< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/04/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ العلم الاجمالي \
 دوران الامر بين التعيين والتخيير
  تارة نلاحظ هذا الدوران لجهة حكم العقل كما لو دار الامر في وجوب التقليد علينا بين وجوب تقليد اي عالم وهو التخيير وبين وجوب تقليد الاعلم فنبحث من جهة العقل عن النتيجة لهذا الدوران ، ومثله لو ورد : (اكرم العالم) فان عدم القيد آية الاطلاق والعقل يدرك هنا انه مخير في تطبيق العنوان " العالم " على اي مصداق. فلو شك في خصوصية فيدور الامر بين التخيير وبين التعيين وهو العالم المقيد بالفقر وتارة يتصدى المولى للتخيير فيقول اعتق رقبة او تصدق فهذا التخيير شرعي لا عقلي.
  والمراد من البحث على ضوء ادلة البراءة الشرعية فيما لو دار الامر بين التعيين وبين التخيير ، هل سنقول يوجد علم بغرض للمولى ويدور امره بين التعيين والتخيير والشك في المحصل او ان مرجع الدوران الى يقين بالأقل والى شك في الزام جديد فتجري البراءة .اما على مستوى الدوران في العقليين فقد قال بعضهم بالاشتغال وقال آخر بالبراءة وفي كلمات الشهيد ما يوحي بالقول بالبراءة بالعقليين والسبب ان الذي يدخل في الذمة هو الواقع لا العنوان وهو متيقن في زيد العالم مثلا والشك في الفقر شك في تكليف جديد فينفى بالبراءة والصحيح ان العقل يدرك لزوم الاشتغال هنا لأن غرض المولى في التقليد لم يعلم تحققه في العالم والعقل قاض بلزوم تحقيق غرضه ومن هنا يقضي بالاشتغال ولذا ذكرنا في المباحث الفقهية ان مقتضى القاعدة وجوب تقليد الاعلم بهذا الدوران وبهذه النتيجة .
  اما الدوران الثاني باللحاظ الشرعي فالصحيح بأن التخيير يعني ثبوت واحد في الذمة واما التعيين فهو اضافة جديدة ومعها يكون الشك شكا في التكليف القاعدة هي البراءة والانصاف ان ذلك لا يمكن فهمه الا بفهم حقيقة التخيير وحقيقة الوجوب فيه فقد تقدمت الاشارة الى ان التخيير يرجع الى وجوب مشروط بترك الآخر او ان الوجوب يتعلق بالعنوان " احدهما " او ان الوجوب يتعلق بكل منهما لأن الغرض لا يتحقق الا بأحدهما والآخر يضاده لو اتيت به فان قلنا بالوجوب المشروط فلو اعتق الرقبة وشك في الاطعام فانه يزول الوجوب ولو شككنا فهو شك في تكليف جديد . ولكن المحقق العراقي التزم ههنا بالاحتياط لدعوى التعارض بين الاصول وابرز حيثيتين الزاميتين في كل منهما : اما الاولى فانه لو اعتق وكان الواجب التصدق لما كفى ذلك .
  وكذا لو ترك العتق فانه يحرم عليه ترك التصدق وبما انه بين الزاميين مشكوكين فتجري البراءة عنهما متعارضة والا لأدى للمخالفة القطعية ويرد عليه : ان من شروط الاصل ان لا يؤدي الى المخالفة القطعية وجريان الاصل عن التخيير يؤدي الى المخالفة القطعية فلا يجري عن التخيير ويجري عن التعيين وهو العتق بلا معارض والنتيجة التخيير وما ذكره ايضا من اداء الجريان فيهما للمخالفة القطعية واعمل التعارض ليس دقيقا لأنه قال ان المرء لو اعتق واحتمل الوجوب في الآخر لما كفى فانه يجاب : انه فرض ولكن مع العتق المخالفة احتمالية .
  اما لو كان معنى التخيير هو العنوان فان العناوين متباينة كما هو واضح ولا دوران ساعتئذ بين اقل واكثر وبناء عليه يجب الاحتياط ويمكن الجواب بأن البراءة عن التخيير لا معنى لها لأنها مخالفة قطعية فتجري عن العتق بلا معارض .
  واما على القول بالتضاد في الغرض فانه لو اتى بأحدهما فهو حقق القدرة عليه فان كان الآخر ضدا فهو عاجز شرعا وما دام مشكوكا يمكنه اجراء البراءة ساعتئذ
 ويرد عليه : ان احتمال العجز لأن الآخر ضد لا يرفع القدرة فللقول ساعتئذ بلزوم الاحتياط وجه وجيه .
 وبهذا ننهي الحديث عن العلم الاجمالي واصالة الاشتغال ونشرع في الاستصحاب .
 الاستصحاب
 وهو لغة استفعال من المصاحبة بمعنى طلب التلازم وطلب الترافق والاقتران .
 واما شرعا ففي كلمة جامعة هو الرجوع الى الامر السابق وقد اختلف علماؤنا في تعريف الاستصحاب ليتلاءم مع المذهب في انه امارة كاشفة او انه اصل عملي بحت الغي فيه الكشف حتى ولو ظنّ عكس السابق وقد اشرنا سابقا بأن كلمات القدماء توحي بأن الاستصحاب من الادلة العقلية كما في كلمات العلامة والمحقق وهو على الامارية ادل كما اختاره السيد الخوئي رضوان الله تعالى عليه. ذكر شيخنا الانصاري بأن اسد التعاريف هو ابقاء ما كان وذكر الاخند بأن الاستصحاب هو الحكم ببقاء حكم او موضوع ذي حكم وفي كلمات صاحب القوانين انه " كون حكم او وصف يقيني الحصول في الآن السابق مشكوك البقاء في الآن اللاحق " .
  ومن الملاحظ على هذه التعاريف انها تتناسب مع الاصلية ولا تتناسب مع الامارية والكشف لأن الاستصحاب معها هو تبني الحيثية الكاشفة عن البقاء ولو كانت هي الغلبة لرجوع السيرة اليها اذ لا يعمل العقلاء بتعبديات بل بكواشف مطمئنة او ما قاربها .
 والحمدلله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo