< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/06/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: كيفية صلاة الطواف ومسألة تغيير موقع المقام
 البحث في صلاة الطواف، وعرضنا في البحث السابق مسألة محاذاة الرجل والمرأة، وهناك سؤال يطرح وهو أن في أيام الحج في مكة والمدينة قد جعلوا جناحاً خاصاً للنساء، يكون عادة بعيد جداً عن الرجال، فهل تصح الجماعة بهذه الطريقة؟
 نحن حسب التوجيهات التي أعطيت لنا. لا بد من رعاية أحكامهم، وعليهم فإن النساء يمكنهم أن يصلوا جماعة رغم هذه الفاصلة البعيدة، وصلاتهم صحيحة لأن أهل السنة تصح الصلاة عندهم بهذه الفاصلة البعيدة.
 الأمر الرابع: (وهذه المسألة لم تذكر في التحرير كذلك) صلاة الطواف تشابه الصلاة اليومية من حيث الأجزاء، الشرائط والموانع. إلاّ في شيئين:
 الأول: يتساوى الأخفات والجهر في صلاة الطواف ويجوز الأمران.
 الثاني: لا أذان وإقامة في صلاة الطواف، فالآذان والإقامة من مختصات الصلاة اليومية والأصل لأجل الدعوة أي الجماعة، الأذان والإقامة يدلان على أن أساس الصلاة أن تصلي جماعة وأن صلاة الفرادى هي حالة ثانوية، فإن حي على الصلاة وحي على خير العمل وأمثالها هي لأجل دعوت الآخرين إلى صلاة الجماعة، وعندما يردد الفرد هذه الأذكار لا لكي يدعو نفسه إلى الصلاة بل الأصل هو للدعوة الآخرين.
 وهذه الأذكار وأن كانت موجودة في صلاة الفرادى ولكنها مقتبسة من صلاة الجماعة.
 وكذلك السلام في الصلاة فعندما تقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أو نقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أو عندما نقول في سورة الحمد بصيغة الجمع، إياك نعبد وإياك نستعين، فهذه علامات على أن أصل هي صلاة الجماعة.
 وعلى هذا فإن صلاة الطواف عندما لا تصح أن تصلى جماعة، فليس لها آذان ولا إقامة، يضاف إلى ذلك فإن الأذان والإقامة لا يتناسبا مع صلاة الطواف.
 أما في غير هذين الشيئين فإن صلاة الطواف كالصلاة اليومية تماماً للإطلاق المقامي. الإطلاق المقامي هو أن يعطي المولى أمراً بالمركب، ويبين أجزاءه وشرائطه، ومرة أخرى يعطي أمراً يشبه الأمر بالمركب السابق ولا يشير إلى أجزاء وشرائط خاصة، فهذا علامة على أن هذا المركب هو كالمركب السابق، وإلا لو كان هناك اختلاف لبين ذلك. في هذه الحالة نأخذ بالإطلاق اللفظي، حيث يقتضي المقام بوجوب الإشارة في حالة كان هناك اختلافاً.
 وعلى هذا الأساس فإن صلاة الحاجة وغيرها كصلاة الصبح، ولا يلزم لبيان صلاة الطواف وصلاة الحاجة وأمثالها بيان كل الأجزاء والشرائط بالتفصيل. لا مجال للاخفات والجهر في صلاة الطواف، لأنه يستفاد من الروايات أن الجهر يختص بالصلاة التي تصل بالظلام ليسمع الناس صوت المصليين فيلتحقوا بهم، والاخفات يختص بالصلاة التي تصلي بالنهار.
 من هنا فإنه لم يشرع لصلاة الطواف وقت خاص بها لذا فلا تتبع فلسفة الجهر والاخفات.
 هذا الأمر وأن كان من باب الحكمة ولكن يختص بالصلوات المؤقتة لا الصلوات التي لا وقت لها مثل: صلاة الآيات وصلاة الحاجة أو صلاة الطواف.
 الأمر الخامس: وهي من المسائل الابتلائية في هذا الزمان، فقد قرروا بأن يبعدوا مقام إبراهيم (عليه السلام) للزحام.
 فهل شرط صلاة الطواف بأن تكون خلف المقام، يتحقق خلف المكان السابق أو خلف المكان الجديد؟
 لحل المشكلة لابد أن نعلم ما معنى المقام؟
 هل يطلق على المكان أو على الضمرة التي وقف عليها النبي إبراهيم (عليه السلام) أو على البقعة التي بنوها على الضمرة؟ أما الاحتمال الثالث فهو مستبعد لأن البقعة لم تكن قطعاً في عصر المعصومين (عليهم السلام) بل بنيت من بعد عصرهم.
 يستفاد من كلمات العظماء والفقهاء أن المقام يطلق على الضمرة لا على مكان الضمرة.
 يقول الشهيد الثاني في المسالك: الأصل في المقام انه العمود الصخر الذي کان یقوم علیه إبراهيم حین بناء البیت و اثّر قدمه فیه و کان في زمن إبراهيم ملاصقا بالبیت (لأنه كان يقف عليه ويبني الكعبة) بحذاء الموضع الذي هو فیه الیوم (يعني إذا رسمنا خطأ مستقيماً من مقام إبراهيم إلى الكعبة نحدد مكان التصاق المقام بالبيت، وعليه فإن مقام إبراهيم لم يكن في السابق في الطرف الآخر للكعبة بل كان في الطرف الذي عليه الآن) ثم نقله الناس بعده إلی موضعه الآن فلما بعث النبي ردّه إلی الموضع الذي کان في زمن إبراهيم فما زال کذلك حتی فی زمن الخلیفة الأول و شیئا من زمن الخلیفة الثاني ثم ردّه إلی الموضع الذی هو فیه الآن (يمكن أن يكون نقله بسبب الزحام الذي كان في ذلك المكان فاضطر للإبعاد مكان المقام لأنه إذا صلى كل الناس خلف المقام الذي كان ملاصقاً للكعبة للصعب الأمر على الطائفيين) [1] .
 طبعاً فإن تأثير أقدام النبي إبراهيم (عليه السلام) بالضمرة لم يكن أمراً عادياً، ففي الروايات عندما دعا النبي إبراهيم (عليه السلام) الناس وكل الأجيال للحج، جعل الوجود يتأثر به مما أدى إلى أن تنغمس رجلاه في الضمرة.
 والمحصلة أن المقام يطلق على الضمرة.
 وللبحث صلة.


[1] مسالك، ج 2، ص 338.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo