< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

34/08/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ النفقة "تابع"\ والعمل والحبس والسفر
  الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
  استقربنا سابقا أن لا فرق في مفردات النفقة بين المسكن وبين الطعام وبين الكسوة اذ جعلناها جميعا على نحو الامتاع لا التمليك لعدم الدليل الجلي على الملك ودى الاجماع ممنوعة ولذا قال السيد علي في الرياض أن المعتبر في المسكن الامتاع اتفاقا وفي الكسوة قولان أشهرهما أنها امتاع وفي المؤنة التمليك ولم يذكر الاتفاق والاجماع.
  واستقربنا ايضا عموم الوجوب للنفقة بلا فرق بين المرض المتعذر وبين المراض المألوفة بينما ذهب فقهاء العامة أنه لا يجب نفقة المرض على الزوج مطلقا بل لا بد من الانفاق على ذلك من مالها ان كان ومن مال من يجب عليه النفقة عليها ان لم يكن لها مال بدعوى ان التداوي حفظ لأصل الجسم والزوج لا يملك أصل الجسم بل يملك الانتفاع به كما في الدار المستأجرة فان أصل الدار في خرابه على المالك لا على المستأجر .
  كما استقربنا بأن نفقة الزوجة على أنها امتاع تقضى وقد قال في الرياض أنه لا خلاف في ذلك بل حكى جماعة الاجماع عليه وهو الحجة ولولا الاجماع بل التسالم كما يلوح لأمكن المناقشة في ذلك كما ناقش المالكية ومنعوا من القضاء وان وافق الثلاثة الآخرون ووجه المناقشة أن الدليل على القضاء ما ذكروه من المعاوضة بين وجوب النفقة وبين الاستمتاع بينما هي في الأقارب مواساة ولذلك أوجبوا النفقة مع غنى الزوجة وما ذكروه تقدم الاشكال فيه من أنه تشبيه وليس معاوضة حقيقية وهذا التشبيه موجود منهم في الأقارب سيما في الأبوين وأما الوجوب مع الغنى فلا يتلازم مع وجوب القضاء ككل وجوب يحتاج الى دليل لإثباته .عود على بدء .
 والتحقيق: أن ليس لدينا دليل على ذلك وانما يوجد أدلة عامة وما ورد في سياق التحديد كما في قوله عليه السلام يقيم صلبها أو يواري عورتها ناظر لأصل الزوجية وحفظ الحياة مع غلبة الصبر عندها ولا نظر للرواية للتحديد النهائي أو لحفها في الطلاق الخ .
  ومن هنا فان العمومات أو ما ورد بلسان الحرمان من الزكاة معللا " أنهم عياله لازمون له " وايضا فان من يتأمل في روايات الزوجة فيما لزوجها عليها وفي روايات معنى النكاح يدرك أنها في سلطانه وتحت نظره وفي يده وهذا يقتضي بمقتضى الاطلاق المقامي العودة الى العرف بالنسبة لها بحيث لا يرى العرف تقصيرا فيما يقدمه لها فلو تزوج بنت الأمير وقتر في النفقة بما يناسبه فان العرف يرى ذلك تقصيرا، ولذا يتوجدون لأجلها مع أنه يصرف بمقدار حاله وهذا مؤشر على لحاظ حالة الزوجة لا الزوج ولا هما معا .
  وما أروع ما قاله صاحب الجواهر من أن دليل العشرة بالمعروف يقتضي وجوب الجميع بالنسبة لها ومن هنا ولانعدام الاجماع على خيار ما ذهب جمع من فقهائنا الى اعتبار حال الزوجة وما اعتادت عليه بحيث يرى من الضرر ترك ذلك لا يقال ان قوله تعالى فلينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه فلينفق مما آتاه الله بدعوى أنها تحدد الميزان وهو مراعاة حال الزوج مضافا للاعتبار الانساني ولقانون الرحمة القرآني لأنه يجاب بأنها ليست ناظرة للوجوب ولزوم الصبر عليها وعدم الطلاق لها ولذا ورد في الروايات جواز طلاقها ان لم ترضى بل الآية ناظرة الى عدم الكلفة للزوج بما لا يطيق فهي بمثابة قوله تعالى:" لا يكلف الله نفسا الا وسعها"، فان العجز عن الشيء لا يسقط الحكم ولا الحق ولذا لا يطهر الاناء بالعجز عن الماء . لا أكلف بتطهيره.
 الزوجة والعمل والحبس والسفر
  من الواضح عند الخاصة وعن العامة أنهم ألحقوا الزواج بالمعاوضات بمعنى ما وما اصطلح عليه بالمعاوضة بين الانفاق وبين الاحتباس وبناء عليه فان المرأة العاملة أو ما ذكرناه ان رضي بذلك فلا تسقط نفقتها لأن حق الاحتباس قد اسقطه بنفسه .
  أما لو مكنت من نفسها ليلا لا نهارا أو العكس فقد افتي بعدم النفقة لها لأن المعاوضة المذكورة بين الانفاق وبين التمكين الكامل أو ما سموه الاحتباس ولم يحصل . أما لو رضي بالعمل ثم عاد وكره ذلك ومنعها فهل تسقط النفقة بذلك؟ بعض القوانين الوضعية كالقانون السوري أسقط النفقة هنا لعدم تحقق الموضوع وهو الاحتباس واكتفى آخر كالمصري بالرضى السابق ولم يشترط عليها الترك وهذا يستدعي تلقائيا اسقاط حق الاحتباس الكامل وافتى به بعض فقهاء الشيعة .
  والصحيح ان مقتضى القاعدة ان تكون تحت سلطانه مطلقا ولم يخرج منه الا ما رضي به وبمجرد ارتفاعه يرتفع حقها والالزام الناشئ من مصالحة أو من شرط ضمني ما هو الا الزام يعصي فيما لو خالفه ولكن يسقط النفقة لانعدام الموضوع وهو الاحتباس .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo