< قائمة الدروس

الأستاذ السيد محمدتقي المدرسي

بحث الفقه

39/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تملك العامل للربح 5 / أحكام المضاربة

 

بقيت بعض الفروع المرتبطة بموضوع قسمة الربح بين المالك والعامل، منها ما ذكره الشهيد الأول ومنها ما بينه السيد اليزدي ومنها ما سنذكره نحن:

أما الأولى: فما ذهب إليه الشهيد الأول كما نقل عنه الشهيد الثاني في المسالك[1] من أن العامل بعد أخذه لحصته من الربح وخسران رأس المال ليس عليه أن يدفع سوى أقل الأمرين، ولكن ليس كما إشتهر الأقل بين الخسارة إن كانت كلية فيدفع الجميع أو جزئية فبقدرها، بل هي بنسبة ما أخذه إلى كلي رأس المال وبين الخسارة.

بيان ذلك: أن الشهيد إعتبر الربح جزءاً مشاعاً من رأس المال، فالعامل لا يملك ربحاً منفصلاً عن رأس المال بل هو جزءٌ منه، وبأخذه لربحه ينقص جزءاً من رأس المال، فإذا نقص رأس المال عن مقداره الأول فلابد أن يرجع إليه مقدار الخسارة بنسبته، التي تكون أقل مما لو قيل بالمشهور.

فإحتساب رأس المال مع الربح سيكون أكثر مما لو إحتسبناه لوحده فلو كان رأس المال مائة والربح عشرون، ونصفها عشرة، فإذا أنقصنا العشرة من كل المائة وعشرين سيكون المقدار نصف السدس، بينما إذا إعتبرنا العشرة من المائة فهي نصف الخمس.

فإذا أخذ الربح يعتبر أنه أنقص رأس المال، وتقريباً يكون الفرق في المثال بين القولين هو الفرق بين نصف العشرين ونصف الثمانية عشرة، يعني الفرق هو نصف العشر.

والشهيد يبني قوله على القول بعدم تجزئة القسمة عن رأس المال وبقائه في ضمنه، ولكنّا قلنا بالتجزئة لأنا إعتمدنا على أن الإشاعة تزول بمجرد القسمة، وهو ما يسمى بالإزالة المأخوذة من التعبير القرآني (التزيّل) ، فتقسيم الربح أخرج المال من الإشاعة، فحينئذ مع خسران رأس المال يرجع العامل أقل الأمرين، فإذا كانت الخسارة تتجاوز مقدار الربح أرجعه كله، وإلا فبمقدارها، قال السيد اليزدي قدس سره في بيان هذه المسألة: "و يظهر من الشهيد أن قسمة الربح موجبة لاستقراره و عدم جبره للخسارة الحاصلة بعدها لكن قسمة مقداره ليست قسمة له من حيث إنه مشاع في جميع المال فأخذ مقدار منه ليس أخذا له فقط حيث قال على ما نقل عنه إن المردود أقل الأمرين مما أخذه العامل من رأس المال لا من الربح فلو كان رأس المال مائة و الربح عشرين فاقتسما العشرين فالعشرون التي هي الربح مشاعة في الجميع نسبتها إلى رأس المال نسبة السدس فالمأخوذ سدس الجميع فيكون خمسة أسداسها من رأس المال و سدسها من الربح فإذا اقتسماها استقر ملك العامل على نصيبه من الربح و هو نصف سدس العشرين و ذلك درهم و ثلثان يبقى معه ثمانية و ثلث من رأس المال فإذا خسر المال الباقي رد أقل الأمرين من ما خسر و من ثمانية و ثلث"[2] .

كل هذا يعتمد على القول ببقاء الإشاعة بعد القسمة ونحن قلنا بأن القسمة تنهي الإشاعة، وبذلك فالرأسمال هو السابق نفسه وبالتالي يرجع ماأخذه، لا أقل منه.

 

بيع الربح قبل إستقراره

وأما المسألة إنفرد ببيانها السيد اليزدي قدس سره فهي ترتبط ببيع العامل حصته من الربح قبل الإستقرار حيث قال: "إذا باع العامل حصته من الربح بعد ظهوره صح مع تحقق الشرائط‌ من معلومية المقدار و غيره و إذا حصل خسران بعد هذا لا يبطل البيع بل يكون بمنزلة التلف فيجب عليه جبره بدفع أقل الأمرين من مقدار قيمة ما باعه و مقدار الخسران‌"[3] .

فقد ذهب السيد قدس سره إلى صحة البيع السابق مع خسارة رأس المال لاحقاً، بإعتبار ملك العامل لما باعه، ولكنه يجبر النقص في رأس المال من مالٍ آخر.

وخالفه السيد البروجردي في تعليقته على العروة[4] لعدم إستقرار الملكية وبظهور الخسران في رأس المال إنهدمت الملكية، فهي كانت مشروطةً ببقاء الربح وحيث لا ربح فلا ملكية يمكن ترتيب الآثار عليها من بيع أو هبة أو إرث أو غيره.

والحق مع السيد البروجردي قدس سره، لأن البيع الذي يجري على ملكٍ غير مستقر متزلزل، فهو يبيع ملكيةً مشروطة وبإنتفاء الشرط ينتفي البيع، ومثله من يبيع فضولاً.

دخول الربح في رأس المال

أما المسألة التي نود بيانها حيث يظهر من تتبعنا عدم تعرض الأعلام لها، هي عن دخول الربح ضمن رأس المال مع إستمرار المضاربة؟

تارةً قد يتوافق الطرفان على عدم إحتساب الربح إلا حين إنتهاء المضاربة، حيث يأخذ المالك رأس ماله ثم يتقاسمان الباقي كربح.

وتارةً أخرى يعتبران الربح الحاصل في كل معاملة على حدة، وبالتالي يضاف هذا المقدار إلى رأس المال فيصير العامل شريكاً في رأس المال بقدر حصته من الربح، وبزيادة الحصة في كل معاملة تزيد نسبته في الشركة، وربما زاد ذلك عن رأس المال أصلاً.

من الناحية العقلية لا مانع من التراكم، كما أنه لا مانع منه شرعاً إلا بناءاً على القول بأن الربح لا يملكه العامل إلا مع إنتهاء المضاربة، وهذا القول مخالفٌ للمشهور، والله العالم.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.


[1] المسالك، ج4، ص392، وكذا نقل عنه المحقق الثاني في الجامع والسيد العاملي في مفتاح الكرامة. [المقرر].

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo