< قائمة الدروس

الأستاذ السيد محمدتقي المدرسي

بحث الفقه

41/06/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: عن الوصي 15/ مسائل فرعية

 

إذا أوصى المرء، بعينٍ لشخصٍ وبثلثه لآخر، كما لو قال داري لزيد، وما يبقى من ثلث بعده لعمرو، فإن لم يبقَ من الثلث شيئاً بعد اخراج العين، فلا يستحق الآخر شيئاً، وإذا ارتفعت قيمة العين إلى أزيد من الثلث احتيج إلى اذن الورثة في دفع الزائد للموصى له.

وإذا عابت الدار، كما لو انهدم قسمٌ منها، فلابد أن تدفع إلى الموصى له سليمة، وبذلك يتم إعمارها من الثلث قبل أن يصار إلى تنفيذ الوصية الثانية.

وإذا أوصى المرء بداره لشخصٍ، فانهدمت تماماً في حياته،فقيل: لا شيء للموصى له لإنتفاء الموضوع، ولكن ذهب المتأخرون إلى دفع الأرض للموصى له، ولعل سبب الإختلاف بين القولين يكمن في أن الأرض لم تكن ذات قيمة في عرف القدماء، فصارت كذلك عند المتأخرين.

 

منجزات المريض

تبحث مسألة منجزات المريض في باب الحجر، حيث ذهب مشهور الفقهاء إلى أن منجزات المريض تخرج من أصل المال ولا تحدد بالثلث، فللمرء أن يتصرف في كل أمواله ما دامت الروح في بدنه.

نعم، ذهب بعض الفقهاء -تبعاً لبعض الروايات- إلى أنها من الثلث، وقد حمل المشهور تلك الروايات على بعض المحامل، كالكراهة الشديدة والتقية -لموافقتها رأي العامة-، كما يمكن حملها على أن المريض قد يعاب عقله أيضاً، فتحمل الروايات المحددة بالثلث على الحالات المرضية الشديدة التي يعجز فيها المريض عن التثبت عما يقوله.

وعلى كل حال، فلابد من التفريق بين منجزات المريض وبين وصاياه، فالأولى تكون إرادته لإعمالها في حياته والاخرى بعد الوفاة.

والأقرب عندنا الأخذ بالروايات المطلِقة لمنجزات المريض، لأن رواياته أكثر عدداً وأصح سنداً، كما أنها هي المعتمدة لدى الفقهاء.

 

روايات الباب:

اما الروايات المحددة بقدر الثلث فهي:

     عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ عَطِيَّةِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ فَقَالَ: أَمَّا إِذَا كَانَ صَحِيحاً فَهُوَ لَهُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ وَ أَمَّا فِي مَرَضٍ فَلَا يَصْلُحُ.[1]

 

     عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ رَجُلٍ حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَأَعْتَقَ مَمْلُوكاً لَهُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا ذَلِكَ كَيْفَ الْقَضَاءُ فِيهِ قَالَ: مَا يُعْتَقُ مِنْهُ إِلَّا ثُلُثُهُ وَ سَائِرُ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ أَحَقُّ بِذَلِكَ وَ لَهُمْ مَا بَقِيَ.[2]

     عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْمَرْأَةِ تُبْرِئُ زَوْجَهَا مِنْ صَدَاقِهَا فِي مَرَضِهَا قَالَ: “لَا.[3]

     عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لِامْرَأَتِهِ عَلَيْهِ صَدَاقٌ أَوْ بَعْضُهُ فَتُبْرِئُهُ مِنْهُ فِي مَرَضِهَا قَالَ: "لَا وَ لَكِنْ إِنْ وَهَبَتْ لَهُ جَازَ مَا وَهَبَتْ لَهُ مِنْ ثُلُثِهَا".[4]

 

هذا ولكن في المقابل هناك نصوصٌ تدل على مضيّ منجزات المريض من جميع المال، ولا تحدد بالثلث، وهي رواياتٌ كثيرة منها ما يلي:

     عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الْوَلَدُ أَ يَسَعُهُ أَنْ يَجْعَلَ مَالَهُ لِقَرَابَتِهِ قَالَ: "هُوَ مَالُهُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ.[5]

     ومثلها ما عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: قُلْتُ لَهُ الرَّجُلُ لَهُ الْوَلَدُ أَ يَسَعُهُ أَنْ يَجْعَلَ مَالَهُ لِقَرَابَتِهِ فَقَالَ: "هُوَ مَالُهُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ إِنَّ لِصَاحِبِ‌ الْمَالِ أَنْ يَعْمَلَ بِمَالِهِ مَا شَاءَ مَا دَامَ حَيّاً إِنْ شَاءَ وَهَبَهُ وَ إِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ وَ إِنْ شَاءَ تَرَكَهُ إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ فَإِنْ أَوْصَى بِهِ فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثُّلُثُ إِلَّا أَنَّ الْفَضْلَ فِي أَنْ لَا يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُهُ وَ لَا يُضِرَّ بِوَرَثَتِهِ"[6]

وذيل الرواية يدل على كراهة جعل المنجزات في أكثر من الثلث، وهذا أحد المحامل التي تحمل الروايات المانعة عليه كما سبق.

     عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي السَّمَّالِ الْأَسَدِيِّ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: الْمَيِّتُ أَوْلَى بِمَالِهِ مَا دَامَ فِيهِ الرُّوحُ.[7]

     عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ: "صَاحِبُ الْمَالِ أَحَقُّ بِمَالِهِ مَا دَامَ فِيهِ شَيْ‌ءٌ مِنَ الرُّوحِ يَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ.[8]

 

     عَنْ مُرَازِمٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام فِي الرَّجُلِ يُعْطِي الشَّيْ‌ءَ مِنْ مَالِهِ فِي مَرَضِهِ؟ فَقَالَ: إِذَا أَبَانَ فِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَ إِنْ أَوْصَى بِهِ فَهُوَ مِنَ الثُّلُثِ.[9]

     عَنْ عَمَّارٍ السَّابَاطِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: "الْمَيِّتُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مَا دَامَ فِيهِ الرُّوحُ يُبِينُ بِهِ قَالَ نَعَمْ فَإِنْ أَوْصَى بِهِ فَإِنْ تَعَدَّى فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الثُّلُثُ.[10]

 

وهذه الروايات هي المعتمدة لدى الفقهاء، في إحتساب منجزات المريض من أصل التركة لا من ثلثها، ويقصد بمرض الموت، المرض الذي ينتهي بصاحبه إلى الموت، لا كل مرضٍ كان قبل الموت ومات بسببٍ آخر، ومن هنا، فلا يمكن إلحاق الحوادث المؤدية إلى الموت كالحرب والغرق والحرق وما أشبه بمرض الموت.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo