< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/06/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ التعارض والروايات الخاصة
 
  والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
  التعارض والروايات الخاصة
 ويمكن على ضوء الاخبار ان نقسمها الى قسمين
 القسم الأول : ما دل على المنع من حجية الدليل الظني اذا ما عارض الدليل القطعي وعلى رأس هذه الأدلة ما ورد من أدلة تطلب العرض على الكتاب بألسنة مختلفة .
 وقبل الدخول في تفصيلها نشير الى انه لو تم ذلك ان ما كنا نقوله في الدليل القطعي سندا الظني دلالة المعارض للظن سندا القطعي دلالة من التوازن فانه والحال هذه سوف لا نقول بالتساقط هناك وسنقدم الدليل القطعي عليه وان كان ظني الدلالة اما اخبار العرض على الكتاب او المقابلة مع الكتاب فهي بالسنة عدة:
 - منها ما جاء بلسان ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف
 - ومنها ما ورد بلسان اذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله والا فالذي جاء به اولى به
 - ومنها ما جاء بلسان ما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه
 اما النوع الأول : اي سقوط ما لم يوافق فقد ذكر الشيخ الاخند رحمه الله بأنه ناظر لتمييز الحجة من اللّاحجة.
 واعترض عليه بأن عدم الموافقة ناظر لمضمون الخبر لا للحجية لينفيها
 ونلاحظ على هذا الاعتراض ان عدم الموافقة وان صح ما قاله بما هي لكنه في سياق جعله زخرفا اي انه ليس بحجة . نعم للاعتراض بأن هذا الحديث يبطل حجية كل ما ليس له مثل في القرآن وهذا يعني اسقاط جل الروايات وهو معلوم البطلان اجماعا ونلاحظ على ذلك ان المعنى العرفي ان المراد هو المخالفة مع الموجود لا ضرورة ان يكون في الوجود ومعه تعود للأخبار قيمتها وايضا فان هذا اللسان كالقضايا العقلية آب عن التخصيص فلا يقبل ان يقال ما لم يوافق القرآن زخرف الا في مكان ما وهذا قد يتراءى انه مناف للمعلوم قطعا بأن الأئمة خصصوا القرآن وبالتالي يوجد مخالفة مع القرآن على نحو العام والخاص والمطلق والمقيد .
 والجواب : ان لسان هذا الحديث لسان استنكار ومجيء الخاص بعد العام لا استنكار فيه عرفا لأنه قرينة على المراد النهائي من العام ولذا يقدم عليه كما قلنا كل ما كان متصلا قرينة كان في الانفصال كذلك فالاستنكار دليل على ان عدم الموافقة هي ما كانت وجه لوجه مثل ان يرد حرم وابطل الله البيع وما ذكره الشهيد الصدر من صرفها الى اصول الدين بلا مقتض بل تحمل على المعارضة على نحو التباين .
 اما النوع الثاني : فان اشتراط الشاهد من كتاب الله للأخذ بالحديث يستلزم كما قال الشهيد الصدران لا يؤخذ بخبر اذ لا معنى لخبر مع الكتاب لأنه مع الشاهد القرآني يكون لدينا دليل قطعي ولا معنى لحجية الظني وافاد قدس سره ان هذا الحديث له شاهد على بطلانه من القرآن فان القرآن دل على حجية الخبر فيكون دالا على عدم حجية نفسه .
 والجواب : بأن مصطلح الشاهد لا يعني المماثلة والوضوح التام تماما كقصة نزول الملائكة على فاطمة فان له شاهدا من كتاب الله "ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا "وكقضية ميراث فاطمة حيث زعم البعض ان لا ميراث لها " وورث سليمان داوود " وكذلك لو ورد اللعن لصحابي ما فان في القرآن ما يدل على امكان كفر الصاحب وان اصحاب موسى عبدوا العجل وهو نبي.
 واما النوع الثالث: اي الموافقة والمخالفة فإنها لم ترد في سياق استنكار بل في سياق امر ونهي وايضا ورد بلفظ ما وافق وهو شامل لكل امارة كالشهرة والاجماع المنقول والقياس والمصالح المرسلة والاستحسان الخ .
 ويلاحظ ههنا بأن هذا الحديث له نظر الى احاديث حجة ومفترضة في مرتبة سابقة وتريد ان تميز فيما ينبغي الأخذ به وفيما لا ينبغي والنظر مع عدم بيان مصداقه ينصرف الى الفرد الأبرز الشائع الذي هو في معرض المخالفة مع كتاب الله وهو الأخبار فقط نعم لا يشمل هذا النوع معارضة الخاص الظني للعام القرآني لأنه معلوم الوجود ومعلوم الرضى ويوجد علم اجمالي بتخصيص المطلقات والعمومات الا مع الانحلال بما لدينا من اخبار عدول او ثقات او اجماعات .
 ومما ذكرنا نعرف ان هذه الروايات لا تدل على اكثر من بطلان المعارض للقرآن وجها لوجه او لما تضمن الغرائب التي لا توافق الروح القرآنية دون شاهد كما ورد بأن عليا هو الرعد او ان الأكراد هم جن الخ .
 القسم الثاني: روايات العلاج
 وهي التي قد يفهم منها ابقاء الحجية لأحدهما تخييرا كما هو مذهب الشيخ الكليني والشيخ الاخند رحمهما الله او تعيينا كالموافق للشهرة او لكون الراوي اورع او اوثق او ذا صفة كمالية ليست في الآخرين .
 وقبل الشروع ننبه بأن دعوى عدم تعقل التخيير في غير محله لأن الاحكام الشرعية ليست كالتكوينيات التي يترتب عليها معلولها الوحيد مثلا فلا يخير مع غيره بينما في الاخبار المتعارضة سيما في مثل الوجوب والاستحباب او الاستحباب والكراهة فانه قد تفرض مصلحة فيهما معا ولو كانت هي التسهيل في شريعة سمحاء لم تأتي للشقاء وهذا هو جوابنا على ما قيل ان الحجية لأحدهما لا معنى لها كعنوان وان الحجية لها بما هي سارية للفرد فستنزل على الروايتين المتعارضتين فعدنا حيث فرغنا .
 ومن هذا الباب روايات عدة مهنا : ما رواه الثقة على بن مهزيار في حكم صلاة الفجر في السفر حيث تعارض النقل فيها بين المحمل وبين الأرض فقال الامام عليه السلام موسع عليك بأية عملت اذ فهم منها الحجية التخييرية ظاهرا .
 ويرد عليه: بأن الرواية تحتمل بيان الحكم الواقعي وانه واقعا تجوز الصلاة فيهما معا فلا تدل على الحجية
 ومنها ما رواه الطبرسي رحمه الله في مكاتبة الحميري حول التكبير بعد التشهد الأول حيث اجاب الامام " ان فيه حديثين ... وبأيهما أخذت من جهة التسليم كان صوابا " .
 والجواب: انها اوضح من سابقتها في الدلالة على الحكم الواقعي بالجواز لا انه اختار احدهما تخييرا بعد التعارض .
 ومنها ما رواه ابن الجهمي مرسلا وهي اوضحها عن الرضا عليه السلام يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم ايهما الحق فقال: اذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت . ودلالتها واضحة لكنها ساقطة بالإرسال وعلى هذا الوزان روايات عدة في اغلبها ضعف في الدلالة او في السند فلم يبقى لدينا الا روايات الترجيح .
 والحمد لله رب العالمين .
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo