< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 موضوع البحث: مكان صلاة الطواف
 البحث في المسألة الثالثة من مسائل صلاة الطواف وقد قسمها السيد الماتن إلى أربعة فروع، ويقول في المسألة 3: يجب أن تكون الصلاة عند مقام إبراهيم عليه السلام، و الأحوط وجوباً كونها خلفه، و كلما قرب إليه أفضل، لكن لا بحيث يزاحم الناس، و لو تعذر الخلف للازدحام أتى عنده من اليمين أو اليسار، و لو لم يمكنه أن يصلي عنده يختار الأقرب من الجانبين و الخلف، و مع التساوي يختار الخلف، و لو كان الطرفان أقرب من الخلف لكن خرج الجميع عن صدق كونها عنده لا يبعد الاكتفاء بالخلف، لكن الأحوط إتيان صلاة أخرى في أحد الجانبين مع رعاية الأقربية، و الأحوط إعادة الصلاة مع الإمكان خلف المقام لو تمكن بعدها إلى أن يضيق وقت السعي.
 الفرع الأول:
 وهو محل الابتلاء كثيراً، وهو وجوب أن تكون الصلاة عند مقام إبراهيم، فبسبب الازدحام الشديد الذي يكون في الحرم في مثل هذه الأيام يصعب إقامة الصلاة في مكانها المفروض.
 والآية 125 من سورة البقرة تأمر بأن تكون الصلاة عند مقام إبراهيم (عليه السلام) يقول الله تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهيمَ مُصَلًّى [1] .
 ثم يحتاط السيد الماتن احتياطاً وجوبياً في أن تكون الصلاة خلف مقام إبراهيم ثم يضيف بأنه كلما قرب من المقام كانت فضيلتها أكثر، ولكن لا يجب أن تكون بحيث تزاحم الناس.
 (المزاحمة تارة تكون للمصليين وتارة للطائفيين) في الفرع الثالث يقول السيد الماتن: إذا لم يستطيع بسبب الازدحام أو لأي سبب آخر أن يصلي خلف المقام فيصلي عند يمين المقام أو يساره.
 في الفرع الرابع يقول السيد الماتن: إذا لم يستطع أن يصلي خلف المقام أو عند الجانبين، فيصلي عند الأقرب من الجانبين والخلف، وإذا كان المكان الذي اختاره متساو من حيث المسافة مع طرفي المقام وخلفه، فيختار المكان الذي هو خلف المقام، أما إذا كان الطرفان أقرب من الخلف (يعني أقرب مكان خلف المقام هو خمسين متر، وأقرب مكان من جهة اليمين أو اليسار هو عشرين متر) فلا يبعد الاكتفاء بالصلاة بالخلف ولو كانت أبعد، ثم يحتاط بالصلاة مرة أخرى من جهة اليمين أو اليسار ثم يحتاط احتياطاً في آخر هذا الموضوع بإعادة الصلاة خلف المقام إذا تمكن وخفت زحمة الناس، نعم إذا ضاق الوقت فلا محل للاحتياط، وبناءً على هذا يجب أداء ثلاث صلوات بقصد القربة ولكن الأولى بقصد صلاة الطواف المفروضة والثانية والثالثة بقصد الرجاء.
 أما الفرع الأول: وجوب صلاة الطواف عند مقام إبراهيم.
 أقوال العلماء:
 المشهور والمعروف بين العلماء هو الفتوى بالوجوب، وتختلف تعبيراتهم في ذلك فقال البعض: يجب الصلاة خلف المقام، وقال آخرون: عند المقام، وقسم آخر عبر في المقام.
 يقول صاحب المستند: یجب أن تکون الصلاة خلف مقام إبراهيم قریباً منه عرفاً وفاقاً للصدوقین والاسکافي والمصباح (للشیخ) ومختصره (للشیخ) والمهذب للقاضي (ابن براج) وجماعة من المتأخرین خلافاً لظاهر من قال بوجوبه عنده (لا خلفه) الشامل للخلف واحد الجانبین کما عن الاقتصاد والجمل والعقود والجامع وقال بعضهم بوجه آخر في مقام إبراهيم کما في الشرائع والنافع والإرشاد وعن النهایة والمبسوط والتذکرة والتبصرة والتحریر والمنتهی وغیرها [2] .
 نقول: يظهر إن عبارة في المقام وعند المقام بمعنى واحد لأنه لا يمكن الصلاة داخل المقام، ويختلف معنى الخلف عن المعنيين السابقين لأن الخلف ليس له إلاّ معنىً واحد، ولكن عند المقام يشمل الطرفيين.
 يقول صاحب الرياض: و یجب إيقاعهما في مقام إبراهيم و عن الشهید أنه قال: و أما تعبیر بعض الفقهاء بالصلاة في المقام فمجاز تسمیة لحول المقام باسمه إذ القطع حاصل بان الصخرة التی فیها اثر قدم إبراهيم لا یصلی علیها و الاحوط أن لا یصلي إلاّ خلفها [3] .
 في مقابل قول المشهور، ينقل صاحب الجواهر قوليين بالخلاف [4] .
 إحدى هذين القوليين قول منقول عن الشيخ الطوسي يقول فيه بإمكانية الصلاة في أي موضع من المسجد، وهو يدعي الإجماع على ذلك ثم يقول باستحباب الصلاة خلف المقام.
 والقول الآخر ينقله عن الصدوقيين الذين فرقا بين طواف الحج وطواف النساء، ثم قالوا إن طواف العمرة والحج يجب أن يكون خلف المقام، ولكن طواف النساء يمكن أن يكون بأي موضع من المسجد، وليس لهذا القول أي مستند سوى فقه الرضا (عليه السلام).
 دليل قول المشهور.
 دلالة الآية الشريفة التي تقول: وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناً وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهيمَ مُصَلًّى [5] .
 لا تنحصر دلالة الآية بصلاة الطواف فقط، ولكن بما إن ليست هناك صلاة واجبة في الحج غير صلاة الطواف، لذلك حملت الصلاة في الآية على صلاة الطواف.
 أما تفسير مقام إبراهيم، فقد قال بعض أهل السنة إن المقصود من مقام إبراهيم هو كل الحرم (حتى أطراف مكة) وقال البعض بأن المقصود منه هو عرفات (المشعر الحرام) ومكان رمي الجمار) وهذه فتاوى عجيبة وشاذة وتخالف الروايات الإسلامية التي تصرح أن المقصود من مقام إبراهيم هو الحجر الذي هو من حجر الجنة أي الحجر الأسود، وحجر مقام إبراهيم (الذي لان وأنغرست فيه قدمي النبي إبراهيم (عليه السلام) لتكون علامة على الكعبة والحج).
 وكان مقام إبراهيم سابقاً غرفة ولكن وبسبب الازدحام الشديد، هدموا تلك الغرفة، وأشادوا مكانها قبة زجاجية صغيرة.
 لمعنى (من) يعرض صاحب الجواهر احتمالين لمعنى (من):
 الاحتمال الأول: إن (من) بيانية مثل خاتم من ذهب، وعلى هذا القول يمكن حذف (من) من الآية فتصبح (و اتخذوا مقام إبراهيم مصلی) وعليه فيمكن أداء الصلاة بأي شكل يصدق عليه عرفاً عند مقام إبراهيم.
 الاحتمال الثاني: إن (من) بمعنى (في) لأنه ليس في هنا معنى حقيقي، فنختار لها أقرب المجازات والتي هي (عند).
 الاحتمال الثالث: وهو ما نحتمله وهو إن (من) هنا تبعيضة أي اختاروا بعض من مقام إبراهيم وصلوا عنده، لأن الإنسان لا يشغل كل المقام بل بعضه.


[1] سورة البقرة، الآية: 125.
[2] المستند، ج 12، ص 137.
[3] الریاض، ج 7، ص 20 و 21.
[4] جواهر الکلام، ج 19، ص 316.
[5] سورة البقرة، الآية: 125.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo