< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/04/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم الشك أثناء الطواف
 كان البحث في المسألة 23 من مسائل الطواف.
 وهذه المسألة ترتبط بالشك أثناء الطواف، قلنا بأن هناك ثلاثة حالات:
 1ـ تارةً يشك بطواف سبعة أشواط أو ثمانية عند وصوله إلى الحجر الأسود فطوافه هنا صحيح على رأي السيد الماتن.
 2ـ تارةً يشك قبل وصوله إلى الحجر الأسود، وفي أثناء الشوط، بأنه في الشوط السابع أو الثامن، وكذلك إذا شك بأنه في الشوط السابع أو السادس. فيذهب السيد الماتن إلى بطلان طوافه هنا.
 3ـ وتارةً يشك في النقصان بأنه طاف سبعة أو ستة عند وصوله إلى الحجر الأسود، فيذهب السيد الماتن إلى البطلان كذلك.
 وخلاصة القول إن الشك في النقصان ـ سواء وصل إلى الحجر الأسود ـ أو لم يصل، باطل على أي حال، أما الشك في الزيادة في الأثناء أو عند الوصول إلى الحجر الأسود فهناك تفصيل.
 وأما الفرع الأول: تمسك صاحب الجواهر وآخرون بأصلين، وقد بحثناهما قبل هذا، وهما أصل عدم الزيادة، وأصل البراءة من مانعية الشك، قلنا أن أحدهم أصل موضوعي والآخر أصل حكمي، وأنهما ليسا من سنخٍ واحد.
 مثلاً: أشك في الماء الذي كان قليلاً سابقاً وقد لاقى نجاسة، هل أصبح كراً فاعتبره طاهراً، أم ما زال قليلاً فينجس، فالأصل الموضوعي الذي هو استصحاب عدم الكرية يقتضي هو الحكم بنجاسة الماء، عندما يجري هذا الأصل، لا يجري الأصل الحكمي أي أصالة الطهارة، وعندما يثبت الأصل الموضوعي وهو عدم كرية الماء، لا تجري أصالة الطهارة.
 وبعبارة ثانية: تارة يكون الأصل الموضوعي حاكماً وارد وأخرى وارداً، فإذا كان الأصل الحكمي يوافق الأصل الموضوعي، يقدم الأصل الموضوعي، وإذا كان أحدهما يخالف الآخر، فبعد الأصل الموضوعي لا تصل النوبة إلى الأصل الحكمي.
 وبعبارة ثالثة: إذا كان الموضوع في الأصل الحكمي هو الشك فسيزول هذا الشك بالأصل الموضوعي. وإذا كان موضوع الأصل هو الموضوع الواقعي، فلا يذهب الموضوع الواقعي بالأصل الموضوعي، وفي المحصلة الأصل الموضوعي حاكم على الحكم الواقعي فيقول إن الحم ليس واقعياً وفي مثل الكر ليس بواقعي بل هو بحكم الواقعي ـ إذا كانت الحالة السابقة الكرية.
 مثلاً: جاء في الرواية القرعة لكل أمر مشكل، وهذا أصل حكمي، ففي حالة يمكن التكليف عن طريق الاستصحاب، فالأمر ليس مشكلاً، فينحل الأمر، ولا تصل النوبة إلى القرعة.
 إن قلت: إن أصل عدم الزيادة هو أصل مثبت، فإذا شك المكلف بأنه طاف سبعاً أو ثمانية فالأصل عدم الزيادة، ولازمه العقلي هو إن المكلف به وهو سبعة أشواط قد حصل وأما الشوط الثامن ليس موضوعاً لحكم شرعي بل لازمه العقلي موضوع للحكم الشرعي فالأصل مشير إتيان المكلف بسبعة أشواط، وإلا عدم الإتيان بثمانية أشواط ليس موضوعاً للحكم الشرعي بل موضوع الحكم الشرعي هو اللازم العقلي، والأصل هنا أصل مثبت.
 قلت: السبعة أشواط ليس عنواناً بسيطاً بل هو مركب من سبعة أشواط، وعندما يحصل المركب يتم العمل، والأصل هو عدم الثمانية أشواط كذلك.
 نعم إذا كان الطواف عنواناً بسيطاً، ففي هذه الحالة فإن لازمه العقلي وهو وجود السبعة أشواط، وعدم الثمانية أشواط هذا إذا كان الطواف عنواناً بسيطاً ولكن الأمر ليس كذلك.
 بناءً عليه سبعة أشواط حاصل بالوجدان فنضم إلى ما حصل بالوجدان عدم الزيادة فنطمئن بحصول التكليف بشكل تام وكامل.
 والخلاصة: أننا مأمورون بسبعة أشواط وهي التي لم تصل إلى الشوط الثامن، فنحرز السبعة أشواط بالوجدان وعدم الثامن بأصالة العدم، وبذلك يسقط التكليف.
 الدليل الثاني: قاعدة الفراغ.
 عندما وصلت إلى الحجر الأسود انتهيت من العمل. وفي هذه الحالة أحتمل زيادة شوط، وقاعدة الفراغ تقول: لا تعتني بكل ما هو متعلق بالذي مضى، وفي أجزاء قاعدة الفراغ لا يلزم قصد الانصراف وبمجرد انتهاء العمل، يحصل الفراغ منه.
 طبعاً فإن صاحب الجواهر يذهب إلى أن الفراغ يحصل عندما ينصرف المكلف من الطواف، ولكننا لم بما ذهب إليه.
 الدليل الثالث: الروايات:
 مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ فَلَمْ يَدْرِ أَسَبْعَةً طَافَ أَمْ ثَمَانِيَةً فَقَالَ أَمَّا السَّبْعَةَ فَقَدِ اسْتَيْقَنَ وَ إِنَّمَا وَقَعَ وَهْمُهُ عَلَى الثَّامِنِ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ [1] .
 والرواية صحيحة السند.
 لم تذكر الرواية إن شكه في الأثناء ولكن يتضح الأمر في جواب الإمام (عليه السلام) لأن الإمام (عليه السلام) يقول: أما السبعة فقد استيقن، (وهذا يدل على استقراره عند الحجر الأسود) وهو يشك بطواف الثمانية أو التسعة، وفي المحصلة فإن طوافه قد انتهى، وعليه الذهاب لصلاة الطواف.
 في باب الصلاة عند الشك بين الأقل والأكثر يجب البناء على الأقل، نعم في بعض الموارد، تبين الروايات خلاف ذلك، وتشير إلى إن الشك أثناء الطواف يوجب بطلانه.
 أما الفرع الثاني: الشك أثناء الشوط حيث يشك في الأثناء بين السبعة والثمانية أو بين السبعة والستة، فالطواف في كلا الصورتين باطل.
 أقوال العلماء:
 المشهور بين العلماء هو بطلان الطواف، ولكن عدة قليلة منهم ذهب إلى وجوب البناء على الأقل ثم إتيان المشكوك.
 يقول صاحب المستند: و إن كان الشك في الأثناء فی النقیصة کأن شك بین ستة و سبعة وجبت إعادة الطواف فی الفریضة (أما في النافلة فيبني على الأقل وطوافه صحيح) وفاقاً للصدوق و الشیخ و القاضي و الحلي و الفاضلین (العلامة والمحقق) بل هو المشهور کما فی المدارك و الذخیرة و المفاتیح و شرحه بل عن الغنیة الإجماع علیه [2] .
 نقول: المسألة قطعاً ليست إجماعية.
 وصاحب الرياض يفتي طبقاً للإجماع وفقا لما ورد في الغنية مع أن الفنية مركز دعوى الاجماعات.
 يقول صاحب الرياض: بل علیه الإجماع فی الغنیة و هو الحجة [3] .
 ينقل صاحب الحدائق من كتاب المختلف للعلامة الذي ينقل الاختلاف في المسائل فيقول: اختلف الشیخان (الشیخ المفید والشیخ الطوسي) فی حکم الشك فی نقصان الطواف فقال الشیخ (الشیخ الطوسي) لو شك في طواف الفریضة هل طاف ستة أو سبعة فان انصرف لم یلتفت و إن كان في حال الطواف وجبت الإعادة و قال المفید: من طاف بالبیت فلم یدر ستاً طاف أو سبعاً فلیطف طوافاً آخر لیستیقن انه طاف سبعة [4] .
 ثم ينقل العلاّمة القول الأول عن جماعة وهو القول بالفساد القول الثاني وهو القول بالصحة و البناء على الأقل عن جماعة أخرى ويقول: وبالثاني قال الشیخ علي بن بابویه (أبو الشیخ الصدوق) وأبو الصلاح وهو قول ابن الجنید أيضا و المعتمد الأول (أي القول بالبطلان).
 بناءً عليه فإن المسألة ذات قولين، وهي أبداً ليست أجماعية، لأن القول بالبطلان مشهور والقول بالصحة غير مشهور فكيف يدعى الإجماع.
 


[1] وسائل الشیعة، ج 9، باب 35 من أبواب الطواف، حدیث 1.
[2] المستند، ج 12، ص 117.
[3] الریاض، ج 7، ص 84.
[4] الحدائق الناضرة، ج 16، ص 231.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo