< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

34/06/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \الحضانة
 الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على خاتم النبيين حبيب قلوب المتقين الصادق الطاهر البر الأمين أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
  • النقطة الرابعة : الحضانة والأجرة
 ومحل الكلام هو نفس الحضانة من اشراف ورعاية وتحريك المهد الخ , اما اذا احتاج الى زائد كآلات للتنظيف وكالعطر ونحوهما فلا شك في أن الأب مسؤول عن ذلك ولها المقابل والمطالبة وهذه المسألة لم أجد لها اثرا في كتب القدماء ولعل الشهيد الثاني في المسالك من أول من أشار اليها نافيا ثبوت الأجرة معقبا بقوله " وهذا لا كلام فيه وانما الخلاف الخ " وهذا الكلام يشعر بالاتفاق مع أنك عرفت ما في الأمر ولعل الشهيد قد استظهر وضوح ذلك فقال لا خلاف فيها وهو الصحيح من جملة أمور :
 أ ـ ان الحضانة في الحولين ملازمة عادة للرضاعة بعدما عرفت الفرق بين الحضانة وبين الرضاعة ورغم هذا التلازم لم يرد في رواية الحديث عن اجرة الحضانة مع وروده في الرضاعة .
 ب ـ ان الحضانة كما هو ملحوظ في الخارج نحو تشريف وكرامة وارفاق بالمرأة وبعاطفتها وبولدها وهذا يتنافى عرفا مع استحقاق الأجرة .
 ج ـ ان المسألة عامة البلوى ولو كان ما ذكر ثابتا لاقتضى السؤال والجواب ولبانت الأدلة والروايات مع انه لا اثر لها .
 د ـ ان سيرة المسلمين في التعاطي مع قضية الحضانة هو عدم المطالبة بأجرة بل قد يعتبر ذلك مخالفا لأصولهم
 الحضانة والشروط
 اختلف الأصحاب في الشروط اللازمة لصاحب الحق في الحضانة والعمدة أربعة:
 الشرط الأول: الحرية اذ ورد في رواية الفضيل بن يسار
 الشرط الثاني : العقل وهذا من الواضحات اذ المجنون بحاجة الى حاضن
 الشرط الثالث: الاسلام وقد ذكر هذا الشرط كمسلمات ولعل المستند كما هو المألوف موضوع السلطنة والولاية حيث لم يجعلا لكافر على مسلم . وفيما ذكر تأمل واضح لعدم صدق المؤمن على الطفل أولا ولأن الحضانة ليست ولاية وسلطنة بقدر ما هي ارفاق واكرام ورعاية للطفل لكن في كلمات بعض الأصحاب نص على ذلك دون الروايات كما في كلمات يحي بن سعيد في الجامع والمحقق في الشرائع العلامة في القواعد وهو كما ترى تصريح من المتأخرين , اما في كلمات القدماء فلا اشارة لهذا الشرط كابن البراج المفيد والطوسي وسلار . ومن هنا يكون لكلام صاحب الجواهر في التأمل بهذا الشرط وجه وجيه .
  الشرط الرابع: وهو الأهم وهو الأمانة فقد ذكر جمع من الفقهاء أن الفاسقة لا حق لها في الحضانة كابن حمزة وابن سعيد والعلامة وقد نسبه البحراني الى الشيخ الطوسي في المقصود ولا يظهر شيوع المسألة عند القدماء نعم ذكروه في باب الرضاعة وانه يستحب اختيار المأمونة ولنا ان نطالب بالمدرك اذ لا علاقة للفسق في الجملة بكيف الحضانة فرب فاسقة في أمر من أشد الناس اهتماما بأبنائها كما يلاحظ عند الأمم الأخرى ولذا يكون الأصل هو عدم الاشتراط ودعوى عدم الولاية للفاسق مردود بما تقدم لأن الولاية مجعولة في الرئاسات وما وازاها كالإمامة والجماعة والفتوى وأما الحقوق فقد جعلت حتى للفسقة كما في موضوع الخيارات وكما في موضوع القتل وأما دعوى ايقاع الأب في العسر والحرج لصعوبة اصلاحه بعد فترة الحضانة فهو لا يثبت المطلوب الا في موارده وهذا ينفى من قبل الحاكم بالنسبة لها ولا يؤسس لقاعدة شرطية باشتراط العدالة بل يمكن القول بأن من ذكر الأمانة لا يقصد العدالة اذ صرحوا بها في مواردها وإنما المراد ما يقابل التفريط الاهمال وعدم الالتزام بما هو مطلوب .
 الحضانة في فترة الرضاعة
 ذهب المشهور حتى كاد أن يكون اجماعا بأن الحضانة مدة الحولين هي للأم ولم ينسب الخلاف الا لابن فهد في كتابه المهذّب البارع كما نسبه اليه السيد علي في الرياض والسبزواري في الكفاية فقد ذكر بأن الحضانة في هذه المدة بين الأبوين بالسوية بل نقل عنه أنه ادعى الاجماع مع وضوح عدم ذلك قال في الخلاف " فهي أحق به بلا خلاف " وقال في المسالك "لا خلاف في أن الأم أحق مطلقا " وقال السيد علي في الرياض أنه اجماع ونص ومن هنا عُمِل على تأويل كلامه ولكن ذهب جماعة من المعاصرين الى هذا القول وخلاصة هذا التأويل أن يكون المراد بالتسوية أي الحضانة والولاية والاشراف فمنها الحضانة ومنه الآخران .
 والصحيح أن المقصود هو التسوية في الحضانة والسبب في ذلك ورود رواية وهي صحيحة داوود ابن الحصين عن الصادق عليه السلام قال: ما دام الولد في الرضاع فهو بين الأبوين في السوية والرواية وان احتمل فيها ما ذكرنا من التسوية ولكن لا ينفى ظهورها مع الجو العام ومع باقي الروايات فيما يشمل الحضانة .
 والأنصاف انه لو سلمنا الظهور لا بد من رفع اليد عنها ويمكن أن يوجه ذلك بما يلي:
 اولا: ان هذه الرواية الظاهرة في الرتبة الأدنى للظهور معارضَة بما هو أشهر وأصرح وأصح سندا كصحيحة الحلبي وفيها : الحبلى المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها وهي أحق بولدها حتى ترضعه بما تقبله امرأة أخرى . وكذا رواية المنقري : أحق ما لم تتزوج وكذلك ما رواه ايوب ابن نوح . وفيه نظر بيّن فان رواية أيوب ضعيفة لأنها مكاتبة لا يعرف صاحبها وأما رواية المنقري فهي مرسلة ورواية ابي العباس البقباق ضعيفة بمحمد ابن الفضيل ورواية الحلبي المذكورة ليست أظهر ولا أوضح .
 ثانيا: ان رواية داوود ابن الحصين رغم صحتها سندا لم يعمل بها أحد من الأصحاب وقد عرفت في علم الأصول بأن خبر الثقة حجة للوثوق به ولكاشفيته لا ما اذا لم يتوفر ذلك فإنها ساقطة عن الحجية بالإمارة المعاكسة وهي عمل المشهور .
 ثالثا: أن المسألة من مسائل البلاء العام فلو كان ما ذكر صحيحا لشاع ولنقله القدماء في رسائلهم خصوصا مع تعذر الحضانة المشتركة بين متناقضتين. نعم ذهب بعض المعاصرين اليوم الى هذا الرأي ولكنك عرفت ما فيه.
 والحمد لله رب العالمين .
 
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo