< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

36/02/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الفقه \الجهاد
المسألة الرابعة: الدَين لا يمنع من الجهاد إذ كان مؤجلا او كان حالا مع إعسار صاحبه أما مع التأجيل فلأجل عدم وجوب الدفع الذي يشكل مانعا من الجواز لكون الوجوب كفائيا وأما لو كانت المدة المضروبة بحيث يحل الدين في أثنائها فقد إحتمل بعضهم عدم جواز الجهاد لأنه توقيت لواجب وقال صاحب الجواهر معلقا ومضعفا ولكنه كما ترى وأطلق العلامة في القواعد الجواز في الدين المؤجل وأنه لا يجوز إعتراضه قبل الأجل دون تفصيل .
والصحيح هو جواز المنع إذ لا فرق عندنا أصوليا بين تفويت ملاك فعلي وبين تفويت ملاك إستقبالي بمنع توجه الخطاب له كما ذكرنا في مسألة العبد النائم أمام إبن سيده في البحر مثلا وكيف يفتي الفقهاء بوجوب خفظ الماء قبل الزوال للعلم بإبتلائه بوجوب الصلاة الفعلي فيما بعد وههنا كذلك إذ ليس البحث في من تعين عليه الجهاد بل في من يجوز له الجهاد , وأما المعسر فإن إطلاق الجواز له بالجهاد محل تأمل فإنه إن كان قادرا على تحصيل المال دون حرج ورده الى أهله تعين عليه ذلك لأن دوران الأمر كما قيل في علم الأصول بين ما له بدل وما ليس له بدل فالأهمية لما ليس له بدل كالدين في مفروض المسألة ففرق بين عدم المطالبة للمعسر وبين وجوب السعي عليه لأنه غني بقدرته مع عموم مطل الغني ظلم .
المسألة الخامسة: في إذن الأبوين وإشتراط ذلك في الجهاد ذكر صاحب الجواهر أنه لا خلاف يجده في منع الأبوين المسلمين العاقلين الحرين له بل نقل عن ظاهر التذكرة والإيضاح الإجماع عليه وذكر العلامة في المنتهى وبه قال كافة أهل العلم بدعوى أن ولاية الأب وطاعته فرض عين وأما الجهاد ففرض كفاية وذكر فخر المحققين مؤيدا ذلك متنظرا في الجدين لجهة ثبوت الولاية لهما ولأن المجاز مقدم على الحقيقة إذ ما شك في شمول لفظ لمفهوم ما وقوى عدم الشمول للجدين متمسكا بعموم أدلة الجهاد ولعدم وجود نص وأن الإجماع قائم على خصوص الأبوين .
أقول: أما مقتضى الأصل فهو عدم وجوب الإستئذان إلا أن يكون عدم الإستئذان مساوقا لعدم العشرة بالمعروف لمرض ما أو لوحدة في البين أما مع عدم إستلزام ذلك لضآلة الوقت فالإطلاق محكم ما لم يرد دليل قاطع وما إستدل به لا يكفي في المقام وأما الإجماع فهو منقول أولا ومدركي ثانيا لإشتهار عدد من الروايات سيما العامية في المقام ولذا نرى في عبارات فقهائنا العدول عن الشرطية الى أن لهما المنع كما هو مقتضى كلام الكركي والشهيدين بل والفاضل الخ , وأما الرواية المشهورة وفيها : ( أقم مع والديك فوالذي نفسي بيده لأنسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة) [1].
فهي ضعيفة للغاية لوجود أبرزالضعفاء وهو عمر إبن شمر فيها وأما ما تبقى فهي روايات عامية منها عن إبن عباس في رجل أراد الجهاد وله أبوان فقال له الرسول ففيهما فجاهد ونحوها ما رواه أبو سعيد الخدري في كتاب البيهقي جلد 9 ص 29 . هذا كله في الأبوين المسلمين أما لو كانا كافرين فقد صرح الشيخ الطوسي والعلامة الحلي وغيرهما بعدم إعتبار إذنهما وفي المقابل كلمات لجملة من الفقهاء كإبن سعيد وإبن حمزة والشهيد الخ هو الإعتبار .
ونقل الشهيد الثاني في الروضة عن الشهيد الأول عدم إعتبار إذن الكافر ربما إستدل بسيرة النبي في غزواته حيث كان معه من المسلمين وآباءهم كفار في خط المواجهة كأبي حذيفة في معركة بدر مقابل أبيه عتبة إبن ربيعة مضافا الى أنه لا كرامة ولا ولاية لكافر وكيف يعقل أن يأمرنا المولى بجهاد الكفار ثم يطلب الإذن منهم لجهادهم . والأصح إعبتار إذنهما مع المنافاة في العشرة بالمعروف فإن الآية صريحة في ذلك معهم وموضوع الولاية يختلف عن وجوب شرعي وموضوع عدم الكرامة نقض لكلام الله ولذا ما ذكره جمع ومنهم العراقي من التعميم للإذن في محله مع المنافاة المذكورة هذا كله مع فرض الكفاية , أما مع التعين .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo