< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الأصول

34/03/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول \ البراءة الشرعية\ اشكاليات حديث الرفع
  ومن جملة هذه الاشكالات : ما اورده الميرزا النائيني رحمه الله على سعة الحديث فقال ان الترك قد يكون موضوعا لحكم شرعي كما لو ورد اذا تركت دعاء كميل فادفع كفارة فاضطر لترك الدعاء فافاد بأن الرفع هنا لا ينطبق لأن رفع الترك وضع والعرف يرى نظر الرواية لجهة الرفع لا الوضع . ويرد على ما ذكره ان الحديث منزّل على نكات عقلائية وهذه النكتة هي نكتة الرحمة والتوسعة في الالجاء والاكراه وعند الشك وهذا لا يفرق فيه بين فعل وجودي اضطر اليه وبين ترك اضطر اليه فنكتة الرحمة والتوسعة تعمم الحكم .
  تنبيه : لو تحمل المكلف المشقة او الضرر وقام بفعل ما فهل يشمله الحديث بحيث لا يجب عليه ان يعيد، ام ان الرفع يرفع الخطاب ويرفع الملاك .
  الجواب: ان الحديث كما سبق بيانه امتناني لما تقدم من قرائن ولا منة في رفع الخطاب والملاك معا اذ الضيق نشأ من الخطاب لا من الملاك ولذا لو امره بقوله اكرم كل فقير وصادف ان اكره على اكرام فقير فهنا ينبغي على القاعدة ان لا يعيد وان يقبل منه.
  وكذلك ما ذكره جملة من الفقهاء في موضوع البيع حيث فرقوا بين المكره وبين المضطر فالتزموا بصحة البيع مع الاضطرار اذ لا منة في ابطاله وببطلان البيع مع الاكراه اذ ان الصحة خلاف المنة , نعم ينبغي ان يفرّق بين اضطرارين فان الاضطرار في ظروفه الطبيعية مشمول للحديث بينما من اضطر الى شيئ بسوء اختياره لا يراه العقلاء معذورا ، ولذا قال علماؤنا بأن من دخل ارضاً بسوء اختياره وجب عليه الخروج وهو آثم .
  وربما يقال بأن المشقة ترفع الخطاب والملاك ولا غرض للمولى فيه رأسا ولكنه غير صحيح فان الأوامر الاعتيادية مشابهة لأوامر المولى ولذا من اضطر الى شيئ لا يعني عدم المصلحة فيه وكذلك مع المشقة فالمشقة لا ترفع ذلك وانما يعقل ما ذكر في باب الاكراه وليس في الابواب الأخرى .
  ومما استدل به على البراءة الشرعية ما عرف بحديث السعة وهو حديث ذكره الاصوليون مع اشارتهم بعدم وجوده في الأخبار كما تعارفوا عليه وهو بهذا المتن : الناس في سعة ما لا يعلمون . لأن الرواية الواردة هي في باب اللقطة في قضية سفرة في شارع " لا يدرى سفرة مسلم او سفرة مجوسي " فقال : امير المؤمنين هم في سعة حتى يعلموا .
  وهذه الرواية فيها النوفلي الحسين ابن يزيد وقد ذكرنا مراراً وإن غلب على رواياته الانسجام العام والنوفلي لم يتم لنا وجه كما اشرنا مرارا بوثاقته ووروده في كتاب كامل الزيارة اجبنا عليه لأنه غير مباشر لعلي ابن ابراهيم ولا لابن قولويه . والرواية مبتلاة بالاجمال لناحية معرفة طبيعة ( ما )، فهل الحديث (في سعة ما لا يعلمون) او (في سعة الذي لايعلمون) ، فهل هي ( ما ) موصولة او مصدرية ، فان كانت مصدرية يصبح المعنى ان الناس في سعة ما داموا لا يعلمون بالواقع وهذه لا تنفي وجوب الاحتياط. فالتوسعة من جهة عدم العلم ،فلا تنافي الضيق من جهة الاحتياط واما لو كانت موصولة ( الذي ) فتصبح بمعنى الناس في سعة الذي لا يعلمون , ومن الواضح ان ادلة الاحتياط معلومة لدينا ولذا تكون ادلة الاحتياط حاكمة عليها , ويرد على الاحتمالين معا ان الظاهر من قوله لا يعلمون هو العلم التفصيلي بالحكم لا العلم بالاحتياط. وبناء عليه يكون الحديث دالا على البراءة على الوجهين معا .
  نعم يوجد اشكال آخر لجهة السياق لأنها في واردة في قضية (سفرة) وهو موضوع خارجي فهي في الشبهة الموضوعية لا الحكمية ،اللهم الا ان استظهر ان الحديث لبيان شؤون المولى وانه يعذر عند الجهل وهو شامل للموردين معا وهو غير بعيد .
  ومما استدل به ايضا على البراءة الشرعية ما رواه الكليني قدس سره بسند صحيح في كتاب الكافي باب التوحيد جلد واحد صفحة 164 والمعروف بحديث الحجب " ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم "، ووجه الدلالة ان الاحتياط وان امكن لكنه لا ينفي حجب الله علمه عن الحكم ولكن العلم بالحكم او الموضوع محجوب عن العباد، وهنا اشكال آخر وهو اسناد الحجب الى الله مباشرة وهذا يعني عدم الصدور لسبب ما ، وهذا لا يشمل ما نحن فيه وهو المورد الذي صدر فيه حكم وضاع أو اجمل علينا لسبب ما من الاسباب ،ان قلت ان الاحكام تدريجية فلدينا دائما يقين سابق بالحجب فنسنصحب عدم البيان فيثبت الحجب وبالتالي يثبت الوضع , وفيه ان استصحاب عدم البيان لاثبات الحجب الوارد في الرواية لازم عقلي وأصل مثبت لا يثبت، وربما يقال ان الحجب قد يكون من المولى بما هو مشرع وقد يكون بما هو مكوّن فاذا استظهرنا الثاني سيما مع وضوح الظلمة والدس والتزوير ووقوع الناس في الاجمال وساعتئذ يمكن التمسك بالاطلاق في كل مجوب مؤيدا بنكتة ان هذه الاحاديث لبيان شأن المولى وسعة رحمته فيما لا يعلم ....
 والحمدلله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo