< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/05/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ الاستصحاب \
 والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
  الاستصحاب " تابع "
  مسألة الشبهة الحكمية: اذ الجعل لا يشك فيه الا على نحو النسخ فهو يوجد دفعة ويرتفع دفعة فلا يتصور له بقاء .
  وجوابه : اننا تارة نلحظ الجعل بما هو وجود قانوني فهو يوجد كما ذكر ولا يشك في بقائه وتارة نلحظه من خلال ما جعل فيه فالماء المتغير في الخارج له حدوث وله بقاء , فالنظر الى القانون من خلال مفرداته فهو بهذا اللحاظ له حدوث وله بقاء ولو بلحاظ كبرى الماء الخارجي وهكذا يقال مثلا في حرمة مقاربة الحائض .
  اما الركن الثالث: وهو وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة كما يستفاد من تعبيرات شيخنا الأخند رحمه الله ومنشأ هذا الركن هو ظاهر قوله عليه السلام : لا تنقض اليقين بالشك. فان الشك الاجنبي لا يصلح لنقض اليقين الآخر فظاهر السياق هو الوحدة وما ذكره الاخند هو تعديل لصيغة شيخنا الانصاري الذي شرط احراز بقاء الموضوع وذلك لما يحدث دائما من تغير في الموضوع والا لن يحصل الشك وساعتئذ ينحصر الاستصحاب بما لا تبدل في الموضوع رأسا كما في الخشب الذي يصبح رمادا فهذا لا استصحاب فيه لعدم الاحراز ولكن نحن نعمل الاستصحاب في كل الموارد التي ينحفظ الموضوع فيها فالماء الذي زال تغيره ليس كالماء المتغير وهكذا في النظائر ومن هنا كان لا بد من تعديل او تأويل بأن المراد من وحدة الموضوع هو ما يرى عرفا كذلك فالنجاسة العارضة للماء بواسطة التغير لا يراه العرف متبدلا ان زال التغير فوحدة الموضوع محفوظة بخلاف الخشب الذي صار رمادا فلا وحدة عند العرف ههنا لأن الخشبية مقومة للموضوع ومن هنا يكون المدار فيما نقص على حيثيته عرفا فهل هي تعليلية او هي تقييدية نعم لا يصح ان يربط ذلك باللفظ فيفرق ساعتئذ بين قوله عليه السلام: الماء اذا تغير تنجس وبين قوله الماء المتغير نجس لأن للشارع اسبابا في تخريج اللفظ على نحو الشرط او الوصف والمدار في الاستصحاب على رؤية العرف للحيثية فالتقليد مثلا يلحظ من خلال علم العالم لا من خلال حياته فمع الشك بعد موته لا مانع من استصحاب الحجية وعلى هذا الاساس نخرج مسألة نقص الكر بمقدار قطرة او شيء يسير.
  اما الركن الرابع: وهو الأثر الشرعي: فهو مما تقتضيه الحكمة للقائل اذ لو لم ينتهي الى أثر شرعي لكان لغوا منافيا لحكمة القائل وهذه الصيغة هي تعديل لما قاله الاخند من اشتراط الموضوعية او الحكم في جريان الاستصحاب وتوسعة لمن اشترط التنجيز او التعذير في جريانه فلو اخذنا استصحاب طهارة ثوب فلا هي حكم شرعي ولا هي موضوع للحكم بل هي من مصاديق المتعلق والفارق بين الصيغ يتجلى في المثال . فلو وجب التصدق متفرعا على موضوع هو اليقين بوجود ولدك في المسجد فلو دخل الولد يوم الخميس وشك في بقائه يوم الجمعة فان الاستصحاب يثبت بقاءه تعبدا ولكن الأثر الشرعي فرع اليقين لا البقاء فلو قلنا بمقالة الميرزا بأن المجعول هو الطريقية والعلمية فقد وجد الأثر الشرعي ولا مانع منه هنا والا فالأمر مشكل والمرد من النقض هو النقض عملا لا حقيقة اما على نحو الارشاد الى بقاء اليقين تعبدا او لإقراره سيرة العقلاء على ذلك وذلك بافتراض قابلية زمانية لنقض اليقين ولكنه منعها تعبدا ومن الواضح ان اليقين يكشف عن متعلقه فينجزه اما اليقين المأخوذ موضوعا فلا يتنجز مباشرة الا بعد اثبات الموضوع ولذا نفرق بين قوله صل بثوب طاهر فنستصحب الطهارة وبين قوله ان تيقنت يوم الجمعة بوجود ولدك في المسجد فتصدق فان الثاني يثبت الوجود تعبدا لا اليقين واليقين هو موضوع الأثر, لا يقال بأن مثل طهارة الثوب المستصحبة يمكن ان تقع موضوعا لحكم شرعي وهو عدم وجوب الاعادة لأنه يقال بأن ما ذكر هو عدم حكم ولا يسقط الأمر بل يسقط فاعليته .
 
 مقدار ما يثبت بالاستصحاب:
  المشهور بين المتأخرين انه لا يثبت بالاستصحاب الا الاثر الشرعي او ما يوصل اليه شرعا سواء كان المستصحب موضوعا كاستصحاب طهارة الماء لجواز شربه او استصحاب وجوب وفاء الدين اذا دخلت اشهر الحج فنستصحب وجوب الوفاء وهو بدوره موضوع لعدم وجوب الحج.
  فالمهم في الاستصحاب ان ينتهي من خلال آثار شرعية الى اثر شرعي فظهارة الماء تثيت طهارة ما غسل به كالجبن وطهارة الجبن تثبت جواز اكله اما لو كان الاثر غير شرعي كالمثال المشهور في استصحاب حياة الابن اذ شك في وفاته لإثبات نبات لحيته او استصحاب بقاء انسان خلف جدار كبير وقع فانه يثبت بالاستصحاب موته او استصحاب كرية الماء الملازم لبقائه كرا او استصحاب عدم الحاجب لإثبات وصول الماء واثبات صحة الوضوء.
  فهذه اللوازم على المشهور لا تثبت لأن العقليات والتكوينيات لا تترتب على الخطابات الشرعية اذ المشرع يتناول ما تحت دائرته سواء قلنا ان الاستصحاب تنزيل او قلنا انه يقين تعبدي او غير ذلك فان ظاهر المتكلم انه يريد اثبات الآثار المعني بها هو كمشرع ان قلت بناء على ما ذكر كيف نثبت المنجزية وكيف نثبت الثواب والعقاب لأنها امور عقلية قلنا ان هذا المذكور لازم للاستصحاب لا للمستصحب اي ان الامارة التي اخبرت عن جر اليقين تكشف عن تنجزه وعن الثواب عليه في عرض واحد ولا اشكال في ثبوت لوازم الامارة ، نعم ذكر شيخنا الانصاري ان العرف اذا راى في الواسطة العقلية خفاء بحيث تعد النتيجة اثر لذي الواسطة فلا مانع من الاستصحاب فاستصحاب عدم الحاجب يراه العرف موضوعا لصحة الوضوء مع ان الصحة مترتبة على وصول الماء للبشرة لا على عدم الحاجب ، ووصول الماء لازم عقلي لعدم الحاجب .
  وكذلك وسّع الاخند فقال بجريان الاستصحاب لاثبات لازم عقلي في ما لا ينفك عن صاحبه كالمتلازمين فاستصحاب ابوة زيد لهند تثبت بنوة هند لزيد عقلا ولكنه يثبت الاستصحاب .
  ويمكن ان يجاب بأن المتلازمين يحدث الشك فيهما معا فكما نشك في ابوة زيد نشك في بنوة هند فنجري الاستصحاب فيهما معا دون المرور في اللازم العقلي .
  والحمد لله رب العالمين .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo