< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/05/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 موضوع البحث: مستحبات صلاة الطواف وأحكام الشك فيها
 البحث في المسألة الأولى من مسائل صلاة الطواف، ووصلنا إلى الفرع الرابع من هذه المسألة والذي يتعلق بالمستحبات، حيث يستحب في الركعة الأولى من صلاة الطواف سورة التوحيد وفي الركعة الثانية سورة الجحد.
 أقوال العلماء:
 أفتى أكثر الفقهاء بذلك، والروايات في هذا المجال كثيرة، وقد ذهب عدد قليل منهم إلى خلاف ذلك فقالوا باستحباب سورة الجحد في الركعة الأولى، وسورة التوحيد في الركعة الثانية.
 يقول صاحب الجواهر: المشهور کما عن المختلف انه یستحب في الأولی سورة التوحید و في الثانیة الجحد و عن التذکرة انه رواه العامة و عن الدروس و التحریر العکس [1] .
 دلالة الروايات:
 الروايات على طائفتين:
 أكثر الروايات تطابق قول المشهور، وهناك روايات قليلة فيها الضعاف وردت على خلاف قولهم.
 عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ قَالَ أَحَدُهُمَا (عليه السلام) يُصَلِّي الرَّجُلُ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ طَوَافِ الْفَرِيضَةِ وَ النَّافِلَةِ بِـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [2] .
 الرواية صحيحة، وليس فيها كلام عن الركعة الأولى والثانية ولكن بما إن الإمام (عليه السلام) ذكرها بالترتيب فنحن نحملها على الركعة الأولى والثانية.
 عَنْ علی عن أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى وَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِذَا فَرَغْتَ مِنْ طَوَافِكَ فَائْتِ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ (عليه السلام) فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ اجْعَلْهُ إِمَاماً وَاقْرَأْ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا سُورَةَ التَّوْحِيدِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ فِي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [3] .
 الرواية صحيحة، وقد صرحت بالركعة الأولى والثانية.
 سُلَيْمَانَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) اقْرَأْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ لِلطَّوَافِ بِـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) [4] .
 يظهر من الرواية الترتيب بين ما يقرأ في الركعة الأولى وما يقرأ في الركعة الثانية.
 جَمِيلٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ طَوَافِ الْفَرِيضَةِ خَلْفَ الْمَقَامِ بِـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) [5] .
 قد تكون هذه الرواية متحدة مع رواية جميل السابقة، وهناك روايات بنفس المضمون وردت في الوسائل ج 6، باب 15 من أبواب الصلاة الحديث 1، 2.
 الطائفة الثانية:
 وهي مخالفة للطائفة الأولى.
 فِقْهُ الرِّضَا (عليه السلام): فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ أُسْبُوعِكَ فَأْتِ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ وَ صَلِّ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَ اقْرَأْ فِيهِمَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [6] .
 الرواية ضعيفة، وكتاب فقه الرضا (عليه السلام)، لم يعلم أنه كتاب روايات الإمام الرضا (عليه السلام)، أو كتاب فتاوى الصدوق، وهناك عدة قرائن تشير إلى أن هذا الكتاب يحتوي على كلمات الإمام (عليه السلام).
 دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ وَ الطَّوَافُ سَبْعَةُ أَشْوَاطٍ حَوْلَ الْبَيْتِ إِلَى أَنْ قَالَ فَإِذَا طَافَ كَذَلِكَ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ وَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ بَعْدَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ الْخَبَرَ [7] .
 الرواية ضعيفة سندا.
 الصَّدُوقُ فِي الْمُقْنِعِ، ثُمَّ ائْتِ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ (عليه السلام) فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ اقْرَأْ فِيهِمَا الْحَمْدَ وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ تَشَهَّدْ ثُمَّ احْمَدِ اللَّهَ وَ أَثْنِ عَلَيْهِ وَ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) وَ اسْأَلْهُ أَنْ يَتَقَبَّلَهُ مِنْكَ [8] .
 والرواية ضعيفة كذلك.
 الجمع الدلالي:
 من الواضح أنه مع وجود تعارض، نقدم روايات الطائفة الأولى التي تحتوي الصحاح، ومع ذلك نشير إلى وجهين من أوجه الجمع الدلالي:
 الوجه الأول: القول بالتخيير، وهناك مواضع متعددة في باب المستحبات هي من هذا النوع.
 الوجه الثاني: يجب قراءة السورتين في هذه الصلاة، ولا إشكال في قراءة أي من السورتين في أي من الركعتين.
 نقول: والظاهر هو ما قال به المشهور، والسيد الماتن قد أفتى بذلك في متن التحرير حيث ذكر قراءة التوحيد في الأولى والجحد في الثانية، وحتى إذا قلنا بالتخيير فإنه القدر المتيقن هو ما ذكره السيد الماتن.
 مهما كان مضمون السورتين يتناسب مع التوحيد ووحدة المسلمين، أجواء بيت الله، وذكرى فتح مكة وأمثالها، ومضمون سورة الجحد هو تخيير الكافرين بين الانضمام إلى ديننا أو البقاء على دينهم.
 والنقطة الأخرى التي ذكروها هي إذا نوى شخص بسم الله لسورة التوحيد فلا يمكن أن يقرأ بها سورة الجحد والعكس بالعكس.
 نحن لا نقبل هذه الفتوى ونقول: لا فرق بين (بسم الله) وأخرى بأي نية كانت ومع أي سورة قرأت بعدها، بسم الله ذات ماهية واحدة، لذا فهي في كل السور متشابهة ولا تختلف نية قراءتها بين سورة وأخرى.
 فإذا أراد كاتب مثلاً أن يكتب القرآن فكتب بسم الله بنية سورة التوحيد، ثم بدل رأيه وقرر أن يكتب سورة الجحد أو أي سورة أخرى: فلا يمكن مس هذه البسملة بدون وضوء، فإنه مع تغيير النية لا تخرج هذه البسملة عن كونها قرآنا.
 وبعبارة أخرى: فإن بسم الله تتبع السورة التي تقرأ بعدها وتلحق بها، وفي ما يخص سور العزائم فنحن من القائلين بأن الجنب لا يمكنه فقط قراءة آية السجدة، أما ما تبقى منها بما فيها (بسم الله) بنية أنها من سور العزائم، فيمكنه قراءتها.
 المسألة: 12 الشك في عدد الركعات موجب للبطلان ولا يبعد اعتبار الظن فيه وهذه الصلاة كسائر الفرائض في الأحكام.
 إذا شك أحد في ركعات صلاة الطواف فصلاته باطلة، ثم يضيف السيد الماتن بأنه لا يبعد العمل بظنه، إذا ظن بطرف دون آخر، ثم يقول: بأن هذه الصلاة كسائر الفرائض في الأحكام كشرطية الطهارة، القبلة، الستر، وهي كبقية الصلوات في الواجبات، الشرائط، الموانع، القنوت، وغيره، وهذا الفرع هو نفس المسألة السابقة التي ذكرت إن صلاة الطواف كصلاة الصبح فلا نعيد.
 أما مسألة الشك في صلاة الطواف: فحكم الشك في صلاة الطواف كالشك في صلاة الصبح.
 الدليل الأول: الإطلاق المقامي:
 يجري هنا الإطلاق المقامي، فعندما يأمر المولى بشيء ويعين شرائطه وأجزائه (مثل صلاة الصبح) ثم يعطف عليه شيء آخر مثله (كصلاة الطواف) ولا يبين شرطاً خاصاً له فهذا يدل على إن شرائطه وأجزائه نفس شرائط وأجزاء الأمر الأول، فعندما نذكر روايات صلاة الطواف أحكام الشك فهذا يدل على أنها كصلاة الصبح وتجري عليها نفس أحكام الشك فيها.
 الدليل الثاني: الروايات.
 عَنْ سَمَاعَةَ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ السَّهْوِ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ قَالَ إِذَا لَمْ تَدْرِ وَاحِدَةً صَلَّيْتَ أَمِ اثْنَتَيْنِ فَأَعِدِ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِهَا وَ الْجُمُعَةُ أَيْضاً إِذَا سَهَا فِيهَا الْإِمَامُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ لِأَنَّهَا رَكْعَتَانِ [9] .
 الرواية موثقة، وهي إن كانت مضمرة، حيث لم يذكر اسم الإمام (عليه السلام)، فهذا إن سماعة كان لديه كتاب وقد ذكر في أول الكتاب اسم الإمام (عليه السلام) ثم عطف الروايات على اسم الإمام، فبعد أن فككت الروايات زال الارتباط بينها فأصبحت رواياته مضمرة.
 وعللت آخر الرواية بأن الصلاة باطلة لأنها ركعتان، لذا تحمل صلاة الطواف عليها، وهذا قياس منصوص العلة.
 الدليل الثالث:
 جاء في الروايات: إن الصلاة كانت في البداية عشر ركعات وكان كل فرض يتألف من ركعتين وفي كل يوم خمسة فروض، فأضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإذن الله سبع ركعات، ثم تصرح الروايات بأن السهو والشك في فرض الله يوجب البطلان، أما فيما فرضه النبي (صلى الله عليه وآله) فتجري عليه أحكام الشك، ومن المعلوم إن صلاة الطواف هي فرض الله (عزوجل) لأن الله (عزوجل) يقول: وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهيمَ مُصَلًّى [10] .
 لذا فالشك فيها يوجب البطلان.رتين في الركعة الأولى، والأخرى من السورتين في الثانية.التي تحتوي الصحاي الوسائل ج 6، باب 15 من أبواب الصلاة الحديث 1، 2.


[1] جواهر الکلام، ج 19، ص 302.
[2] وسائل الشیعة، ج 9، باب 71 من أبواب الطواف، حدیث 2.
[3] وسائل الشیعة، ج 9، باب 71 من أبواب الطواف، حدیث 3.
[4] وسائل الشیعة، ج 9، باب 71 من أبواب الطواف، حدیث 4.
[5] وسائل الشیعة، ج 9، باب 71 من أبواب الطواف، حدیث 5.
[6] مستدرك الوسائل، ج 9، باب 46 من أبواب الطواف، حدیث 1.
[7] مستدرك الوسائل، ج 9، باب 46 من أبواب الطواف، حدیث 2.
[8] مستدرك الوسائل، ج 9، باب 46 من أبواب الطواف، حدیث 3.
[9] وسائل الشیعة، ج 5، باب 1 من أبواب الخلل فی الصلاة، حدیث 18.
[10] سورة البقرة، الآية: 125.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo