< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ الاستصحاب \
 الاستصحاب "تابع"
 ذكرنا ان جملة من التعريفات عند الامامية بل وعند السنة كالبيضاوي والغزالي وغيرهم عرّفوا الاستصحاب بما يشير الى الإمارية وان جهة اعتباره لأجل الكشف .
 وايضا يلاحظ في هذه التعريفات عدم الاستدلال بالروايات وهذا يحتم احد امرين :
  1. ان يكون الدليل عليه عقليا بمعنى كشف العقل عن البقاء وهو وان صح صغرى , لكنه كشف ناقص ظنيّ وقد ذكرنا مرارا ان حجية الظن متأصلة بالجعل .
  2. دعوى سيرة العقلاء على ذلك وهي وان نوقش فيها بأنها للعادة او للاحتياط او للاطمئنان بل يمكن الادعاء بانها سيرة حيوانية وهذا كما عرفتم بحاجة الى امضاء في الأصل وفي الحدود وبما ان الروايات قد وردت في ذلك فهي المرجع اذا هذا وينبغي الاشارة الى المفارقة بين الاستصحاب وبين قاعدة اليقين وبين قاعدة المقتضي والمانع فالمراد من قاعدة اليقين الرجوع اليه فيما لو شك فيه في زمنه والوجه فيه أن اليقين اذا وجد فله مبررات ومنطلقات عند العقلاء فلا يخطئ وبعبارة اقصر غلبت اصابة اليقين وهو كما تعلمون ظن في ظن لا دليل على حجيته
  واما الثانية فنمثل لها للتوضيح بنجاسة على اليد مثلا وقد صببنا الماء عليها دون اليقين بالإصابة لمانع ما فهنا ان قلنا بغلبة وصول المقتضيات الى محالها فيبنى على تأثيرها تعبدا والجواب , الجواب , اي انه ظن في ظن ولا حجية للظن كبرى والرجوع الى الادلة يعيدنا الى الروايات سيما ان جملة من الفقهاء عند العامة كالاحناف وعند الخاصة كما نسب للسيد المرتضى انكروا الحجية رأسا بما فيه الاستصحاب وهذا يؤكد الاعتماد على العقل او السيرة ولعل ذلك لما فهموه من اختصاص الروايات بباب الوضوء او الطهارة .
 اما ادلة الاستصحاب فالعمدة ثلاثة :
 الاول: السيرة العقلائية: وقد ذكرنا انه لا شك فيها وانه لا شك في وجود ظن ببقاء الماضي وان جرى العقلاء احيانا لعادة او لاطمئنان او لاحتياط فانه لا يؤثر في الغلبة اذ لا يراد منها الظن في كل فرد فرد وقد عرفت ان الاحكام الظاهرية انما جعلت لحفظ الاغلب او الاهم في نظر المولى فملاك الاحكام الظاهرية موجود في الاستصحاب ولكن السيرة كما عرفت لا حجية لها بنفسها .
 الثاني: الاستدلال بادراك العقل : لأنه اذ عرف ثبات شيء سابقا ظن ببقائه لاحقا مع قوة مقتضيه وفيه ان هذا الادراك ظني وتابع لقوة المقتضي في الشيء فربما ظن بالبقاء وربما لا يظن
 الثالث: دعوى الاجماع : وهو ما ذكره العلامة في "مبادئ الوصول" وفيه الاقرب انه حجة لإجماع الفقهاء على انه متى حصل حكم ثم وقع الشك في انه هل طرئ ما يزيله ام لا وجب الحكم بالبقاء على ما كان اولا ولولا القول بالاستصحاب لكان ترجيحا لأحد طرفي الممكن من غير مرجح وفيه ان عدم الأخذ بأحدهما لا يعني الترجيح بلا مرجح بل لعل زيادة الكشف تكون ملاكا وظاهر كلامه قدس سره الاعتماد على الدليل العقلي وهو ممنوع كبرى كما عرفنا وصغرى في المورد اذ الاجماع غير حاصل مع انكار مثل المرتضى ومع عدم وصول آرائهم كلاّ وهو مع ما ذكرت محتمل المدركية فلم يبقى لدينا سوى الروايات في اصل الحجية وفي حدودها .
 الرابع : الروايات : وأهمها رواية زرارة الشهيرة الصحيحة على اضمارها لكونها من زرارة " قلت له " ولنقلها عن الباقر عليه السلام من قبل الجهابذة .(المجلد الاول الوسائل ابواب نواقض الوضوء الجلد الأول صفحة 174 ) قلت له الرجل ينام وهو على وضوء اتوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء ؟ فقال : يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن فاذا نامت العين والاذن والقلب وجب الوضوء . قلت: فان حرّك في جنبه شيء ولم يعلم به. قال: لا حتى يستيقن انه قد نام حتى يجيء من ذلك امر بيّن والا فانه على يقين من وضوئه ولا تنقض اليقين ابدا بالشك وانما تنقضه بيقين آخر.
  وفي الرواية اشارات ودلائل :
  1. ان قوله عليه السلام لا اي لا يجب عليك الوضوء لأن السؤال كان عنه .
  2. ان وجوب الوضوء مرتبط باليقين اللاحق لا بالشك " حتى يستيقظ " .
  3. انه قال لا تنقض اليقين مع ان الشك في الاستصحاب لا ينقضه لثباته في زمنه حتى لو احدث اذ لو شك به سابقا لانتقض وانهدم فالمراد اذا الشك البقائي لأنه عند العقلاء قد يهدم وقد لا يهدم.
  4. ان قوله عليه السلام : والا. اي ان لم يستيقن انه قد نام فقد احتمل بعضهم الحذف اي لا يجب الوضوء معللا بقوله فانه على يقين من وضوئه وهذا الكلام يحتاج الى تقدير جملة مع امكان التقدير لكلمة واحدة دل عليها السياق ويكون المعنى ان لم يستيقن فليبني على وضوئه .
  5. ان قوله عليه السلام : ابدا اشارة واضحة الى قاعدة كلية ولا خصوصية لباب الوضوء وان غلب امره ابتلاء وبه نعرف ان اللام لا تنقض اليقين لأن اللام ليست لام عهد .
  6. ان ظاهر الرواية افتراض البقاء لليقين بالوضوء وقد نهى عن نقضه فلا يرد علينا ان الوضوء لا قابلية له للبقاء وحمل الرواية على قاعدة المقتضي والمانع والوجه ان النقض في كل شيء بحسب زمانه .
 والحمد لله رب العالمين .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo