< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

36/12/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الفقه \صلاة الجماعة

ز- وجوب الجماعة بأمر أحد الوالدين هذه المسألة مرتبطة بمسألة حق الوالدين على الأبناء ومدى شمول هذا الحق فهل هو مطلق أو انه خاص بالعقوق والإيذاء أو هو خاص بالمعاشرة بالمعروف أو بلزوم الإحسان ولو في الجملة ولا بد من الإشارة الى أن هذه المسألة غير محررة في كتب القدماء بل ولا في كتب المتأخرين وإن وجدت إشارات في بعض كتب القدماء وبعض كتب المتاخرين كما في مستند النراقي مثلا ولا بأس بالإشارة الى المباني والأدلة ليتوضح لنا مفروض مسألتنا هذه خصوصا أن الميرزا النائني رحمه الله قال: الحق عدم قيام دليل على وجوب إطاعتهما في مثل هذه الأمور وإنما الثابت هو حرمة إيذائهما ولا بأس بالإشارة الى الآيات الكريمة لماما وهي: ﴿وبالوالدين إحسانا[1] . وورد في الكبير ﴿فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما وإخفض لهما جناخ الذل من الرحمة وقل ربي إرحمهما كما ربياني صغيرا﴾ وورد أيضا وإشكر لي ولوالديك وورد ايضا في دعوة الشرك فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا والمستفاد من الآيات الكريمة أمور:

أ- وجوب الإحسان سيما مع تكرار العبارة وفي سياق النهي عن طاعتهما في الشرك ومن الواضج وجود فعل مقدر إما احسنوا او بصيغة الوصية وسيأتي في صحيح الحناط تفسير للإحسان بحسن الصحبة وبعدم إنتظار التكليف رغم غنائهما .

ب- حرمة إيذائهما مع بلوغهما الكبر بمقتضى الآية السابقة وهي دالة بقرينة أف على حرمة الأيذاء القليل او الكثير فضلا عن النهر والنهر كما يبدو بمعنى الغلظة والصياح والزجر القوي يقال نهر الدم سال بقوة وايضا في صحيح الحناط فسَّر ذلك إن أضجراك فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما إن ضرباك وقل لهما قولا كريما ... غفر الله لكما مثلا .

ج- وجوب خفض الجناح امام الوالدين بمعنى أن لا تظهر بمظهر إستعلاء عليهما كما يتعاطى العبد مع سيده وفي صحيح أبي ولاد أيضا في تفسير ذلك لا تملأ عينيك من النظر اليهما إلا برحمة ورقة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدَّم قدامهما .

د- لزوم المصاحبة بالمعروف ذكر الزمخشري في كشافه جلد 2 ص 464 أي مصاحبا معروفا حسنا بخلق جميل وحلم وإحتمال وبر وصلة وما يقتضيه الكرم والمروءة[2] . ذكر الفيومي في مصباحه أمرت بالعرف أي بالمعروف وهو الخير والرفق والإحسان وفي مختار الصحاح المعروف ضد المنكر . هذا ما يستفاد أوليا من الآيات المباركة .

وأما ما يستفاد من الروايات والسنة فأمور:

أ- حرمة العقوق وفي ذلك روايات كثيرة كصحيح إبن محبوب عن أبي الحسن عليه السلام حول الكبائر قتل النفس المحترمة وعقوق الوالدين . والعقوق كما فسره في المصباح العصيان وترك الإحسان وفي لسان العرب عقَّ والده شق عصى طاعته وعقَّ والديه قطعهما وقد قيل إن عق الثوب بمعنى إنشقَّ وكذا البرقُ بل في بعض الروايات شددت في ذلك فجعلت من لم يستغفر لهما بعد موتهما عاقا نعم هي ضعيفة السند بمعلى إبن محمد . ب- وجوب الطاعة وقبل التعرض للروايات نذكر أنها ضعيفة كلا فعن الصادق عليه السلام (في وصيته لرجل ووالديك فأطعهما وبرهما حيين كانا او ميتين وإن أمراك أن تخرج من اهلك ومالك فإفعل فإن ذلك من الإيمان)[3] وهو مع ضعفه في صدره إلزام وفي آخره إستحباب للإجماع على عدم اللزوم ونحو هذه الرواية ما روي في باب الجهاد فوالذي نفسي بيده لأنسهما بك يوم وليلة خير من جهاد سنة والرواية فيها عمرو إبن شمر .

ج- لزوم البر دلت الروايات المتظافرة على رجحان البر فعن الصادق عليه السلام في جواب له (عن أفضل الأعمال الصلاة لوقتها وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله)[4] ونحوها روايات عدة قريبة المضمون منها ولا شك معها في لزوم البر وإنما الكلام في مساحته إذ البر المتواصل لا يقول به أحد وغاية ما تدل على تلبس الولد بعنوان البار وهو مساوق لأدلة الإحسان في الجملة وبهذا يتضح أن الثابت هو حرمة العقوق وهو القطيعة الكلية او ما يشبهها ولزوم الصحبة بالمعروف ولزوم البر في الجملة وان إيذاء الأهل له أو الدعوى للمحرم كالشرك لا يبرر للولد عقوق والديه وبناء على كل ما ذكر لم يثبت لدينا دليل على وجوب الطاعة المطلقة سيما أن الإلتزام بذلك يرفع الوالدين فوق الله وهو كما ترى والنتيجة هي عدم لزوم الإلتزام بأمر الوالدين في الجماعة وإن كان حسنا .

 

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo