< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/07/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: مقدار السعي والسعي حال الركوب
 كان البحث في المسألة الثانية من مسائل السعي قال السيد الماتن: يجب على الأحوط أن يكون الابتداء بالسعي من أول جزء من الصفا، فلو صعد إلى بعض الدرج في الجبل و شرع كفى، و يجب الختم بأول جزء من المروة، و كفى الصعود إلى بعض الدرج [1] .
 إن السيد الماتن يرى مراعاة المسافة بالدقة العقلية وقد قلنا إن المسألة ليست موضع ابتلاء ومع ذلك نسأل: هل يلزم الحاج أن يلصق عقب رجليه في الصفا وأصابعه في المروة أي يلزمه بالدقة العقلية أن يراعي مدا المقدار من السعي بين الصفا والمروة أو أن الصدق العرفي مجز في ذلك، ولا يخفى أنه لم يرد في ذلك نص خاص فلابد من ملاحظة الإطلاق.
 وأما الآية فقوله تعالى: إِنَّ الصَّفا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [2] .
 فهي مطلقة ولا تدل إلاّ عل الطواف بين الجبلين وأما الدقة العقلية فلا.
 وأما الروايات أيضاً مطلقة فلا يستفاد منها الدقة العقلية والألفاظ تحمل على المفاهيم العرفية ومع هذا فقد أدعى الإجماع على مراعاة الدقة العقلية وهو كما ترى حيث أنه لم يكن وأن كان فهو مدركي ويحتمل قويا أنهم حملوا الاطلاقات عليها وبناء عليه نقتضي كفاية الصدق العرفي ولا يضر بهذا المقدار نقصان شبر من هذا الجانب أو ذاك ولعل وجه احتياط السيد الماتن كان هو هذا الإجماع. وأن لم يقم دليل على مراعاة هذه الدقة العقلية. وناهيك ما يأتيك في الفرع الثاني من جواز السعي راكبا.
 كان الراكب لا يمكنه أن يلصق عقبه أو أصابعه بالجبل في حال ركوبه. فروايات السعي راكبا دليل على كفاية الصدق العرفي.
 ويستفاد من فعل النبي (صلى الله عليه وآله) أنه سعى راكباً وكان على ذلك عمل الأصحاب.
 الصعود على الجبلين:
 هل أن الصعود واجب ذاتي أو انه مستحب؟ البعض ادعى الإجماع على عدم الوجوب.
 ففي الحدائق: و لا یجب الصعود علی الصفا إجماعا کما نقله فی التذکرة، و فی المنتهی انه قول اکثر أهل العلم إلا من شذ و قال الشهید (قدس سره): إن الاحتیاط الترقی إلى الدرج و تکفی الرابع و لا فی المدارک و لا ریب فی أولوية ما ذکره [3] .
 لعل رأي الشهيد هو أن الدرجات الثلاث أسفل من الجبل وليست من أعلاه فيلزم أن يرتقي الدرجة الرابعة لكي يصل إلى الجبل إذن ليس المراد الصعود إلى الجبل بل الوصول إلى الجبل.
 كاشف اللثام أيضاً أدعى الإجماع على عدم وجوب الصعود على الجبل! [4] .
 لم يعد من سيرة المسلمين إنهم يصلقون أعقابهم أو أصابعهم بالجبلين خصوصاً في أيام الزحام.
 ويقع الكلام في الدقة العقلية أو العرفية في مقدار الكسر وأوزان الزكاة أيضاً.
 ونحن نرى كفاية الدقة العرفية وحتى لا نرى لزومها من باب المقدمة العلمية لأنها تجب لو كان الصعود على الجبل واجبا، فيجب تحصيله من باب المقدمة العلمية ولكنه أول الكلام. (وهو كما ترى).
 
 ملحق
 ثم أعلم أن المستفاد من ظاهر الروايات هو استحباب الصعود على الجبلين.
 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي سَمَّاكٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ ثُمَّ انْحَدِرْ مَاشِيا.. فَاصْعَدْ عَلَيْهَا حَتَّى يَبْدُوَ لَكَ الْبَيْتُ [5] .
 والرواية صحيحة وقوله انْحَدِرْ مَاشِيا يدل على الصعود على الصفا ثم الانحدار كما أن قوله فَاصْعَدْ عَلَيْهَا يدل على الصعود على مروة. ولكن هناك قرائن تدل على أن هذا الصعود استحبابي كقراءة الدعاء: والمشي على وقار وسكينة، معنا فسعى قيام الإجماع على عدم لزوم الصعود.
 الفرع الثاني: ويجوز السعي ماشيا وراكبا والأفضل المشي [6] .
 أعلم أن المستفاد من الروايات أنما شرع السعي لإرغام المتكبرين والمستكبرين فالمشي فيه يوجب الإذلال خصوصاً إذا كان مع الهرولة فهو أفضل.
 
 أقوال العلماء:
 أجمع العلماء على جواز السعي راكبا.
 قال صاحب الرياض: و یجوز راکبا بالإجماع الظاهر المصرح فی الغنیة و غیرها [7] .
 وقال صاحب الجواهر: لو کان راکبا لا لعذر جاز بلا خلاف أجده فیه بل الإجماع بقسمیه علیه [8] .


[1] تحریر الوسیلة، ج1، ص437.
[2] سورة البقرة، الآية: 158.
[3] حدائق الناضرة، ج16، ص265.
[4] كشف اللثام، ج6، ص6.
[5] وسائل الشیعة، ج9، ص521، أبواب سعی، باب6، حدیث1.
[6] تحریر الوسیلة، ج1، ص437.
[7] رياض المسائل، ج14، ص123.
[8] جواهر الکلام، ج19، ص423.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo