< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

36/06/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الفقه \الجهاد
ذكرنا ان القاعدة في عقد الذمة هي دفع مال الجزية المقدر من الإمامون ان يشمل أي شيء آخر إلا ان يكون تسالم واما الباقي فإن لم يشترطه الإمام فيعمل معه بحسب الأحكام الخاصة وأما إن إشترط ذلك فمقتضى القاعدة عدم إنتقاض العقد حتى لو إشترط لأن غاية الشرط هي إلزام أهل الكتاب بما شرط عليهم لا الإنتقاض وتحولهم الى حربيين تسبى نساؤهم وتؤخذ أموالهم وتسترق ابناؤهم هذا حسب القاعدة وما غستدل به للنقض لا يدل إلا مع الشرط وهي صحيحة زرارة عن الصادق قال:( إن رسول الله قبل الجزية من أهل الذمة على أن لا يأكلوا الربا ولا يأكلوا لحم الخنزير ولا ينكحوا الأخوات ولا بنات الأخ ولا بنات الأخت فمن فعل ذلك منهم برأة منه ذمة الله وذمة رسوله) [1]باب 48 جهاد العدو الحديث 1 .
ومن الظاهر بل الصريح ان ذلك كان شرطا عليهم ولذا لم يذكر هنا ما هو أهم كالتآمر والتجسس والمكاتبة للعدو وإيجاد الفتن العقائدية وإحداث الكنائس ولذا نلتزم بتعميم مضمون الرواية على غير ذلك من المذكورات إن أدخله الإمام بالشرط ومن الغريب ان صاحب الجواهر إعترض على ظهور الرواية في الشرط وأنه الناقض قائلا كما زعمه بعض الناس ورد عليه بالإجماع المحكي المعتضد بفتوى من عرفت أقول قد عرفت في ما ذكره من المعرفة ومن الغريب ايضا رغم قوله إعترض على صاحب الغنية في دعوى النقض ببناء الكنيس وضرب الناقوس وتعلية النباء حتى مع عدم الشرط قائلا: أن مقتضى الأصل والإطلاق جواز ما كان جائزا في شرعهم الذي أمرنا بإقرارهم عليه بل عقد الذمة يقتضيه وقال ايضا مستشكلا في تعميم الناقض بل لعل السيرة على خلافه والتحقيق كما عرفت ان عقد الذمة لا يقتضي سوى دفع الجزية كقاعدة وأما ما يخل بالأمان فإن تم التسالم فهو وإلا فلا وأما النقض بالشرط فإنما إلتزمنا به لصحيح زرارة نعم قال العراقي أنهم لو دخلوا في الحرب مع المسلمين فقد خالفوا مقتضى عقد الذمة ولذا لم تجعل من الشرائط لكنه شكك في التعميم حتى مع الشرط في جملة من الأمور وافاد بأن المتيقن من الصغار هو إلزامهم بأحكامناوإلزاماتنا في المرافعات وربما دخل علو البناء لولا أن المتيقن ما ذكرنا والباقي مشكوك ولذا لو تجاهروا بالمحرمات الجائزة عندهم فلا يخرجون عن الذمة وفي جواز ردعهم إشكال ولولا التسالم لكان فيه مجال . ههنا مسائل:
الأولى : من بلغ من صبيانهم فلا معنى لإستصحاب الأمان له فيؤمر بالإسلام أو ببذل الجزية وإلا صار حربيا ولا يظهر وجود خلاف لعموم الأدلة .
الثانية: إذا خرقوا الذمة في دار الإسلام قال المحقق أن للإمام ردهم الى مأمنهم وتردد في التخيير بين القتل والإسترقاق والفداء ففي الإيضاح لإبن فخر المحققين : في الرد الى المأمن أنه لا خلاف فيه ولكن الشيخ الطوسي في المبسوط ذهب الى التخيير بين الثلاثة وبين الرد ووجه التردد انه ذمي دخل في أمان المسلمين فلا إغتيال ولا قتل ومن أنهم نقضوا العهد فيجري عليهم حكم الحربي كما افاد ذلك في المسالك تبعا للعلامة في كتاب المنتهى بل في الغنية الإجماع كما تقدمت الإشارة ولذا يشكل الرد الى المأمن كما ذكره في الإيضاح بل يمكن سريان النقض الى الزوجة والمال والولد لأنهم تابعون له في العهد وقد إنتقض وأما ما ذكره بعض الأعاظم من انه كالأسير خارج الحرب وبناء عليه فالتخيير فممنوع لما تقدم بوضوح أن أهل الكتاب لهم حكم الحربي الا مع الجزية والقياس ممنوع
الثالثة: لو خرق الذمي عهد الذمة ثم أسلم فإن لم يصدر الحكم عليه سقط عنه الجميع بإسلامه نعم قيل لا يسقط ما فعله من جهة أخرى كما لو قتل او زنى او سرق فإن شمول حديث الجب لمثل هذه الصور محل تأمل ولو كان إسلامه بعد الإسترقاق او المفادات لم يرتفع ذلك عنه ويبدو انه لا خلاف فيه ولا إشكال
الرابعة: ذكر المحقق الحلي كراهية أن يبدأ المسلم الذمي بالسلام وهو مسلك مشهور كما ذكره الشهيد الثاني في المسالك والدليل عليه روايات عامية رواها المتقي في كنز العمال جلد 5 صفحة 30 : ( لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام فإضطروهم إلا أضيقها). وفي رواية أخرى لو سلموا عليكم فقولوا عليكم نعم في رواية ضعيفة في كتاب الدعائم عن علي عليه السلام أن رسول الله نهى أن يبدؤوهم بالسلام ولعله ذكر العلامة في التذكرة في الحرمة وأيده الشهيد الثاني في المسالك وهذه الروايات مضافا الى ضعف سندها جدا لا دلالة فيها على خصوص الذمي قال في الجواهر ص 280 : ( أما السلام على باقي الملل والرد عليهم فلم يتعرضوا له والظاهر تحريمه وينبغي ان يقول لهم عند لقائهم السلام على من إتبع الهدى كما فعله النبي مع مشركي قريش)[2].

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo