< قائمة الدروس

الأستاذ السيد محمدتقي المدرسي

بحث الفقه

39/07/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مباني المضاربة / خاتمة كتاب المضاربة

 

التطورات الحادثة في العالم وبالذات في مجال التواصل بين البشر، سواء بصورة غير مباشرة كالهواتف والإنترنت، أو مباشرة عبر تسهيل وسائل النقل، أحدثت ثورةً في مجال العلاقات التجارية وتبادل البضائع والخبرات، وهذا الأمر كان سبباً لإيجاد أنظمة تستطيع إستيعاب المتغيرات، والإسلام حوى ركائز هذه الأنظمة، حيث أسس الشرع قواعد وأصول عامة يمكن التفريع عليها، إلا أن حركة علماء الإسلام خلال القرن الماضي وما لحقه لم تكن كافية لمواكبة المتغيرات، ولذلك توجهت بلداننا إلى الأنظمة الحديثة في هذا المجال، ففي بعض الدول الإسلامية رغم تصريح دستور البلاد بوجوب أن تكون القوانين مستوحاة من الشرع الإسلامي، نجد القانون التجاري مستثنى من القاعدة، فاعتمدوا القوانين الغربية.

وجزءٌ من هذا التوجه هو ضغوط الآخرين، وجزءٌ آخر منه عدم إستيعاب الفقهاء للمتغيرات، وإن كانت ثمة كتابات في هذا المجال فإنها كتبت على عجلٍ وإستحياء، عن التنمية الإقتصادية والبنوك اللاربوية والإستثمارات وغيرها.

وتطوير هذا الجانب بحاجة إلى أمرين:

الأول: دراسة قوانين الإستثمار في القانون الحديث والتي تسربت إلينا، ونجعلها في إطار النقد لنرى ما يوافق قيمنا وما يخالف، وما يوافق أعرافنا وظروفنا وما يخالف.

الثاني: دراسة الإسلام وقوانينه، والبحث عن تلكم القوانين التي يمكن أن تجاري المتغيرات، وذلك بوضع قوانين مستوحاة من القرآن الكريم والعترة والتاريخ الإسلامي الثري لواقعنا، وهو أمرٌ ممكن، بل ربما وجدنا في الإسلام ما عجزت عن تحقيقها القوانين الغربية حتى.

وفي المضاربة هناك مجموعة من الإشارات في كلمات الفقهاء يمكن إستفادتها في باب الإستثمار نذكر بعضها:

الأول: هل المضاربة عقدٌ جائز أم لازم؟

ربما كان جائزاً ويمكن جعله لازماً بشرطٍ أو بدونه، وهذا ينفعنا في مجال الإستثمار، إذ قد لا ينفع العقد الجائز مع حتميات الواقع الإقتصادي اليوم.

الثانية: إمكان إنتقال المضاربة من عاملٍ إلى آخر، فالمضارب يعطي الأموال التي بيده إلى مضاربين صغار يعملون بها، وهذا مفتاحٌ لباب مهم، وهو بيع الأسهم.

الثالثة: هل تقتصر المضاربة في التجارة فقط أم يمكن أن تكون في عقود أخرى كالزراعة والصناعة والنقل؟ بالقول بالتعميم تسهل عملية الإستثمار وفق المضاربة.

الرابعة: المضاربة قد تكون في الأمور المحددة عبر الشارع، حيث فصّل بعض العلماء هذا الأمر وقد ذكرنا الحدود في البحث السابق، حيث يحدد الشرع المضاربة فيما يجوز، فهناك أحكام من المحرمات ثابتة كالمضاربة بالخمر، ولكن هناك محرمات متغيرة كالمتاجرة بالأسلحة في ظروف معينة، أو بالسلع التي تضر بإقتصاد البلد أو بالمضاربين الآخرين.

الخامسة: إذا أخذ العامل مالاً للمضاربة هل يجوز له أن يأخذ مالاً آخر مضاربةً؟

قال البعض بعدم الجواز، ولكن المشهور جوزوا ذلك، وقد فصّل العلامة بين ما لو كان قادراً على جميعها فيجوز وإلا لم يجز، فإن لم يكن قادراً على إدارة أكثر من مضاربةٍ واحدة لم يجز له أخذ أخرى، بل قال البعض بأنه إن ضارب بمالٍ آخر، وربحت الثانية مع وضيعة الأولى، أعطى المالك الأول حصته من الربح، لتسببه في خسرانه بالمضاربة الثانية.

وهذه المسألة تفتح لنا أفقاً بإمكان جعل شرطٍ في المضاربة، بأن لا تضر المضاربة مضاربةً أخرت، من هنا يجب أن تكون جهة تنظم الإستثمارات في السوق، لعدم جواز الإضرار بالآخرين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo