< قائمة الدروس

الأستاذ السيد محمدتقي المدرسي

بحث الفقه

41/03/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القبول في الوصايا العهدية والتمليكية

 

في سياق الحديث عن باب الوصية عن شروط الموصي، وآخر شرطٍ تحدثنا عنه كان عن إشتراط أن لا يكون الموصي قاتل نفسه، وقبل أن نتحدث عن المسائل التالية نرجع إلى بعض المسائل التي طرحناها في بداية الباب والتي كانت للتمييز بين الوصية التملكية والوصية العهدية.

بين الوصية التمليكية والعهدية

ترتبط الوصية التمليكية بالمال، سواءاً بتمليكه أو تمليك منفعته، أو تمليك حقٍ من الحقوق المرتبطة بالملك، كحق الخيار أو الشفعة أو ما أشبه، وذلك من خلال إيصال الإنسان ما بعد حياته بما قبل موته، فيربط المستقبل بالحاضر، فتكون الوصية التمليكية إعطاء الصلاحية للغير لإستيفاء الحق الذي يمكنه أن يستوفيه في حياته.

أما الوصية العهدية، ففي الإصطلاح تخالف التمليكية، حيث أن الوصية العهدية المصطلحة هي كل وصية لا ترتبط بالمال، بل بالحقوق الأخرى كحق الولاية على الصغير أو الولاية على الوقف، أو حق الإنسان في إختيار مدفنه أو كيفية تشييعه، أو ما أشبه من الأمور التي لا ترتبط بالمال.

ولكن المعنى العام للعهد يشمل كل أنواع الوصية، فالعهد يعني عهد إنسانٍ إلى آخر بشيءٍ ما، سواءاً كان في مالٍ أو غيره، ولذلك فإن كلمة العهد قد ترد ويكون المراد منها عموم الوصية.

القبول في الوصية

..

وهناك نقطة فراغ في كلام الفقهاء ونود أن نوضحها، لعلها تكون فكرةً جديدة ضمن عشرات الأراء التي تحوم حول هذه القضية وهي ترتبط بالقبول، حيث ذهب الكثير من الفقهاء بأن الوصية عقدٌ وربما هو المشهور بينهم، فلكل عقد طرفان، أحدهما الموصي وهو الموجب، والآخر الموصى له وهو القابل، ولكن لايبدو لنا أن الوصية عقد، إذ أن العقد واضحٌ فهو إلتزامٌ في مقابل إلتزامٍ آخر، (إلا أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم) والوصية ليست كذلك حتماً، ولكن رغم ذلك اشترطوا فيها القبول.

وهنا لابد أن نبين أن القبول درجات، فنوعٌ منه يلتزم القابل بموجبه بتعهدٍ معين، ولابد أن يقوم بعملٍ معين، كالبيع، حيث أن المشتري تترتب عليه بقبوله جملةٌ من الأحكام، كدفع الثمن وأخذ المثمن، وهذا هو تعهّده في مقابل تعهد الموجب.

وهناك نوعٌ من القبول لا يتضمن إلتزاماً، كقبول الإنسان للإحسان، فبالرغم من إشتراطنا القبول في الإحسان إلا أن القبول لا يصيّر الإحسان عقداً بين المحسن والمحسن إليه، كما في الإبراء، حيث أن القول بإشتراط القبول فيه لا يعني أنه يقتضي إلتزاماً.

( صوت).

ومن هنا فنحن نقول بأن الوصية إيقاعٌ وقبولها كقبول الهدية، وليس كقبول العقد، والثمرة في هذا التفريق تنفعنا فيما لو صدر القبول من الموصى إليه بعد فترةٍ طويلة من موت الموصي، فإنه قبوله يمضي الوصية ويملك الموصى إليه الموصى به كما يملك منافعه في الفترة السابقة، لأن قبوله المطلوب هنا هو مجرد عدم الرد، فيكون كاشفاً عن الملكية من الأول.

( صوت)

أما في الوصية العهدية، فإن القبول فيها يكون مقارباً للقبول في العقود، حيث تقتضي نوعاً من الإلتزام أو الولاية، كالوصية بالدفن في مكانٍ معيّن أو القيام بعملٍ معيّن، فليس للوصي أن يرجع من قبوله بعد موت الموصي.

والله العالم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo