< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/04/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم الشك أثناء الطواف
 البحث في المسألة 23 من مسائل الشك أثناء الطواف.
 ذكرنا ثلاث طوائف من الروايات:
 الطائفة الأولى والثانية مع الاختلاف في المضمون تقول أن الشك في عدد الأشواط من ناحية النقصان توجب الفساد، ويجب إعادة الطواف ثانية.
 الطائفة الثالثة تقول بالبناء على الأقل والإكمال والطواف صحيح.
 جديد التعارض: لرفع التعارض هناك نوعان من الجمع الدلالي:
 الأول: تحمل الروايات الدالة على الإعادة على الاستحباب، وفي المحصلة يجب العمل بروايات الطائفة الثالثة، ويجب البناء على الأقل والإكمال، ولكن يستحب إعادة الطواف من جديد.
 نقول: ومع الدقيق في رواية منصور بن حازم يبدو لنا أن هذا الجمع ليس صحيحاً.
 مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِنِّي طُفْتُ فَلَمْ أَدْرِ أَسِتَّةً طُفْتُ أَمْ سَبْعَةً فَطُفْتُ طَوَافاً آخَرَ (يعني طفت شوطاً آخر لا أني طفت طوافاً آخر من البداية) فَقَالَ هَلَّا اسْتَأْنَفْتَ قُلْتُ طُفْتُ وَ ذَهَبْتُ قَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْ‌ءٌ [1] .
 الرواية صحيحة، وذيل الرواية يقول الإمام (عليه السلام) لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْ‌ءٌ وهذه قرينة على أنه عندما يقول الراوي يقول: مهما كان فإني شككت فيه فبنيت على الأقل ثم طفت شوطاً آخر وخرجت من المطاف.
 فكان الإمام (عليه السلام) قال له: إنّ هذا العمل لا إشكال فيه ولكن كان الأفضل أن تعبد من جديد ودلالات الرواية على الاستحباب دلالة حسنة.
 ومع ذلك فإننا نرى في رواية منصور بن حازم الأخرى شيئاً آخر أخرى، في حين نعلم إن الروايتين رواية واحدة، وأن الرواية نقلوها بطريقتين:
 مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ طَافَ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ فَلَمْ يَدْرِ سِتَّةً طَافَ أَمْ سَبْعَةً قَالَ فَلْيُعِدْ طَوَافَهُ قُلْتُ فَفَاتَهُ قَالَ مَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئاً وَ الْإِعَادَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَ أَفْضَلُ [2] .
 لم يرد في الرواية إن الراوي بنى على الأقل وأنه زاد شوطاً، بل إن الراوي لم يعتني بعد الشك وقطع الطواف مع هذا فإن الإمام (عليه السلام) يحكم بصحة طوافه، في ولكن يمكن إن يكون الطواف الناقص صحيحاً، فهو لم يعد الطواف من البداية ولم يبنِ على الأقل.
 الحكم بعدم الإشكال هنا على خلاف الإجماع لذا علينا حملها على ما بعد الفراغ، يعني إن شكه كان بعد الانتهاء من الطواف.
 والنتيجة إن رواية منصور بن حازم الأولى متعلقة بما قبل الفراغ لأنه زاد شوطاً وهذا علامة أنه لم ينته من الطواف بعد.
 والرواية الثانية تحمل على ما بعد الفراغ، بناءً عليه فإن في الروايتين تضاد لأن أحداهما تتعلق بما قبل الفراغ والأخرى تتعلق بما بعد الطواف ولكن إذا قبلنا القول بأن الروايتين رواية واحدة وأن الرواية اخطئوا في النقل، فالمحصلة إن الرواية تصبح مبهمة، ولا يمكن العمل بها، ولا يمكن أن تكون شاهداً على الجمع، وبالتالي تسقط من الجمع الدلالي.
 يضاف على ذلك فإن الروايات الدالة على الإعادة متعددة وجميعها في مقام البيان، ومن البعيد أن تحمل هذه الروايات على الاستحباب لرواية منصور بن حازم وخصوصاً إنها تعاني من إشكال في الدلالة.
 الجمع الدلالي الثاني:
 نحمل روايات الطائفة الثالثة على ما بعد الفراغ وتحمل روايات الطائفة الأولى والثانية على ما قبل الفراغ، والمحصلة إنه قبل الفراغ يجب إعادة الطواف، وبعد الفراغ لا يعني بالشك.
 وهذا الجمع يمكن قبوله.
 إذا سلمنا أننا لم نستطع أن نجمع بين هذه الروايات، ولم نستطع حل التعارض، فإنه مما لا شك فيه أننا نقدم روايات الطائفة الأولى والثانية للشهرة الرواية، والفتوائية كذلك، وفي المحصلة الترجيح يكون لتلك الروايات.
 والنتيجة أن كلام المشهور أقوى، وأن السيد الماتن أفتى في التحرير طبقاً للمشهور.
 بقي هنا شيء:
 وهو ما حكم من شك بين الشوط السابع والثامن قبل الوصول إلى الحجر الأسود؟
 يذهب السيد الماتن إلى بطلان الطواف، وكذلك ذهب آخرون إلى البطلان في حين أنه لم يذكر هذا الفرع في أي رواية!
 يعرض صاحب الجواهر والبعض الآخر دليلاً لا نستطيع قبوله، فإنه يقول: الطواف المذكور فاسد لأن الأمر دائر بين محذورين.
 فإذا أراد أن يكمل الشوط فمن المحتمل أن يكون الشوط الثامن والإضافة توجب البطلان وإذا قطعه. وبقطعة يمكن إن يكون الشوط السابع فيصبح عدد الأشواط ستة.
 وهذا العلم الإجمالي بين المحذورين يسبب إعادة الطواف من جديد، وفي الصلاة كذلك فإذا حصل علم إجمالي بحيث يكون طرفي الشك مبطل للصلاة فيجب إعادتها من جديد.
 نقول: ذكر في باب العلم الإجمالي بأن العلم الإجمالي في بعض الأحيان ينحل بالأصل الموضوعي.
 مثلاً: لدينا علم إجمالي بنجاسة أحد الانائين ففي هذه الحالة يجب اجتناب الانائين. ولكن في حال العلم بالحالة السابقة لأحد الانائين، نستصحب الحالة السابقة وينحل العلم الاجمالي.
 ومثال ذلك إذا كان حال أحد الانائين النجاسة أو الطهارة فستصحب تلك الحالة، والشك في الطهارة أو النجاسة للطرف الآخر تصبح من باب الشك البدوي بحيث تجري أصالة الطهارة.
 وما نحن فيه مثل ذلك لأنه لدينا أصل باسم عدم الزيادة وعندما نجري هذا الأصل، يحكم العقل بإكماله وليس هنا احتمال زيادة في العمل أكمله.
 لذلك لا يكون هناك أمر بين المحذورين.
 مع هذا نقول: مع التدقيق في الروايات نجد أن هناك خمس روايات من قبيل كبرى الكلية وملخصها أن أي شك في الطواف يوجب بطلانه.
 نعم: هناك أمثلة موجودة في الروايات وجميعها من باب الشك في النقيصة، وليس فيها فرع الشك في الزيادة قبل الوصول إلى الحجر الأسود، ولكن يستفاد من القاعدة الكلية أنها تشمل الشك في الزيادة قبل الوصول إلى الحجر الأسود أيضاً.
 والروايات عبارة عن الأحاديث 4، 11، 12، 13، من الباب 33، من أبواب الطواف، وهناك روايتان في باب 66.
 أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْمُرْهِبِيِّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّانِي (عليه السلام) قَالَ قُلْتُ رَجُلٌ شَكَّ فِي طَوَافِهِ فَلَمْ يَدْرِ سِتَّةً طَافَ أَمْ سَبْعَةً قَالَ إِنْ كَانَ فِي فَرِيضَةٍ أَعَادَ كُلَّمَا شَكَّ فِيهِ وَ إِنْ كَانَ نَافِلَةً بَنَى عَلَى مَا هُوَ أَقَلُّ [3] .
 وعبارة الإمام (عليه السلام): إِنْ كَانَ فِي فَرِيضَةٍ أَعَادَ كُلَّمَا شَكَّ فِيهِ قاعدة كلية.
 عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ طَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ فَلَمْ يَدْرِ سِتَّةً طَافَ أَمْ سَبْعَةً أَمْ ثَمَانِيَةً قَالَ يُعِيدُ طَوَافَهُ حَتَّى يَحْفَظَ [4] .
 الرواية تذكر الشك في الزيادة كذلك والإمام بطريقة القاعدة الكلية يقول: يعيد طوافه حتى يحفظ سواء من ناحية النقيصة أو الزيادة.
 عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ شَكَّ فِي طَوَافِ الْفَرِيضَةِ قَالَ يُعِيدُ كُلَّمَا شَكَّ [5] .
 الرواية ليست منحصرة بالشك في الأقل أو الأكثر والراوي يسأل عن أصل الشك، والإمام (عليه السلام) يعطيه قاعدة كلية.
 فِي مُعْجِزَاتِ صَاحِبِ الزَّمَانِ (عليه السلام) عَنْ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ عَنِ‌ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَسْتَرْآبَادِيِّ قَالَ كُنْتُ أَطُوفُ فَشَكَكْتُ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَ نَفْسِي فِي الطَّوَافِ فَإِذاً شَابٌّ قَدِ اسْتَقْبَلَنِي حَسَنُ الْوَجْهِ فَقَالَ طُفْ أُسْبُوعاً آخَرَ [6] .
 والرواية في مطلق الشك كذلك، وحكم إعادة الطواف عام فيشمل صورة الشك في الزيادة والنقيصة.
 عَنْ صَفْوَانَ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ ثَلَاثَةٍ دَخَلُوا فِي الطَّوَافِ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ احْفَظُوا الطَّوَافَ فَلَمَّا ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ فَرَغُوا قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَعِي سِتَّةُ أَشْوَاطٍ قَالَ إِنْ شَكُّوا كُلُّهُمْ فَلْيَسْتَأْنِفُوا وَ إِنْ لَمْ يَشُكُّوا وَ عَلِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا فِي يَدَيْهِ فَلْيَبْنُوا [7] .
 وحكم الإمام في هذه الرواية عام كذلك.


[1] وسائل الشیعة، ج 9، باب 33 من أبواب الطواف، حدیث 3.
[2] وسائل الشیعة، ج 9، باب 33 من أبواب الطواف، حدیث 8.
[3] وسائل الشیعة، ج 9، باب 33 من أبواب الطواف، حدیث 4.
[4] وسائل الشیعة، ج 9، باب 33 من أبواب الطواف، حدیث 11.
[5] وسائل الشیعة، ج 9، باب 33 من أبواب الطواف، حدیث 12.
[6] وسائل الشیعة، ج 9، باب 33 من أبواب الطواف، حدیث 13.
[7] وسائل الشیعة، ج 9، باب 66 من أبواب الطواف، حدیث 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo