< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/03/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ تنبيهات اصالة الاحتياط
 تابع تنبيه الثالث:
  والصحيح ان هذه الروايات ليست تأسيسا لحجية ظاهرية طريقية كما هو الحال في خذ بخبر الثقة والسبب أن الحجية تستبطن الغاء احتمال الخلاف ولو عمليا , بينما في الرواية ورد الثواب وان لم يقله الرسول أو الامام وهذا لا يناسب لسان الحجية , وأما أن يكون استحبابا نفسيا فلا يتحمله الدليل لأن الانسب لذلك كما في النظائر فيقول : خذ بما بلغك مطلقا " حرّم الربا. أقيموا الصلاة " وأما أن يكون وعدا لمصلحة في الوعد ولو كانت هي الدفع نحو الاحتياط فهو ايضا , وان امكن لا يساعد عليه الدليل . والوعد ما المقصود منه ؟ فان كان انشاء الاستحباب رجعنا الى ما قلنا , وان قصد الارشاد الى مدركات العقل بعدم الفرق بين المنقاد وبين المطيع بل لعل الانقياد فيه ميزة كاشفة عن التقوى والارادة فهذا لا مشاحة فيه ونحن نلتزم به أي ان هذه الروايات مجرد اخبار وارشاد وتأكيد للعقل الانساني بأن الله يعطي الثواب للعبد المؤمّل رحمة ربه . ففائدة هذه الروايات للتأكيد على مدى رحمة الله وسعة لطفه .
 وبناء عليه لم يثبت لدينا الاستحباب النفسي ولذا كان لا بد من الاتيان بالشيء رجاء , ويتفرع عليه أنه لو ورد صحيحا حرمة عمل ما ثم وردت رواية في ثواب هذا العمل فبناء على الاستحباب النفسي فسيقع التعارض لا محالة وبناء على ما ذكرناه لا معنى لمعارضة الضعيف للصحيح اذ الاتيان بالمستحب رجاء في ما لا ثبوت معاكس لذلك اذ الخبر الصحيح قاله الرسول والامام ولو بالتعبد . بينما في روايات القاعدة : وان لم أقله . وايضا لو ورد دليل ضعيف على وجوب عمل وعلى الثواب له فهذا يتنافى مع الاستحباب النفسي وأيضا لو قلنا بمقالة بعض الأصوليين كالمحقق العراقي بأن الأدلة هذه تجعل الحجية للخبر الضعيف فللمفتي ساعتئذ أن يفتي به لمقلديه وان لم يبلغهم هم وأما على القول بالاستحباب النفسي بالعنوان الثانوي أي البلوغ فلا بد من بلوغ المكلف وايضا لو تعارض خبر ضعيف دلّ على الكراهة وخبر صحيح دلّ على الاستحباب فان قلنا باختصاص الرواية بالمستحب فلا مشكلة وان عممنا كما هو الصحيح وسيأتي فيقع التعارض لا محالة .
  وأما تعميم الأدلة هذه الى المكروهات فانك عرفت ما هو الصحيح من أنه مجرد اخبار وتأكيد وارشاد الى مدركات العقل ولا يفرق فيه بين ترك صنعه التماس الأجر وبين فعل كذلك فان الاحاديث كما قلنا اشارة الى الانقياد وحسنه والثواب عليه , بل ان العرف بمقتضى التناسب المطلوب بين الحكم وبين الموضوع فان للعرف توسعة وتضييقا في موضوعات الأحكام وهذا منها .
 التنبيه الرابع: البراءة والاستحباب:
 عرفت سابقا القول في البراءة العقلية وفي البراءة الشرعية وعرفت الخلاف, وعرفت أن البراءة ترفع العقاب من جهة وتنفي وجوب الاحتياط من جهة أخرى. أما في المستحب فان جريان البراءة ان كان لرفع العقاب فالجواب واضح اذ لا عقاب في المستحب , وان كان لنفي الاحتياط فهو غريب في المستحب ومناف لمدرك عقلي قطعي لما فيه من جلب المصلحة أو دفع المفسدة . هذا وقد فصّل السيد الخوئي طاب ثراه بين المستحب الاستقلالي فمنع من جريان البراءة لأنه بلا معنى كما عرفت . أما في المستحب الضمني فالتزم بالبراءة ونفي الاحتياط لأن الواجب باق . وما ذكره قدس سره مردود بأن المستحب الضمني ان جرت فيه البراءة ونفي الاحتياط كان الاشكال كسابقه لأنه تفويت لمصلحة وتفويت لثواب أيضا فلا يفرّق في عدم الجريان في باب المستحب بين المستحب الاستقلالي والمستحب الضمني
 والحمدلله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo