< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/07/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم الطهارة في السعي وشرطية الستر فيه
 ورد إشكال عن المسألة الثانية حيث قلنا أن السيد الماتن يقول: يلزم أن يلتصق عقب الرجل بالصفا ورأس الرجل بالمروة ولكن المستشكل يقول لم يرد شيء من ذلك في كلام السيد الماتن في المسألة الثانية.
 والجواب:
 إن عبارة السيد الماتن كالآتي: و یجب علی الاحوط أن یکون الابتداء بالسعی من أول جزء من الصفا و یجب الختم بأول جزء من المروة.
 صحيح أن سماحته لم يصرح بالإلصاق ولكن لا طريق لامتثال الابتداء من أول جزء في الصفا والمروة إلاّ الإلصاق.
 وأما حكم شرطية الطهارة في السعي فقلنا أن الروايات على صنفين طائفة صرحت بعدم لزوم الطهارة في السعي حتى للحائض وأن العمل الوحيد الذي يحتاج إلى الطهارة هو الطواف وطائفة ثانية تدل بظاهرها على لزوم الطهارة في السعي:
 1ـ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الْمَرْأَةِ تَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ هِيَ حَائِضٌ قَالَ لَا إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ [1] .
 الرواية صحيحة سنداً.
 وأما دلالة فهي وأن دلت على عدم جواز السعي في حال الحيض لكن التعبير بأن الصفا والمروة من شعائر الله.
 يشعر بأن الطهارة إلاّ تشترط فيه إلاّ ندباً ويشهد عليه أن التضحية والوقوف بمشعر الحرام من شعائر الله لكن لا يشترط فيهما الطهارة فهو كهما.
 2ـ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ قَالَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ (عليه السلام) لَا تَطُوفُ وَ لَا تَسْعَى إِلَّا بِوُضُوءٍ [2] .
 أما الرواية سنداً، فأنه وأن كان فيه ابن فضال وهو افطحي لكنه ثقة، فالرواية موثقة.
 وأما دلالة: فهي تنهي عن السعي من غير وضوء فظاهرها يدل على وجوبه.
 3ـ عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ فِي كِتَابِهِ عَنْ أَخِيهِ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَصْلُحُ أَنْ يَقْضِيَ شَيْئاً مِنَ الْمَنَاسِكِ وَ هُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ قَالَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا عَلَى وُضُوءٍ [3] .
 الرواية صحيحة السند وكان لدى صاحب الوسائل كتاب علي بن جعفر وكان ينقل عنه مباشرة.
 وأما دلالة: فهي وأن تنهي عن أداء المناسك من دون طهارة ومنها السعي لكن التعبير بـ (لا يصلح) لا يقيد الوجوب وإنما يستعمل في موارد الندب غالباً.
 4ـ محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن الحسن، عن علي بن أبي حمزة ومحمد بن زياد، عن أبي عمير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة فجاوزت النصف فعلم ذلك الموضع، فإذا طهرت رجعت فأتمت بقية طوافها من الموضع الذي علمته فأن هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله [4] .
 والرواية وأن كانت ضعيفة سنداً بعلي بن أبي حمزة لكن بمضمونها تدل على اشتراط الطهارة في السعي.
 5ـ وعنه، عن احمد، عمن ذكره، عن أحمد بن عمر الحلال، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال سألته عن امرأة طافت خمسة أشواط ثم اعتلت، قال: إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بالصفا أو المروة وجاوزت النصف علمت ذلك الموضع الذي بلغت، فإذا هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله [5] .
 هذه الرواية كالسابقة سنداً ودلالة.
 
 طريق الجمع بين الروايات:
 هناك شاهدان يدلان على حمل الطائفة الثانية على الاستحباب وأنه تشترط الطهارة في السعي ندباً:
 الأول: قوله (عليه السلام) و الوضوء أفضل في صحيحة معاوية بن عمار [6] .
 الثاني: قوله (عليه السلام) وَ لَوْ أَتَمَّ مَنَاسِكَهُ بِوُضُوءٍ لَكَانَ أَحَبَّ إِلَي [7] .
 أضف إليه أن الجمع بين النفي والإثبات في الروايات يوجب حمل المثبتات على الاستحباب وأيضاً قوله (عليه السلام) إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ [8] .
 يدل على الندب لا الوجوب هذا كله في الطهارة عن الحدث.
 وأما الخبث فلم تشر إليه الروايات إلاّ أن جواز السعي للحائض مما يدل على عدم اشتراط الطهارة منه فيه حيث إنها لم تكن طاهرة منه غالباً، مضافاً إلى أن الطهارة لم تشترط في الحدث فبطريق أولى في الخبث، ولو شك أن الطهارة عن الخبث شرط في السعي أم لا؟ الأصل عدمه ومع ذلك كله مال صاحب المستند إلى الاستحباب وجعل دليل فتوى الأصحاب.
 ولا يخفى أن القول بالاستحباب تمسكاً بفتوى الأصحاب مبني على التسامح في أدلة السنن ولكن من لا يرى صحته ـ كما نحن عليه ـ لا يمكنه القول به.
 واستدل بالشعائر في الجواهر وأن السعي من شعائر الله فهو عبارة يشترط فيها الطهارة.
 
 الفرع الثاني: عدم اشتراط ستر العورة في السعي
 السيد الماتن: لا تعتبر الطهارة من الحدث و لا الخبث و لا ستر العورة‌ في السعي، و إن كان الأحوط الطهارة من الحدث.
 ولا الخبث. قال: ولا ستر العورة في السعي ويظهر منه عدم الاشتراط مطلقا أي سواء كان الناظر المحترم موجودا أم لم يكن ولكن يلزم حمل كلامه على عدم وجود الناظر المحترم وأن كان فرضا نادراً.
 ولم يوافقه أحد إلاّ السيد الخوئي في موسوعته حيث قال بعدم اشتراط ستر العورة تمسكاً بأصالة البراءة [9] .
 ولكن أقول: الأقرب هو الاشتراط لأن السعي عبادة والإتيان به مكشوفا ينافي كونه عبادة ومن ثم فلو سعى مكشوف العورة عالماً عامداً، أنكرته المتشرعة ولا ترى ذلك منه عبادة حتى مع فقدان الناظر فكيف مع وجوده.
 أنظر إلى من صلى وهو ينظر من أولها إلى آخرها إلى امرأة سفور قد حلّت نفسها بالمكياج فأنه ينكرون ذلك عليه مع أن متعلق الأمير غير النهي ولا يكون ذلك إلاّ المنافاة المعصية للطاعة وخلاف المتعارف عند المتشرعة.


[1] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب سعی، باب 15، حدیث 3.
[2] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب سعی، باب 15، حدیث 7.
[3] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب سعی، باب 15، حدیث 8.
[4] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب الطواف، باب 85، حدیث 1.
[5] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب الطواف، باب 85، حدیث 2.
[6] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب سعی، باب 15، حدیث 1.
[7] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب سعی، باب 15، حدیث 6.
[8] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب سعی، باب 15، حدیث 3.
[9] الموسوعة الإمام الخوئی، ج 29، ص 122.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo