< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/06/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 المحاضرة الأخلاقية
 يقول الإمام الهادي (عليه السلام) في حديث: العتاب مفتاح المقال و العتاب خير من الحقد [1] .
 في الجملة الأولى يقول (عليه السلام) العتاب مفتاح المقال أي الكلام.
 لهذه الجملة تفسيران:
 الأول: هو إن الإنسان عندما يبدأ بالعتاب فهو مقدمة تؤدي إلى تبادل الكلام الحاد والخشن قد ينتج عنها الخصومة والانفصال، فعلى هذا يكون مفهوم الجملة على هذا التفسير هو: إذا استطعت أن لا تعاتب شخصاً ففعل، لأن العتاب يؤدي إلى النزاعات والمشاحنات اللفظية.
 الثاني: إن العتاب يؤدي إلى إظهار كل طرف ما في قلبه، فعندما يعاتب شخص الآخر فإنه يظهر له الشيء المكتوم ويخرج ما في داخله، وبالتالي لا يبقى شيئاً مكتوماً في الداخل.
 القسم الثاني من الحديث يؤيد التفسير الثاني وهو إن الشخص إذا كتم ما في داخله من أشياء، فإن هذا سيؤدي إلى الحقد والضغينة، ولكن عندما يظهر هذا المكتوم في شكل عتاب أخوي لا يبقى شيء في قلبه ليتحول مع مرور الزمن إلى حقد، والإمام (عليه السلام) في الواقع يشير إلى مسألتين تتعلق بعلم النفس.
 كلمات المعصومين (عليهم السلام) التي وصلتنا لا تتحدث عن الحياة الأخروية فقط بل تتعرض للحياة الدنيا كذلك بحيث إذا أرتم أن تنعموا بالراحة في الحياة الدنيا فيجب أن تعرفوا كيفية السلوك.
 * * *
 عنوان البحث الفقهي: النيابة في صلاة الطواف وفوريتها
 تعلق البحث السابق بموضوع حفظ أغراض المولى وقلنا إذا عرفنا قبل وقت الوجوب أن غرض المولى في خطر فيجب تهيئة المقدمات قبل البحث لعدم نقض غرض المولى، وعلى هذا الأساس يجب حفظ ماء الوضوء قبل دخول الوقت وأن لم يحن بعد وجوب الصلاة أي ذي المقدمة وعلى القاعدة فأن مقدمة الوجوب ليست واجبة.
 وقد يقال أن الآية الشريفة تدل على هذا الأمر وهي: وَ لَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً [2] .
 في هذه الآية يقول الله (عز وجل) أن المنافقين كاذبون وهم غير مستعدين للجهاد، فلو كانوا مستعدين للجهاد لأعدوا مقدماته من السلاح والركب وغيرها من الوسائل اللازمة.
 وهذا في الحال الذي لم يكن أمر الجهاد قد صدر ولكن لو كانوا في صدد المشاركة في الجهاد لأعدوا أنفسهم من قبل حتى إذا صدر أمر الجهاد تمكنوا من المشاركة فيه.
 وهذا القانون وتهيئة المقدمات قبل وقت الوجوب يرى في عالم الطبيعة كذلك فالحيوانات مثل النملة التي تجمع حاجاتها لفصل الشتاء في الصيف، وقد أشار الإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة لهذه المسألة حيث يقول: تَجْمَعُ فِي حَرِّهَا لِبَرْدِهَا [3] .
 وعلى أي حال كان البحث في المسألة السادسة التي تتعلق بالذي لا يمكنه الصلاة بقراءة صحيحة، ووصلنا إلى هل يمكن لهكذا شخص أن يستنيب، يقول السيد الماتن: والأحوط الاقتداء بشخص عادل، لكن لا يكتفي به كما لا يكتفي بالنائب أي إذا استناب، فلا يكتفي بذلك بل عليه أن يصلي صلاة الطواف بنفسه بالطريقة التي يقدر، وكلامه تلويحاً بأن من المناسب أن يستنيب.
 ولكن إذا راجعنا أدلة النيابة سنجد أن ما نحن فيه لا تشمله تلك الأدلة.
 فأدلة النيابة على خلاف الأصل، فالأصل هو أن يؤدي الفرد أعماله بنفسه دون توكيل أحد بالأخص إذا كان حياً، فروايات النيابة في ما يخص صلاة الطواف تتعلق بالذي خرج من مكة لا الذي يكون حاضراً عند مقام إبراهيم (عليه السلام)، فإذا استطاع أن يتعلم صلاة الطواف يجب عليه التعلم، وإذا استطاع أن يصليها بالتلقين وجب عليه ذلك وإذا لم يستطع فـ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها [4] . فعليه أن يصلي بالطريقة التي يقدر.
 بالأخص أن النيابة في بعض الأحيان توجب المتاعب ففي بعض الأحيان قد يضطر عالم الدين في الحملة لينوب عن عدة أشخاص، ويصلي لكل شخص على حدا، فهذا العمل قد يؤدي لوهن المذهب، حيث يرون أن شخصاً واحداً يؤدي صلاة الطواف عدة مرات، وكذلك قد تؤدي النيابة إلى ازدحام محل الصلاة، ومزاحمة الآخرين.
 بقي هنا أمور:
 وهذه الأمور ابتلائية ولم يتعرض لها السيد الماتن:
 الأمر الأول: يجب أن تؤدي صلاة الطواف فوراً، وهذه الفورية عرفية أي يمكن المكث قليلاً بعد الطواف، فإذا أقيمت الجماعة فيصلي جماعة، وبعدها يصلي صلاة الطواف.
 
 أقوال العلماء:
 لم يتعرض لهذه المسألة كثير من العلماء، وقد تعرض لها جمع من المتأخرين من جملتهم السيد الخوئي والسيد السبزواري صاحب مهذب الأحكام وآخرين.
 السيد الخوئي من القائلين إن الذي لا يراعي الفورية فطوافه وحجه باطلان، يقول: لو فصّل بینهما بیوم او یومین فسدت الصلاة و فی هذه الحالة تجب علیه إعادة الطواف فانه یفسد للفصل بینهما فتکون صحة الطواف مشروطة بتعقب الصلاة فإذا لم تتعقبه الصلاة فسد الطواف و معه یفسد الحج [5] .
 لم يتعرض إلى فاصلة الساعة أو الساعتين، ويلزم من كلامه إن الشخص الذي يستطيع القراءة الصحيحة في الصلاة فلم يفعل فحجه باطل كذلك.
 المرحوم السيد السبزواري من القائلين بأن الفورية حكم تكليفي، فإذا لم يراعها الفرد فقد أثم فقط.
 يقول بعد لكن لا يكتفي به كما لا يكتفي بالنائب اي في الصي، وإذا أن يفتي بفورية صلاة الطواف: لکن لو أخّر أثم و لا تبطل صلاته و لا طوافه لعدم کون الفوریة شرطا فی صحة صلاة الطواف بل یکون واجبا مستقلا کما انه لیس صلاة الطواف شرطا لصحة الطواف و السعی للأصل و ظهور الروایات [6] .
 وللبحث صلة.


[1] إعلام الدین، ص 311.
[2] سورة التوبة، الآية: 46.
[3] نهج البلاغة، الخطبة: 185.
[4] سورة البقرة، الآية: 286.
[5] موسوعة الإمام الخوئی، ج 29، ص 107.
[6] مهذب الأحکام، ج 14، ص 96.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo