفُوهُمْ بِالتَّعَصُّبِ الشَّدِيدِ- الَّذِي يُفَارِقُونَ بِهِ أَدْيَانَهُمْ- وَ أَنَّهُمْ إِذَا تَعَصَّبُوا أَزَالُوا حُقُوقَ مَنْ تَعَصَّبُوا عَلَيْهِ، وَ أَعْطَوْا مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ تَعَصَّبُوا لَهُ- مِنْ أَمْوَالِ غَيْرِهِمْ وَ ظَلَمُوهُمْ مِنْ أَجْلِهِمْ.

وَ عَرَفُوهُمْ بِأَنَّهُمْ [أي عرف العوام بأن العلماء] يُقَارِفُونَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَ اضْطُرُّوا بِمَعَارِفِ قُلُوبِهِمْ[3] - إِلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ‌ مَا يَفْعَلُونَهُ فَهُوَ فَاسِقٌ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَدَّقَ عَلَى اللَّهِ، وَ لَا عَلَى الْوَسَائِطِ بَيْنَ الْخَلْقِ وَ بَيْنَ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ ذَمَّهُمُ [اللَّهُ‌] لَمَّا قَلَّدُوا مَنْ قَدْ عَرَفُوا، وَ مَنْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَبُولُ خَبَرِهِ، وَ لَا تَصْدِيقُهُ فِي حِكَايَتِهِ، وَ لَا الْعَمَلُ بِمَا يُؤَدِّيهِ إِلَيْهِمْ عَمَّنْ لَمْ يُشَاهِدُوهُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِمُ النَّظَرُ بِأَنْفُسِهِمْ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله، إِذْ كَانَتْ دَلَائِلُهُ أَوْضَحَ مِنْ أَنْ تَخْفَى، وَ أَشْهَرَ مِنْ أَنْ لَا تَظْهَرَ لَهُمْ.

وَ كَذَلِكَ عَوَامُّ أُمَّتِنَا- إِذَا عَرَفُوا مِنْ فُقَهَائِهِمُ الْفِسْقَ الظَّاهِرَ، وَ الْعَصَبِيَّةَ الشَّدِيدَةَ وَالتَّكَالُبَ عَلَى حُطَامِ الدُّنْيَا وَحَرَامِهَا، وَإِهْلَاكَ مَنْ يَتَعَصَّبُونَ عَلَيْهِ- وَ إِنْ كَانَ لِإِصْلَاحِ أَمْرِهِ مُسْتَحِقّاً[4] ، وَ بِالتَّرَفُّقِ بِالْبِرِّ وَ الْإِحْسَانِ عَلَى مَنْ تَعَصَّبُوا لَهُ، وَ إِنْ كَانَ لِلْإِذْلَالِ وَ الْإِهَانَةِ مُسْتَحِقّاً.

فَمَنْ قَلَّدَ مِنْ عَوَامِّنَا مِثْلَ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءِ- فَهُمْ مِثْلُ الْيَهُودِ الَّذِينَ ذَمَّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّقْلِيدِ- لِفَسَقَةِ فُقَهَائِهِمْ.

فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَ الْفُقَهَاءِ صَائِناً لِنَفْسِهِ[5] ، حَافِظاً لِدِينِهِ، مُخَالِفاً لِهَوَاهُ[6] ، مُطِيعاً لِأَمْرِ مَوْلَاهُ فَلِلْعَوَامِّ أَنْ يُقَلِّدُوهُ، وَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا [فِي‌] بَعْضِ فُقَهَاءِ الشِّيعَةِ لَا جَمِيعِهِمْ، فَإِنَّ مَنْ رَكِبَ مِنَ الْقَبَائِحِ وَ الْفَوَاحِشِ- مَرَاكِبَ فَسَقَةِ فُقَهَاءِ الْعَامَّةِ فَلَا تَقْبَلُوا مِنْهُمْ عَنَّا شَيْئاً، وَلَا كَرَامَةَ لَهُمْ، وَإِنَّمَا كَثُرَ التَّخْلِيطُ- فِيمَا يَتَحَمَّلُ عَنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ لِذَلِكَ، لِأَنَّ الْفَسَقَةَ يَتَحَمَّلُونَ عَنَّا، فَهُمْ يُحَرِّفُونَهُ بِأَسْرِهِ لِجَهْلِهِمْ، وَيَضَعُونَ الْأَشْيَاءَ عَلَى غَيْرِ وُجُوهِهَا- لِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ وَ آخَرِينَ يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ عَلَيْنَا- لِيَجُرُّوا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا- مَا هُوَ زَادُهُمْ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ.

وَمِنْهُمْ قَوْمٌ نُصَّابٌ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْقَدْحِ فِينَا، يَتَعَلَّمُونَ بَعْضَ عُلُومِنَا الصَّحِيحَةِ فَيَتَوَجَّهُونَ بِهِ عِنْدَ شِيعَتِنَا، وَ يَنْتَقِصُونَ [بِنَا] عِنْدَ نُصَّابِنَا ثُمَّ يُضِيفُونَ إِلَيْهِ أَضْعَافَهُ وَ أَضْعَافَ أَضْعَافِهِ- مِنَ الْأَكَاذِيبِ عَلَيْنَا الَّتِي نَحْنُ بِرَاءٌ مِنْهَا، فَيَتَقَبَّلُهُ الْمُسْتَسْلِمُونَ مِنْ شِيعَتِنَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ عُلُومِنَا فَضَلُّوا وَ أَضَلُّوهُمْ، وَ هُمْ أَضَرُّ عَلَى ضُعَفَاءِ شِيعَتِنَا مِنْ جَيْشِ يَزِيدَ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عليه السلام وَأَصْحَابِهِ فَإِنَّهُمْ يَسْلُبُونَهُمُ الْأَرْوَاحَ وَالْأَمْوَالَ، وَلِلْمَسْلُوبِينَ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلُ الْأَحْوَالِ- لِمَا لَحِقَهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ.[7]

وَ هَؤُلَاءِ عُلَمَاءُ السَّوْءِ النَّاصِبُونَ- الْمُشَبِّهُونَ بِأَنَّهُمْ لَنَا مُوَالُونَ، وَ لِأَعْدَائِنَا مُعَادُونَ يُدْخِلُونَ الشَّكَّ وَ الشُّبْهَةَ عَلَى ضُعَفَاءِ شِيعَتِنَا، فَيُضِلُّونَهُمْ وَ يَمْنَعُونَهُمْ عَنْ قَصْدِ الْحَقِّ الْمُصِيبِ. [لَا جَرَمَ‌] أَنَّ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ- مِنْ هَؤُلَاءِ الْعَوَامِّ- أَنَّهُ لَا يُرِيدُ إِلَّا صِيَانَةَ دِينِهِ وَ تَعْظِيمَ وَلِيِّهِ، لَمْ يَتْرُكْهُ فِي يَدِ هَذَا الْمُلَبِّسِ الْكَافِرِ، وَ لَكِنَّهُ يُقَيِّضُ لَهُ مُؤْمِناً يَقِفُ بِهِ عَلَى الصَّوَابِ، ثُمَّ يُوَفِّقُهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلْقَبُولِ مِنْهُ، فَيَجْمَعُ لَهُ بِذَلِكَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، وَ يَجْمَعُ عَلَى مَنْ أَضَلَّهُ لَعْنَ الدُّنْيَا وَ عَذَابَ الْآخِرَةِ.

وفي هذه الفقرة الأخيرة، بيانٌ لمسؤولية الخبراء بتثقيف الأمة باتجاه العلماء الصالحين.


[3] أي عرفوا بعقلهم بما لا يقبل الشك؛ بأن الفاعل لهذه الأفاعيل لا يمكن أن يكون مصدقاً على الله وواسطةً لنقل الأحكام، ولكنهم رغم ذلك اتبعوهم.
[4] الحزبية والتحزب.
[5] بأن لا يتبع اهوائه ولا يسترسل مع عصبياته.
[6] وفي بعض النسخ : على هواه.
[7] فكم فرقةٍ من الفرق الضالة نتجت من بعض هؤلاء العلماء الفسقة، ولذلك كان على العوام أن تكون لهم مقاييس واضحة، وعلى الدعاة أن يثقفوا الناس .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo