< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/04/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 موضوع البحث: مستحبات ومكروها الطواف
 يعالج السيد الماتن في المسألة 26 مستحبات ومكروهات الطواف فيقول: التكلم والضحك وإنشاد الشعر لا تضر بطوافه لكنها مكروهة‌ ويستحب فيه القراءة والدعاء وذكر اللّٰه تعالى.
 يشير السيد الماتن في هذه المسألة لثلاثة مكروهات وثلاثة مستحبات، والمكروهات والمستحبات في هذا الشأن بكثير مما ذكره السيد الماتن.
 أقوال العلماء:
 يقول المحقق في الشرائع: والندب خمسة عشر، ثم يضيف صاحب الجواهر: ان الندب كثير ذکر المصنف منها خمسة عشر [1] .
 ثم يذكر المحقق المكروهات فقط ويقول: ویکره الکلام بغیر الدعاء والقراءة [2] .
 يضيف صاحب الجواهر: بل زاد الشهيد كراهية الأكل والشرب والتثاؤب (التثاؤب مكروه في الصلاة كذلك) والتمطي (رفع الأيدي إلى الأعلى والأسفل لرفع التعب) والفرقعة (الضغط على الأصابع لتعطي صوتاً) والعبث (باللحية وسائر الأعضاء) ومدافعة الأخبثيين (البقاء على البول والغائط يؤدي إلى الضغط فيتشتت ذهن الإنسان في الطواف)، وكل ما يكره في الصلاة غالباً.
 ثم قال: وعلى كل حال فلا حرمة في شيء من ذلك بلا خلاف أجده فيه، بل عن المنتهى إجماع العلماء الفريقين (الشيعة والسنة) على جواز الكلام في المباح.
 يقول صاحب المستند: لا خلاف في جواز الکلام في أثناء الطواف بما یرید من أمور الدنیا والآخرة والمنتهی ادعاء الإجماع علیه نعم یکره الکلام فیه لفتوى الأصحاب والنبوي العامي الطواف بالبیت صلاة فمن تکلم فلا یتکلم إلا بخیر [3] .
 دليل المسألة:
 الدليل العقلي:
 بعض الأعمال لا تناسب روح العبادة، مثلاً: القهقة، المزاح، قراءة القصص وأشعار الحب وأمثالها أثناء الطواف، ولا ينسجم مع روح العبادة، وبما أنه ليس لدينا دليل على الحرمة فالأصل البراءة ولكن تبقى الكراهة على قوتها.
 مثلاً: ورد في الصلاة كراهة الصلاة والباب مفتوح، وعلته أنه أثناء فتح الباب تذهب الناس وتجيء مما يؤدي إلى تشتت فكر الإنسان.
 وورد أيضاً في رواية عدم الصلاة مقابل شعلة النار، أو مقابل التمثال، وهذا لإبعاد شبهة عن عبادة النار والتماثيل.
 وحتى لو لم يكن هناك رواية في المقام، يمكن إن نعرف الكراهة.
 فعليه فإن أغلب أو جميع مكروهات الصلاة يمكن ننقلها للطواف.
 دلالة الروايات:
 بعض هذه الروايات عامة مثلاً: كراهة قراءة الشعر في المسجد، فتشمل هذه الروايات المسجد الحرام وأثناء الطواف وغيرهما.
 وبعض هذه الروايات خاص، وتختص بحالة الطواف.
 مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ وَاقِدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ (عليه السلام) فِي حَدِيثِ الْمَنَاهِي قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَنْ يُنْشَدَ الشِّعْرُ فِي الْمَسْجِد [4] ِ.
 عَنْ شُعَيْبِ بْنِ وَاقِدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الصَّادِقِ (عليه السلام) عَنْ آبَائِهِ (عليه السلام) فِي حَدِيثِ الْمَنَاهِي قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَنْ يُنْشَدَ الشِّعْرُ أَوْ تُنْشَدَ الضَّالَّةُ فِي الْمَسْجِدِ [5] .
 يعني لا تنشدوا الشعر في المسجد، ولا تعلنوا عن أشياء مفقودة في المسجد فيذهب خلفها الناس.
 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ وبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ تُكْرَهُ رِوَايَةُ الشِّعْرِ لِلصَّائِمِ وَالْمُحْرِمِ وَفِي الْحَرَمِ وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَأَنْ يُرْوَى بِاللَّيْلِ قَالَ قُلْتُ وَإِنْ كَانَ شِعْرَ حَقٍّ قَالَ وَإِنْ كَانَ شِعْرَ حَقٍّ [6] .
 في الرواية لفظ (المحرم) وهذه قرينة على إن مقصوده (في الحرم) خصوصاً الحجاج لا أن على سكان مكة أن يتركوا النشاد الشعر.
 جاء في ذيل الرواية كراهة قراءة حتى شعر الحق فعلى هذا حتى المنشدين (المداحين) لا يجب أن ينشدوا.
 نحن نقول:
 الحق على قسمين تارة يكون الحق مقابل الباطل يعني في مقابل شعر الهجاء، وتارة الحق في مقابل العبادة وهذا مثل أشعار الولاية، العبادة، مصائب أهل البيت (عليهم السلام) وهذه وأمثالها جائزة. فعليه فإن الحق هنا أو في مقابل أشعار العبادة، أو أشارة إلى الإكثار والمبالغة في الأشعار العبادية.
 وقد ذكر صاحب الوسائل باباً تحت عنوان: بَابُ اسْتِحْبَابِ إِمَاطَةِ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ مَكَّةَ وكَرَاهَةِ إِنْشَادِ الشِّعْرِ فِي الْحَرَمِ [7] .
 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَنْ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) عَنِ الْكَلَامِ فِي الطَّوَافِ وَإِنْشَادِ الشِّعْرِ وَالضَّحِكِ فِي الْفَرِيضَةِ أَوْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ أَيَسْتَقِيمُ ذَلِكَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَالشِّعْرُ مَا كَانَ لَا بَأْسَ بِهِ مِنْهُ [8] .
 هذه الرواية دليل على أصل الجواز، ولإثبات الكراهة علينا إثبات الجواز، وإثبات المرجوحية كذلك، وأصل الجواز تثبت في مثل هذه الرواية، وتثبت المرجوحية في الروايات الأخرى.
 


[1] جواهر الکلام، ج 19، ص 340.
[2] جواهر الکلام، ج 19، ص 369.
[3] المستند، ج 12، ص 87.
[4] وسائل الشیعة، ج 3، کتاب الصلاة، أبواب أحكام المسجد، باب 14، حدیث 3.
[5] وسائل الشیعة، ج 3، کتاب الصلاة، أبواب أحكام المسجد، باب 28، حدیث 3.
[6] وسائل الشیعة، ج 9، من أبواب تروك الإحرام، باب 96، حدیث 1.
[7] وسائل الشيعة، باب 47 من أبواب مقدمات الطواف، حدیث 1.
[8] وسائل الشيعة، باب 54 من أبواب الطواف، حدیث 1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo