< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

35/06/22

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الأصول \ الطلب والإرادة\
الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على خاتم النبيين حبيب قلوب المتقين الصادق الطاهر البر الأمين أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
الطلب والإرادة
وهذا المبحث أقرب الى الفلسفة منه الى علم الأصول اذ وقع النزاع في حقيقة الطلب المولوي وهل هو صفة نفسانية قائمة في نفس الطالب يتلبس بها كما يتلبس بالعلم والقدرة او ان الطلب هو العزم. وهل الطلب فعل للنفس .......
مما هو معلوم في علم الكلام والعقيدة بأن الأشاعرة غايروا بين الطلب وبين الإرادة تبعا لنظريتهم في ان افعال العباد مخلوقة للمولى وإن ذهب بعضهم الى مقولة الكسب وفسر بالعزم .
فإن المولى عندما يريد شيء تشريعيا فلا بد من كونه مقدورا لقبح التكليف بغير المقدور وبحسب مبناهم العقائدي في خلق الأفعال لله فيستحيل تعلق ارادة المولى بأفعال العباد لأنها ليست تحت قدرتهم وبما انه ثبت من خلال الرسل والأولياء صدور الطلب فليجمع بين الأمرين التزموا بالمغايرة بين الطلب وبين الإرادة بمعنى ان للمولى ان يطلب وليس له ان يريد، وأصحاب الإتجاه بالكسب على العكس من ذلك ولبسط الكلام لا بد من بيان كيفية صدور الأفعال من الخلق فقد ذكرت في المقام نظريات خمس :
الأولى : دعوى اختصاص وانحصار الأفعال بالإنسان وحده وليس لله ان نصيب في الفاعلية وهذه المسألة موقوفة على ان المعلول يحتاج الى علته حدوثا لا بقاءا وقد ابطلته الفلسفة بما لا مزيد عليه اذ لا معلول دون علة لا حدوثا ولا بقاء
الثانية: دعوى انحصار الأفعال بالخالق تعالى ولا نصيب للإنسان فيها فالإنسان مجرد قابل كقابلية الحجر بيد الإنسان وهذا من السخف بمكان التفكيك بين المعلول والعلة فإن اشتعال النار في الأشياء في قولنا حرق فإحترق لأن الصدفة لا تتكرر في عدد فكيف تتكرر في لوح الوجود كله وهل غدة يد المرتعش كيد الإنسان المتحرك مع وضوح الفارق بمن له ادنى مسكة
الثالثة: دعوى وجود فاعلية للعبد في افعاله وفاعلية اخرى للمولى اسبق رتبة في تهيئة واعداد الإنسان ليخلق الفعل وهي النظرية التي تتبناها الإمامية في صدور الفعل من الإنسان وفي بقاء الإرتباط بالله جل وعلى
الرابعة: ان يقال بوجود دور فاعلي للإنسان لكن الفاعل المباشر هو الله بمعنى ان يملك الإنسان بعض المقدمات الإعدادية كما ذكره اصحاب نظرية العزم والكسب
الخامسة: ان يقال بإنتساب الفعل الى الله والى العبد فبملاحظة ما هو فعل الله وبملاحظة أخرى هو فعل العبد وهي نظرة صوفية عرفانية قائمة على نظرية في فهم العلاقة بين الإنسان وبين الله من قبيل اننا معان خرفية اندكاكية فكما يوجد الحرف في غيره فكذلك الإنسان بمعنى يوجد في ربه والرب يوجد فيه ومنهم اصحاب نظرية الحلول ووحدة الوجود.
وكان ابو يزيد البسطامي يقول بوضوح انا الله وما في جبتي سوى الله وهذه النظرية في مبدئها فني فالمسؤلية عقلا على العبد والمقدمات الإعدادية لا علاقة لها في تحميل المسؤولية الا بنظرة تجريدية وهذه النظرة ليست اساسا للثواب ولا للعقاب .
ونظرية الإمامية مدعومة بمدركات العقل القطعي في قبح التكليف بغير المقدور ومن ثم العقاب عليه وايضا فإن الدعوى العلاقة بين المعلول والعلة من خلال الصدفة دعوى سخيفة لا تستحق الجواب ودعوى الإشتراك المذكورة بأي وجه تستدعي سريان القبح في الفعل الإنساني الى الله ولزوم العقاب على ما لم يحدثه العبد.
ومن هنا اذا لاحظنا الطلب والإرادة بلحاظ المولى فدعوى العينية محسومة عقائديا اذ التركيب يستدعي الحدوث ويستدعي لاعلة فوق الله وان قصد ذلك بلحاظ العبد فلا شك في وجود مغايرة بين الإرادوة بالمعنى النفسي الشوق والرغبة والإندفاع وبين الطلب الذي هو اعتبار في ذمة المأمور ولذا فرق بين الإعتبار لذي يكشف عنه الأمر وبين مقدماته من التصور والإدراك والإرادة .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo