< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم الأجير في السعي وعدم لزوم الطهارة فيهً
 كان البحث في المسألة الثانية من مسائل السعي وقد وصل بنا البحث إلى فرع لم يتطرق إليه السيد الماتن وهو انه لو حمل الساعي بين الجبلين أحداً على عاتقه أو ساقه في كرسي متحرك وكل منهما قد نوى السعي وكذلك لو حمل طفلاً ونوى عن نفسه وعن الطفل، أو أنه كان نائبا عن أحد وأثناء السعي أصبح أجيراً بغيره هل أن هذه الأعمال صحيحة أو لا؟ هذه الفروض تأتي في الطواف أيضاً.
 تقدم منا أنه لا إشكال في ذلك بحسب القواعد لأن الإطلاق تعم الجميع لأن كل واحد نوى عمله سواء كان بالتسبيب أو المباشرة والأجير الذي باع عمله لم يبيع جميع عمله بل باع عمل الحمل فحسب وأما سائر الأعمال ما زالت له. هذا بحسب القواعد.
 
 وأما بحسب دلالة الروايات:
 في الباب 50 من أبواب الطواف روايات تدل على الجواز إلاّ أن ثلاثة منها في حقيقتها رواية واحدة:
 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَيْثَمِ التَّمِيمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَجَجْتُ بِامْرَأَتِي وَ كَانَتْ قَدْ أُقْعِدَتْ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً قَالَ فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ وَضَعْتُهَا فِي شِقِّ مَحْمِلٍ وَ حَمَلْتُهَا أَنَا بِجَانِبِ الْمَحْمِلِ وَ الْخَادِمُ بِالْجَانِبِ الْآخَرِ قَالَ فَطُفْتُ بِهَا طَوَافَ الْفَرِيضَةِ وَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ اعْتَدَدْتُ بِهِ أَنَا لِنَفْسِي ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فَوَصَفْتُ لَهُ مَا صَنَعْتُهُ فَقَالَ قَدْ أَجْزَأَ عَنْكَ [1] .
 الرواية صحيحة سنداً لأن هيثم التميمي وأبنه محمد ثقتان وأما دلالة فهي صريحة فأن الإمام يقول أن هذا العمل للحامل أيضاً صحيح لأن الشك كان في صحة عمله.
 سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ [2] .
 وهي تامة دلالة وسنداً كاسابقها.
 عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ هَيْثَمٍ التَّمِيمِيِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) رَجُلٌ كَانَتْ مَعَهُ صَاحِبَةٌ لَا تَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ عَلَى رِجْلِهَا فَحَمَلَهَا زَوْجُهَا فِي مَحْمِلٍ فَطَافَ بِهَا طَوَافَ الْفَرِيضَةِ بِالْبَيْتِ وَ بِالصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ أَ يُجْزِيهِ ذَلِكَ الطَّوَافُ عَنْ نَفْسِهِ طَوَافُهُ بِهَا فَقَالَ إِيهاً اللَّهِ إِذاً [3] .
 قوله إِيهاً اللَّهِ إِذاً يعني أي والله أن ما أتيت به هو العمل المطلوب منك فالرواية تامة في سندها ودلالتها كالروايتين السابقتين.
 أَبِي جَعْفَرٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ‌ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي الْمَرْأَةِ تَطُوفُ بِالصَّبِيِّ وَ تَسْعَى بِهِ هَلْ يُجْزِي ذَلِكَ عَنْهَا وَ عَنِ الصَّبِيِّ فَقَالَ نَعَمْ [4] .
 الرواية صحيحة وموردها الأم التي تطوف بولدها فإن طوافها صحيح مع أنها تطوف بولدها.
 إذا المسألة لا إشكال فيها من ناحية الروايات إلاّ حالة الاستئجار فانها تعالج حسب القواعد!
 * * *
 المسألة الثالثة: قال السيد الماتن: لا يعتبر الطهارة من الحدث و لا الخبث و لا ستر العورة‌ في السعي، و إن كان الأحوط الطهارة من الحدث.
 
 الأقوال:
 المشهور أن الطهارة من الحدث والخبث ليس شرطا في السعي فيجوز السعي حتى للحائض، فالمشهور هو ذلك بل أدعى عليه الإجماع والمخالف الوحيد هو ابن أبي عقيل حيث اعتبر الطهارة شرطاً.
 
 دليل المسألة:
 ورد في اشتراط في السعي وعدمه طائفتان من الروايات:
 
 الطائفة الأولى: ما تنص على عدم الاشتراط
 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ تَقْضِيَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ إِلَّا الطَّوَافَ فَإِنَّ فِيهِ صَلَاةً وَ الْوُضُوءُ أَفْضَلُ [5] .
 الرواية صحيحة وهي تدل على عدم اشتراط الطهارة في جميع المناسك إلاّ الطواف.
 وأما قوله: فِيهِ صَلَاةً يمكن المراد منه أن حكم الطواف حكم الصلاة فيشترط فيه الطهارة كما يشترط فيها.
 ويمكن أن يراد منه أن الطهارة شرط صلاة الطواف التي يأتي بها بعده من غير فصل، فهي تشترط فيه أيضاً.
 ثم قوله: وَ الْوُضُوءُ أَفْضَلُ يكون شاهد جمع على رفع التعارض بين الطائفيتين من الروايات.
 2ـ عنه صَفْوَانَ وَ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ مُوسَى‌ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَشْهَدُ شَيْئاً مِنَ الْمَنَاسِكِ وَ أَنَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ قَالَ نَعَمْ إِلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ فَإِنَّ فِيهِ صَلَاةً.
 الرواية في غاية الصحة سنداً وهي تدل على عدم اشتراط الطهارة في السعي كغيره من المناسك إلاّ الطواف.
 3ـ وبإسناده سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَقَالَ لَا بَأْسَ.
 وردت هذه الرواية في خصوص السعي وعدم اشتراط الطهارة فيه خلافاً للسابقتين فأنهما باطلاقهما دلتا على عدم الاشتراط.
 4ـ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ وَ حَاضَتْ بَيْنَهُمَا قَالَ تُتِمُّ سَعْيَهَا وَ سَأَلَهُ عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ بِالْبَيْتِ ثُمَّ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْعَى قَالَ تَسْعَى [6] .


[1] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب السعي، باب 50 حدیث 1.
[2] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب السعي، باب 15 حدیث 4.
[3] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب السعي، باب 50 حدیث 4.
[4] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب السعي، باب 50 حدیث 3.
[5] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب السعي، باب 15 حدیث 1.
[6] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب السعي، باب 15 حدیث 5.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo